الوقت - بعد التطورات السياسية التي شهدها اليمن عام 2011 وما تلاها من عدوان سعودي واسع النطاق على هذا البلد في آذار / مارس 2015، لعبت حركة "أنصار الله" بقيادة " السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي" دوراً بارزاً في قيادة المقاومة للتصدي لهذا العدوان وصناعة القرار السياسي والأمني في البلاد.
وحظيت الحركة بإهتمام المراقبين، وطُرحت عدّة سيناريوهات بشأن مستقبل اليمن في ظل التطورات السياسية والعسكرية والأمنية التي يشهدها هذا البلد. ويعتقد المراقبون إن جميع هذه السيناريوهات لا يمكن تصورها دون الأخذ بنظر الإعتبار القدرة السياسية والعسكرية التي تتمتع بها حركة "أنصار الله".
ويرى الكثير من المتابعين للشأن اليمني بأن "أنصار الله" قادرة لوحدها على تشكيل الحكومة في اليمن وإدارة شؤونه لما تملكه من خبرة كافية في هذا المجال، فيما يرى آخرون بأن الحركة لم تصل بعد إلى هذا المستوى، وينبغي أن يقتصر دورها على أنها حركة إجتماعية - سياسية وتكتفي بالعمل في هذا الإطار.
ووفقاً لهاتين الرؤيتين يبدو أن هناك 4 سيناريوهات أمام "أنصار الله" لمواجهة التطورات السياسية في اليمن.
السيناريو الأول: التحرك بإتجاه تشكيل حكومة وطنية
يستند هذا السيناريو إلى ما ورد في مسودة الدستور اليمني لعام 2013 والذي ينص على تشكيل مجلس أعلى لقيادة الثورة وحل البرلمان وإنتخاب رئيس للدولة.
وبموجب هذا السيناريو تتمكن حركة "أنصار الله" من تشكيل الحكومة وإجراء إنتخابات لإختيار رئيس البلاد. ولكن هذا السيناريو يواجه تحديات عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
السيناريو الثاني: أن تكون حركة أنصار الله جزءاً من الحكومة
طبقاً لهذا السيناريو تكون حركة أنصار الله جزءاً من الحكومة وتُمنح عدداً من الوزارات وتشارك في إدارة شؤون الدولة على كافة المستويات التشريعية والتنفيذية والإستشارية. ومن الوزارات التي يمكن أن تتولاها الحركة هي الخدمات والصناعة والخارجية أو الداخلية.
السيناريو الثالث: عدم المشاركة في الحكومة
طبقاً لهذا السيناريو تكتفي حركة "أنصار الله" بالمشاركة الفعّالة والمؤثرة في صياغة قرارات وقوانين السلطة التشريعية والمؤسسات الإستشارية ولا تتدخل في شؤون السلطة التنفيذية. ويبدو أن هذا السيناريو لا يضمن للحركة دوراً كبيراً في رسم الخريطة السياسية في اليمن على المديين البعيد والمتوسط.
السيناريو الرابع: تشكيل إقليم شيعي في شمال اليمن
وفقاً لهذا السيناريو تقوم حركة "أنصار الله" بتشكيل إقليم يتمتع بإدراة ذاتية في شمال اليمن، وهي منطقة تتمتع بأهمية إستراتيجية. ولكن يبدو أيضاً أن هذا السيناريو لن يحظى بالقبول ولايمكن تطبيقه على أرض الواقع بسبب معارضة بعض دول المنطقة لاسيّما السعودية.
ورغم أن هذا السيناريو يبدو مقبولاً من الناحية الشكلية لحل الأزمة السياسية في اليمن لكنه يواجه عقبات خارجية كونه يتناقض مع مصالح وأهداف بعض الدول الإقليمية وبالذات السعودية المصرّة على الإستمرار في عدوانها على اليمن بعد نجاحها في عرقلة مفاوضات الكويت، في وقت أكد فيه الناطق الرسمي لحركة أنصار الله "محمد عبدالسلام" إن "الإتفاق السياسي الجامع بين اليمنيين أحزاباً ومكونات هو إتفاق السلم والشراكة وهو العقد الجامع والوحيد حتى هذه اللحظة.
وجاءت تصريحات عبدالسلام كردٍ على تسريبات الوسيط الأممي في مشاورات الكويت "إسماعيل ولد الشيخ" الذي يتجاهل ذكر إتفاق السلم والشراكة في لقاءاته ومؤتمراته الصحفية كأحد مرجعيات المشاورات ويكتفي بالقول "مرجعيات المفاوضات هي مبادرة مجلس التعاون وقرارات مجلس الأمن لاسيّما القرار 2216".
وتجدر الإشارة إلى أن زعيم حركة "أنصار الله" السيد "عبدالملك الحوثي" كان قد أكد في وقت سابق إن الحلول السياسية ممكنه في اليمن وقد قدّمت الحركة الكثير من المخارج في هذا المجال، شريطة أن تحتكم الأطراف الأخرى إلى المنطق والعقل والحكمة وتتحرك لخدمة مصالح الشعب اليمني وليس في إطار الأجندات الخارجية.
ويرجح الكثير من المراقبين أن تقوم السعودية حتى في حال وقف عدوانها على اليمن بتحريك عملائها في داخل هذا البلد لاسيّما في المدن الجنوبية لإثارة الفتنة الطائفية عن طريق الجماعات السلفية والتكفيرية الموالية لها، ولهذا يجب على حركة "أنصار الله" العمل على إجهاض هذا المشروع من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية أو المشاركة الفعّالة فيها والتنسيق التام مع بقية الأطراف السياسية لتعزيز اللحمة الوطنية والسلم الأهلي في عموم البلاد.
كما ينبغي للحركة الإسراع بوضع الخطط والبرامج الكفيلة بإعادة إعمار ما دمره العدوان السعودي في عموم البلاد، وإتخاذ خطوات عملية للنهوض بالقطاع الإقتصادي الذي يشكل الركيزة الأساسية للنهوض ببقية القطاعات الصناعية والإجتماعية والخدمية والثقافية والعلمية، والذي سيسهم بدوره في تثبيت الوضع السياسي وبسط الأمن في عموم البلاد.
من خلال قراءة هذه المعطيات يتبين أن الدور الذي يمكن أن تلعبه حركة "أنصار الله" في رسم وبناء مستقبل اليمن هو دور محوري شريطة أن تسعى لتلبية متطلبات مرحلة ما بعد العدوان السعودي في مختلف المجالات الدينية والسياسية والأمنية والإقتصادية بالتعاون مع الحركات والأحزاب الوطنية الأخرى لضمان أمن وإستقرار البلاد والعيش بحرية وكرامة وسلام بعيداً عن أيّ تدخل أو هيمنة أجنبية.