الوقت- أربكت الأحداث الأخيرة في اليمن الذي وصف على مدى الزمن بـ”السعيد”، الكثير من المهتمين والمتابعين للشأن اليمني، وقد شهدت الساحة هناك تطورات خطيرة تمثلت في اندلاع المواجهات بين اللجان الشعبية وعناصر الحماية الرئاسية في محيط دار الرئاسة وعدة أحياء بصنعاء، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بمن بدأ في تفجير الوضع.
الرئيس هاي يسعى لتفجير الوضع، وقد وجه أوامر للجيش بالتحرك ضد اللجان الشعبية في صنعاء حسب زعم أنصار الله، في حين اعتبر مقربون من هادي أن الاشتباكات قد بدات عندما نشر الحوثيون"أنصار الله" الكثير من مسلحي اللجان الشعبية على طول شارع الستين المطل على دار الرئاسة ومنزل الرئيس، بعد اعتقالهم لمدير مكتب هادي. بعد تسليم جهازا الأمن العام والقومي ومقر وزارة الدفاع في صنعاء مقراتهم للجان الشعبية دون مقاومة في ظل رفضت قيادات في الجيش الانصياع لأوامر الرئيس هادي والتورط في القتال ضد اللجان الشعبية، اعلن وزير الداخلية اليمني جلال الرويشان بدء سريان وقف اطلاق النار بين اللجان الشعبية وقوات الحرس الرئاسي في صنعاء،عقب تشكيل لجنة من الطرفين لتطبيع الأمن، وقد التزم أنصار الله بقرار وقف اطلاق النار.
عبد ربه منصور هادي الذي اعتبر حلا توافقيا لإنقاذ اليمن من هاوية السقوط في المجهول، تحول الى جزءا رئيسيا من كل هذا التدهور الذي يعصف بالبلاد خاصةً بعد تسريب المكلمة الهاتفية مع مدير مكتبه، فماذاً حصل في صنعاء فجر الاثنين.؟ ولماذا قام أنصار الله باعتقال مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك؟
مخططات هادي وتسجيل “المؤامرة”
كشف التسجيل الأخير بين الرئيس هادي ومدير مكتبه حجم المؤامرة على اليمن بشكل عام، والجنوب على وجه الخصوص، وكذلك حجم احتقار الرئيس هادي للجنوبيين، فضلاً عن تلفظه بكلمات نابية على قيادات جنوبية.
الرئيس هادي ضرب اتفاق السلم والشراكة عرض الحائط، وقد تحدث مع مدير مكتبه حول ضرورة إقرار الأقاليم الستة، وقدّم مسودة الدستور إلى الهئية الوطنية من دون أن ينظر في طلب “الحراك الجنوبي” وزعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، بإعادة النظر في تقسيم الأقاليم، مؤكداً أن المجتمع الدولي سيقف مع هذا القرار وأنه لن يستطيع أي طرف أن يقف أمام هذا القرار، "ولا أحد يقدر يرفع رأسه بعد ذلك".
أنصار الله كشفت عن وثائق تتعلق بتمويل تنظيم القاعدة بالمال والسلاح، وبمخطط تقسيم وتمزيق اليمن، تم العثور عليها في حوزة مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك، وأضافت أن الوثائق تتضمن مخططاً “الاستراتيجية الأمنية” أي مواجهة التحديات الأمنية بالبلد .
فصل جديد من فصول المؤامرة تمثل بغض هادي للطرف عن تزداد نفوذ الإسلاميين المتشدّدين في محافظة مأرب النفطية، وقد أكدت بعض المصادر أن الرياض اتصلت بهادي وحذرته من أي تحرّك في مأرب، واصفةً مأرب”بالخطّ الأحمر”.
