الوقت- "تتجه الأمور نحو صراع مباشر بين مراكز القوى التابعة للحليفين القدامى"، هكذا علّقت مصادر خاصّة في الحزب الحاكم على ما يدور في الشارع التركي حول الخلاف الأخير بين الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو بسبب "النظام الرئاسي" وطريقة التعامل مع "النواب الموالين للأكراد.
رغم محاولة الحليفين إخفاء صراع الزعامة، إلا أن حجم الخلافات تعدى الدوائر المقربة من الرجلين، لتتأكد التكهنات التي برزت منذ فترة حول "صراع العمالقة" في حزب العدالة والتنمية ما ينذر بقسم ظهر الحزب الذي برز إلى الحكم منذ عام 2002.
صراع العمالقة
رغم أن الخلاف ليس بجديد بين الرجلين، حيث قال ناسوهي غونغور، وهو كاتب عمود صحفي مقرب من أردوغان، في برنامج تلفزيوني مباشر، إن الوقت قد حان لرحيل أحمد داوود أوغلو، لأنه يمنع انتقال تركيا إلى نظام رئاسي، وبالتالي يمنع البلاد من المضي قدما، إلا أن الخطوة التي اتخذت خلال اجتماع للجنة التنفيذية لحزب العدالة والتي تولي الحزب سلطة تعيين مسؤولي الحزب بالأقاليم بدلاً، من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، في خطوة تمثل تقليصاً لسلطته على أنصار الحزب، وتعزيزاً لنفوذ الرئيس رجب طيب أردوغان، كشفت للرأي العام حجم الهوة الموجودة في العلاقة بين الرجلين.
غونغور، المقرب من الرئيس، قال خلال ظهوره على القناة الموالية لأردوغان، أن تركيا تعاني فراغا سياسيا لأن حكومة داوود أوغلو تمنع مناقشة جادة في البرلمان بشأن الانتقال إلى النظام الرئاسي، موضحا أن هذا الخلاف أدى إلى نشوء اثنين من مراكز القوى في تركيا، وهما رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
مسؤول كبير بحزب العدالة والتنمية علّق على قرار الحزب قائلاً: "هذا القرار سيضعف سلطة داود أوغلو على الحزب، لن تكون مهمة داود أوغلو سهلة بعد هذا القرار"، وطلب المسؤول عدم نشر اسمه لما ينطوي عليه هذا الأمر من حساسية.
في السياق ذاته، قال الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز إيدام البحثي في إسطنبول سينان أولجين: "داود أوغلو يريد تشكيل مجال سياسي لنفسه، لكن أردوغان لا ينوي السماح لرئيس اللجنة التنفيذية، سواء كان داود أوغلو أو أي شخص آخر، أن يكون له قدر كبير من الاستقلالية السياسية".
وأضاف "أردوغان عاقد العزم على السيطرة على اللجنة التنفيذية وعلى جدول الأعمال السياسي للبلاد أيضاً، ولن يستطيع القيام بذلك إلا إذا كان لديه هذه الدرجة من السيطرة".
من جانبه، وصف نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والمتحدث باسم الحزب عمر جيليك التحرك بأنه خطوة فنية، وقال إنه لا يشير إلى أي "أزمة" في الحزب
الإعلام الأردوغاني: خيانة ومؤامرة لإسقاط الرئيس
لم يقتصر الخلاف بين الرجلين على النظام الرئاسي في البلاد، بل يتعداه الأمر إلى الملف الكردي الذي يشكل هاجساً كبيراً لأردوغان، فقد كشفت صحيفة "حرييت" التركية أن أردوغان غير راض عن الطريقة التي يدير بها داوود أوغلو التعامل مع مسألة رفع الحصانة البرلمانية عن النواب المؤيدين للأكراد من حزب الشعوب الديمقراطي. ويريد أردوغان أن يفقد هؤلاء الأعضاء حصانتهم، ويحاكموا بتهمة دعم الإرهاب.
ووفقا لرسائل "غير مباشرة" يبثها الإعلام الموالي لأردوغان وما نشره مجهول على الإنترنت، يعتقد أنه أحد مستشاري أردوغان، فإن الرئاسة التركية ترى أن داوود أوغلو متورط في مؤامرة غربية لإسقاط أردوغان، الأمر الذي وصف بـ"دليل خيانة داوود أوغلو لأردوغان"
الدستور التركي
خطوة أردوغان تأتي رغم أنه يتعيّن عليه بموجب الدستورقطع علاقته بحزب العدالة والتنمية الحاكم عندما أصبح رئيساً في الانتخابات التي أجريت في أغسطس (آب) 2014، بعد أن ظل رئيسا للوزراء لأكثر من 10 سنوات، وذلك لأن من المفترض على رئيس الدولة أن يسمو على السياسات الحزبية، إلا أن أردوغان الذي لا يزال يتمتع بولاء شديد في الحزب، ويسعى للحفاظ على نفوذه، نزع صلاحيات أوغلو في تعيين مسؤولي الأقاليم الذين يشكلون نواة الحزب حتى لا يسمح له بترسيخ وضعه في حزب العدالة والتنمية، وبالتالي سحب البساط تدريجيًّا من تحت أقدام أوغلو، وتثبيت نفسه كمتحكم أول في الحزب الحاكم.
يذكر أن الرئيس التركي يسعى إلى تحويل النظام السياسي التركي من نظام برلماني إلى رئاسي، وهو النظام الذي تكون فيه السلطة التنفيذية مستقلة عن السلطة التشريعية، ولا تقع تحت محاسبتها، ولا يمكن أن تقوم بحلها. وفي نهاية شهر يناير 2015 طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعوته إلى انتقال بلاده من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وإصدار دستور جديد يضمن تحقيق ذلك.