الوقت- الانتقال من الدفاع الى الهجوم هي سمة العملية التي قام بها الجيش السوري في اليومين الماضيين في درعا والقنيطرة, قالبا" المعادلة التي ارستها اكثر من جهة, الملسحون والاردن وطبعا"والكيان الاسرائيلي, وضاربا" في الصميم مشروع الحزام الامني على طول خط الفصل مع فلسطين, معيدا" بعض البلدات ومحصنا" اكثر دمشق وريفها الجنوبي.
فالتقدم الاستراتيجي للجيش السوري على الجبهة الجنوبية وسيطرته على المزيد من التلال والبلدات , واجهت ما يشبه الانهيار الكامل للمجموعات الارهابية المسلحة وعلى رأسها «جبهة النصرة», التي اعلنت النفير العام في صفوف مقاتليها من اجل احتواء الانهيار ولملمة ذيول الهزيمة.
فلقد حقق الجيش السوري ومعه اللجان الشعبية تقدما كبيرا" في مناطق مهمة , ابرزها دير العدس والدماجي وتل مرعي . فهذه المناطق تقع ضمن مجرى عمليات خاضعة لإدارة الكيان الاسرائيلي والاردن مباشرة, بل واكثر من ذلك فبحسب مصدر حكومي سوري, الذي قال ان تلك المنطقة خاضعة لادارة مباشرة من امريكا وفرنسا والاردن بالاضافة الى الكيان الاسرائيلي, معتمدا" على ادلة تمتلكها الحكومة السورية .
وترتبط هذه العملية بالسعي إلى وضع حدّ لحزم الأمر الواقع الذي ينشئه العدو الإسرائيلي في مناطق محافظة القنيطرة المحاذية للجولان المحتل، بأيدي جماعات المعارضة المسلحة، كذلك فإنها تساهم في تحصين العاصمة دمشق وريفها من أي خطر استراتيجي كان يمكن أن يتشكل فيما لو بقيت المعارضة تتقدّم من درعا والقنيطرة باتجاه الشمال. وفضلاً عن ذلك، فإن لمعركة الجنوب بُعداً آخر، يتصل بصورة المعارك الجارية على مجمل الأراضي السورية. فالجبهة الجنوبية كانت الوحيدة التي «توازنت فيها المعارضة أيّ انكسار لها في ريف دمشق وحمص وحلب. وسلبها هذه «الميزة» سيؤثّر، بحسب مصادر متابعة عن كثب لسير المعارك السورية، في معنويات المعارضين في كل الجبهات.
وفي وقت بعد العملية أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، في بيان، أن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة نفّذت عملية عسكرية واسعة في المنطقة الجنوبية، وحققت إنجازات نوعية متتالية على اتجاهات عدة في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، وأعادت الأمن والاستقرار إلى بلدات دير العدس والدناجي ودير ماكر وأحكمت السيطرة على تلال مصيح ومرعي والعروس والسرجة، وقضت على أعداد كبيرة من إرهابيي جبهة النصرة، ولا تزال عمليات الجيش مستمرة في ملاحقة فلول العصابات الإرهابية التي انهارت تحت ضربات الجيش على عدة محاور في المنطقة.
وأضاف البيان «هذه النجاحات التي يحققها رجال الجيش السوري في المنطقة الجنوبية تكتسب أهميتها، كونها تعزز تأمين محور دمشق ـــ القنيطرة ومحور دمشق ـــ درعا من جهة وتقطع خطوط الإمداد والتواصل بين البؤر الإرهابية في ريف دمشق الغربي وريفي درعا والقنيطرة من جهة أخرى، كما أن السيطرة على مجموعة التلال الحاكمة تساعد في تطوير النجاحات العسكرية في هذه المنطقة».
وفي سياق متصل قال مصدر عسكري سوري، لوكالة «فرانس برس»، إن «هدف العمليات التي يقوم بها الجيش في ريف درعا والقنيطرة هو تأمين الحدود مع الدول المجاورة وكسر الشريط الذي يحاولون إقامته»، مضيفاً «أي منطقة يتم استعادتها من العصابات تضيف بعداً آمناً للمناطق».