اعتقال بن مبارك
لم تلقى كافة الدعوات من حركة “أنصار الله” للرئيس هادي حول ضرورة العمل باتفاق “السلم والشراكة”، وإعادة تشكيل “ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ الوطنية ﻟلرقابة ﻋﻠﻰ مخرجات ﺍﻟحوﺍﺭ”، بما يضمن التمثيل الصحيح لجميع القوى السياسية أذاناً صاغية، لذلك وجدت الحركة نفسها تصل إلى طريق مسدود مع الرئاسة اليمنية. طفح الكيل عند “أنصار الله”، لذلك قاموا أثناء ذهابه إلى مقر الرئاسة لتسليم مسودة الدستور الجديد لهيئة مراقبة مخرجات الحوار الوطني باعتقال أحمد بن مبارك، مدير مكتب الرئيس وأمين عام الحوار الوطني، والعقل المدبّر والمخطط والمنفذ لكل ما يدور في خلد الرئيس اليمني، حسب وصفهم. بن مبارك الذي يرتبط بأكثر من سفارة أجنبية في صنعاء، متهمٌ لدى الجماعة بالعمالة للولايات المتحدة، وقد رفضت تكليفه بتشكيل الحكومة سابقاً.
اليمن"السعيد"..الى أين؟
اذاً، تعتبر حركة أنصار الله أن سبب الأزمة الحالية هو تعنت السلطة وانصاعيها للأوامر الخارجية، ومخالفتها للاتفاق السلم والشراكة الذي حظي بدعم اقليمي ودولي، وقد أكد رئيس المكتب السياسي لحركة انصار الله ومستشار الرئيس هادي، صالح الصماد انه مهما كانت تداعيات التصعيد ومهما كانت خطورتها فهي اسهل بكثيرمن خطورة السكوت علی الانحرافات التي كانت ستؤدي بالوطن الی الهاوية، داعياً ومن منطلق الحرص علی مستقبل البلاد الالتزام بالنقاط التالية في اي تفاهمات جديدة :
1- تصحيح وضع الهيئة الوطنية قبل اي عمل كما نصت علی ذلك وثيقة اتفاق السلم والشراكة .
2- حذف الاضافات في مسودة الدستور المخالفة لاتفاق السلم والشراكة .
3- البدء في شراكة عادلة تضمن شراكة انصار الله وحلفاءهم والمكونات المظلومة في تهامة والجنوب وغيرها للقضاء علی الاستبداد السياسي علی ان لاتقل تلك الشراكة في الحد الادنی عما حصل عليه احد طرفي المحاصصة في ثورة 2011 .
4- الالتزام بمحاربة الفساد والالتزام بما توصلت وستتوصل اليه اللجنة الاقتصادية من معالجات بما في ذلك ملاحظاتها علی موازنة 2015.
5- سرعة تنفيذ اتفاق السلم والشراكة وعلی وجه الخصوص مايتعلق بمارب لدرء الفتنة وتجنيب مارب الحرب وكذلك تنفيذ كل ماورد في الملحق الامني والعسكري وكذلك كل ماورد في اتفاق السلم والشراكة فاذا لم يتم تنفيذ ماسبق علی وجه السرعة ومن خلال جلساتي مع الثوار فهناك اصرار علی استمرار التصعيد وكلما تاخرت الجهات المعنية عن الاستجابة فمن الصعب التراجع عن التصعيد وستكون الكلفة اكبر مع انها استحقاقات نصت عليها مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة .
اليمن ليس في خطر فحسب بل أمام منعطف تاريخي، لذلك وجهت الحكومة اليمنية الدعوة لكافة أطراف اتفاق السلم والشراكة لاجتماع عاجل اليوم الثلاثاء برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي، لبحث صياغة خارطة طريق عملية وعاجلة لوقف العنف ومنع انحراف العملية السياسية وانجرار الوطن إلى هاوية الدمار، وقد واعتبر البعض أن مستقبل اليمن سيحدد اليوم، وما نشهده مخاض آلام ولادة يمن جديد.
نجح أنصار الله في اثبات انفسهم على الساحة اليمنية بشقيها السياسي والعسكري، وقد قصمت التحركات الأخيرة للحوثيين ظهر هادي ومخططاته في جر اليمن الى حيث تريد السعودي الممثل”غير الشرعي” لأمريكا، ولكن هل ستنجح مشاورات اليوم بين المكونات السياسية في تحصين اليمن من مؤمرات الفتنة والتقسيم، أم سيلجاً الرئيس اليمني بعد فشله في الداخل الى الجار السعودي والمجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي سيعقد اليوم الثلاثاء جلسة طارئة لمناقشة تطورات الأوضاع في اليمن، ولا نستبعد فرض عقوبات على جماعة أنصار الله هناك، تساؤلات بحاجة للاجابة، ولكن ننتظر الوقت ليحكم.
