الوقت- تتسارع التحضيرات للبدء بالجولة الثانية للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل وفيه ان يجلس الطرفان على الطاولة كي يتعدى ذلك الى مستوى كل الاطراف السياسية الاخرى مستقبلاً، والاهم كبح الاحتقان المذهبي الموجود والمتراكم في الكثير من الاحيان على ان لا يتم التطرق الى نقاط الخلافات الجوهرية في الوقت الحالي، مثل مشاركة حزب الله في سورية اوسلاحه، او المحكمة الدولية حول اغتيال الرئيس الحريري وليكون الحوار تثبيت لحراك الامور والخروج من الركود القائم ويعمل جاداً لتفعيل الحكومة والملفات الامنية وقانون الانتخابات على اساس الحوار المسؤول بمختلف القضايا ولفهم كل طرف لموقف الاخر.
وحيث يعقد الشعب اللبناني الامال من اجل الوصول الى نتائج تنفع او على الاقل تخفف من شدة التوتر وينظر إلى الحوار بايجابية وبما يخدم تخفيف الاحتقان والتشنج وتنظيم الموقف على ان لا يهدف الى تشكيل اصطفاف سياسي جديد على الساحة الداخلية وليس في مواجهة احد، و لا يهدف للضغط على موقف اي من القوى السياسية في الاستحقاقات الدستورية بل هي التي تساعد على اتفاق الاطراف على الساحة.
اللقاء الثاني مهم جدا لانه يعززما خرج به اللقاء الاول من نتائج لمنع الإحتقان الطائفي في البلاد، ويعمل على إيجاد تسوية للأزمات التي يعيشها البلد.
و وضع الحوار بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» على الطريق الصحيح، على ضوء الجلسة الحوارية الأولى بينهما، وظيفتها الاساسية تصحيح المسار السياسي، شكلا ومضمونا، بعد قطيعة امتدت لأكثر من أربع سنوات تعود الى ما قبل الازمة السورية التي فاقمتها، بكل ما انطوت عليه هذه المرحلة من شرخ مذهبي حاد وخطير.
قد لا تكون هناك نتائج سريعة لهذا اللقاء لكنه يمهد الطريق امام تسوية الاوضاع المتأزمة في البلاد، وهذا ما يرتجى لبلاد الارز وهو أن يعم الامن والسلام والاستقرار والازدهار ومن هذا الباب يرى الجميع اليوم ضرورة الحوار من اجل الخروج من الوضع الراهن الذي يعيشه ، فالخلافات متنوعة بين حزب الله وتيار المستقبل وكذلك بين هذين التنظيمين والكتل الاخرى، لكن مصلحة البلد تحتم ان يلتقي الجميع على مائدة الحوار وعلى نطاق اوسع لتضم مجموعات اخرى على ان ينظر بمنظور وطني وليس طائفي او مذهبي حتى وان بدأت بالطرفين المهيمنين حزب الله وتيار المستقبل.
ومن المعلوم إنّ اندلاع حرب أهلية في لبنان يورّط عشرات القوى المحلية والعربية والإقليمية في مسالكه، بينما تنهمك تلك القوى في مسائل معقدة اكبر نرى ان الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على اراضيها مستمرة وعدم وجود موقف واضح للتيار منها يزيد الطين بلة إلا استنكارات خجولة.
لذلك يحتاج حزب المستقبل في سبيل العودة إلى قواعده، لتأييد من حزب الله وهو المعادي للتكفيريين مما يؤثر على عودة «المستقبل» إلى الشارع السني الذي فقد الكثير منه بحكم السياسات الخاطئة لقيادته في التعامل مع المرحلة، ولا يستطيع الأخير العودة إلى نفوذه القديم من دون اقتسام الامور مع حزب الله وبما أنّ القدرة على الضبط بدأت تصبح غير منطقية، استشعر بحاجته الى حزب الله فكان الجلوس معه هو الاهون و الاصلح في هذه المرحلة على الاقل، وأحسّت القوى الإقليمية والدولية و شعرت ان الاوضاع في لبنان لم تعد تحتمل شدة الضغط الناتج من تسلل القوى الارهابية بسبب الاحتقان السني- الشيعي، بدليل ان داعش اوجد قواعد له في مناطق عديدة وهو يتجه للسيطرة على قلمون وعرسال ليمد نفوذه الى الشمال ومخيمات النازحين السوريين والفلسطينيين وبعض اجزاء البقاع الغربي حيث استغلت تراخي تيار المستقبل المقرب من السعودية مع اشتراك قسم من قياداته في رعاية الارهاب على المستوى التمويني والتسليحي واخباء الجناح التكفيري تحت جناح عباءته ايضاً مستفيداً من استمرار الاعلام الخليجي والسعودي في ضخ اكبر كمية ممكنة من الشحن الطائفي بواسطة الشبكات الاخطبوطية من قنوات ووسائل اعلام مختلفة اسستها لإذكاء الخلافات المذهبية اصلاً، تحت ضغط هذه الامور.
لبنان بلغت مرحلةً خطيرةً ومن الصعب علاجها في حال انفجار الأوضاع، وذلك لتشابك التناقضات والقوى المستفيدة في الداخل والخارج وتأثرها بسوادها. والقوى الكبرى مشتبكة في معظم أنحاء الإقليم لا سيما في اليمن، حيث الوضع متفجر بين الحوثيين والقاعدة، وفي البحرين بين قوى كبيرة من الشعب والحكومة، وشرقي السعودية الاستفزازات على اساس الهوية المذهبية، والعراق وسورية حيث القتال على اشده ضد قواعد العصابات الارهابية المختلفة وتعامل واشنطن معها بأزدواجية، الازمة الراهنة بين أوكرانيا و روسيا الاتحادية والتحاق جمهورية القرم الى الاخيرة والعقوبات المفروضة على روسيا من قبل الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميريكية، مطالبة فلسطين بانهاء الاحتلال والتهديدات الاسرائيلية لقطع اموال الضرائب عنها، وهي غيضٌ من فيض من الازمات التي تستشري في المنطقة.
رحلة جديدة من تنفيس الاحتقان سوف تنطلق مع بدء الحوار الثاني وعلى مايبدو من حراك الطرفين يعكس انهما يبحثان عن واقع لامناص منه لفعل الخير في ظروف ملائمة وتحت شروط ملائمة ولخلق ظروف لتمازج الرؤى بين الطرفين ليكون بالامكان الوصول الى نقاط مشتركة ليدفع القوى الباقية بالخصوص لممثلي الطائفة المسيحية المشاركة بكل كتلهم ولاحقاق حقهم المنصوص بالدستور واعتقد هذا ما سوف يعمل عليه.