اما في مجرى العمليات فتمكنت وحدات الجيش من السيطرة على بلدة الدجاني، وانتقالها من اماكن تموضعها في الريف الجنوبي لدمشق لتتقدم باتجاه بلدة دير العدس، محور الفصل في الجغرافيا ما بين المحافظات الثلاث، والتي ستشكل بالنسبة إلى الجيش بوابة عمل في الأرياف التي ترتبط بها.
ولذلك فإن عملية السيطرة على دير العدس تحمل الأهمية الآتية: أولاًـ تقطيع اوصال المسلحين بين سفوح جبل الشيخ وبين ريف درعا,ثانيا" امكانية صد هجمات المسلحين من قبل الجيش واللجان الشعبية وبالتالي الحفاظ على أمان الطريق الدولي درعا ـ دمشق وتشكيل عامل ضغط على المسلحين ،. ثالثاًـ وقف مدّ المسلحين من ريف درعا والقنيطرة باتجاه الغوطة الغربية لدمشق، وتحديداً بلدة خان الشيح..
وعليه فان الايام القادمة ستشهد معارك كر وفر بين الطرفين , يقوم من خلالها الجيش السوري مدعوما" باللجان الشعبية بالعمل على اكثر من محور لتحقيق مكاسب استراتيجة بالمدى المنظور, لذلك يقوم الجيش السوري الان بتموضع قواته في منطقة دير العدس, من اجل التقدم اكثر على جميع المحاور ليزيد الخناق على المسلحين , ويحكم السيطرة على بلدات مناطق الهبارية ودير ماكرالتي هي اصلا " في حكم المناطق الساقطة بالنار بسبب سيطرته على تل مرعي وتل الصياد اللذين يشكلان مع تل رعيد وتل عفا شمال دير العدس سداً نارياً يتحكم في مجريات المعركة.
بعد انكشاف غبار المعارك تبينت خسائرالمسلحين, والتي تحدثت مصادر عن مقتل العشرات منهم, ناهيك عن الانهيار الكامل داخل صفوف المجوعات التابعة لهم, مع الحديث عن الاتهامات المتابدلة حول سبب الهزيمة, وهذا ماشهدته مواقع التواصل الاجتماعي,وقد اعتبرت بعض «التنسيقيات» أن «ما جرى يعود إلى تخاذل الفصائل في درعا والقنيطرة عن صد هجوم الجيش في عين عفا وتل عريد ثم تل مرعي».
وتواردت أنباء عن تشكيل غرفة عمليات تضم «جبهة النصرة» و «ألوية فلوجة حوران» و «لواء اليرموك» لاستعادة دير العدس ودير ماكر وكفر شمس، في مقابل توقف مفاجئ للهجوم على بلدتي نامر وقرفا والنقاط المؤمنة لخربة غزالة على الطريق الدولي بين دمشق ودرعا. هذه الخسائر اتت رغم امتلاك المسلحين بحسب مصادر صواريخ مضادة للدروع «تاو»، وأسلحة متطورة، أمريكية الصنع، وشبكة اتصالات مشفّرة يصعب اختراقها.
وفي اول رد اسرائيلي على تقدم الجيش اعتبر المحلل الإسرائيلي إيهود ياري، في تصريح للقناة الثانية، أن تقدم الجيش السوري في المنطقة سيخلق مشكلة لإسرائيل. وقال «اعتقد أن الأمر الأخير الذي تريده إسرائيل هو جبهة أخرى مع حزب الله», وقال ايضا" أنّ «المسلحين يجدون صعوبة في وقف التقدم، وأنّ الهدف المقبل للجيش السوري سيكون السيطرة على تل الحارة»، معربا" عن خشيته من امكانية انتشار الجيش مع حزب الله على الخط الحدودي مع إسرائيل في الجولان.