الوقت - تحولت قضية إستغلال السياسيين في فرنسا للنساء إلى عنوان رئيسي في وسائل الإعلام في الآونة الاخيرة. وأثارت الفضيحة الأخلاقية لنائب رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية "دنيس بوبان" سلسلة من الإحتجاجات ضد الفساد الأخلاقي للشخصيات السياسية الفرنسية.
وقبل أيام أطلقت 17 وزيرة فرنسية سابقة حملة جديدة ضد التحرش الجنسي تحت شعار "لن نصمت بعد الآن" طالبن فيها بإتخاذ إجراءات صارمة لحماية النساء من التحرش.
ودعت السياسيات والوزيرات الفرنسيات في بيان مشترك عبر صحيفة "جورنال دو ديمانش" الفرنسية بـ"إعلان النفير لمواجهة التحرش الجنسي في المجتمع، لاسيّما في عالم السياسة". ومن أبرز الموقعات على الدعوة رئيسة صندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد" ووزيرة الصحة السابقة "روزلين باشلو" ووزيرة الإسكان السابقة "سيسيل دوفلو".
دنيس بوبان
وقالت الوزيرات إنهن ذوات توجهات سياسية مختلفة لكنهن متحدات في إصرارهن على مواجهة "قانون الصمت" الذي يحكم حالات التحرش، خاصة في الحقل السياسي. وأشرن إلى أنهن أضطررن للتعايش مع ملاحظات جنسانية مُهينة، ودعونَ إلى جعل القوانين أكثر صرامة في تعاملها مع حالات التحرش لتشجيع عدد أكبر من النساء على اللجوء للمحاكم.
ونوّهت الوزيرات إلى أن القوانين التي تحمي المرأة خصوصاً في ميدان العمل غير كافية، والعقوبات لا تنفذ إلاّ في حالات قليلة. كما طالبن بأن يُسمح للجمعيات الحقوقية أو النسائية بتمثيل الضحايا في ملاحقة مرتكبي أعمال التحرش أمام المحاكم الفرنسية، وأن يتم إلغاء إمكانية تحويل القضايا إلى محكمة الجنح حتى لا تخفف العقوبة على المعتدي.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن "مونيك بلتير" المسؤولة السابقة في القضاء الفرنسي والتي يبلغ عمرها الآن 89 عاماً أشارت مؤخراً إلى أنها تعرضت إلى التحرش الجنسي قبل 37 عاماً من قبل أحد السياسيين الفرنسيين، معربة عن إحساسها بالخجل والحرج من ذكر هذه الحادثة المشينة بعد كل هذه المدة.
وأكد عدد غير قليل من النساء الفرنسيات كذلك بأنهن تعرض للإبتزاز والتحرش الجنسي من قبل العديد من المسؤولين مقابل الحصول على وظيفة، وطالبن بالتصدي الحازم لهذه الظاهرة المؤسفة جداً.
والإحتجاجات الحالية الواسعة النطاق التي تندد بالتحرشات الجنسية من قبل المسؤولين الفرنسيين لم يسبق لها مثيل منذ إعتقال "دومينيك ستروس كان" المرشح الإشتراكي للإنتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2011 والمدير السابق لصندوق النقد الدولي بتهمة إغتصاب نادلة فندق "الكارلتون" في نيويورك.
دومينيك ستروس كان
وأثارت قضية التحرش الجنسي لدنيس بوبان (54 عاماً) الذي أضطر إلى ترك منصبه مطلع الأسبوع بعد أن فضحت نائبات ممارساته اللاأخلاقية معهن؛ أثارت من جديد عدد لا يحصى من ملفات الفساد الأخلاقي للسياسيين الفرنسيين مع موظفات أو صحفيات والتي بلغت حدّاً أجبر العشرات من السياسيات الفرنسيات للمطالبة بشكل علني لوضع حدٍّ لهذه الممارسات المخجلة والبعيدة عن القيم النبيلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها بوبان بالفساد الأخلاقي، فقد سبق له أن أُتهم أيضاً بإرسال رسائل نصيّة ذات محتوى جنسي إلى إحدى مستشارات "حزب الخضر" الفرنسي الذي ينتمي له بوبان على الرغم من معارضتها لتلك الرسائل.
وذكرت هذه المستشارة وأسمها " الين دیبوست" بأنها تلقت من "بوبان" أكثر من 150 رسالة نصيّة جنسية خلال بضعة أشهر، وقد نشرت صحيفة " جورنال دو ديمانش" الأسبوعية الفرنسية في عددها الأخير قسم من هذه الرسائل.
من جانبها ذكرت "ساندرین روسو" المتحدثة بإسم حزب الخضر لإحدى شبكات الإذاعة الفرنسية إن بوبان تحرش بها جنسيّاً وبشكل مزعج خلال حفل ضيافة في أحد أيام أكتوبر / تشرين الأول عام 2011. كما ذكرت ثمان نساء لصحيفة "جورنال دو ديمانش" إن "بوبان" تعامل معهن بطريقة مشابهة، فيما أكدت "إيزابيل أتار" عضو البرلمان الفرنسي إن التحرش كان بشكل شبه يومي مع رسائل نصيّة بذيئة ومستفزة.
ولا يقتصر الفساد الأخلاقي من قبل السياسيين الفرنسيين على هذه الفضائح؛ بل أشارت صحيفة "التلغراف" إلى كتاب إنتشر مؤخراً في فرنسا يتناول الحياة داخل قصر "الإليزيه" ومحيطه، كاشفاً النقاب عن الفضائح الأخلاقية لعدد كبير من المسؤولين في الحكومة الفرنسية.
وجاء في الكتاب إن وزير المالية الفرنسي "ميشال سابان" تصرف بشكل غير أخلاقي ومفضوح مع إحدى الصحفيات على هامش إجتماع المنتدى الإقتصادي العالمي (دافوس) العام الماضي. وقد أقرّ "سابان" بهذا التصرف غير اللائق.
ميشال سابان
وفي مايو / أيار العام الماضي نشرت مجموعة من المندوبات الصحفيات الفرنسيات مقالاً إستنكرن فيه التعليقات غير اللائقة والتحرش الذي كن يضطررن للتعامل معه خلال عملهن، مشيرات إلى أمثلة كثيرة عما تعرضن له من مضايقات.