الوقت ـ نتيجة لحروبها العبثية ضد دول العالم خاصة في الشرق الاوسط التي ادت الی مقتل الملايين من الابرياء في هذه المنطقة، اصبحت العديد من المدن الامريكية تعاني من الفقر المدقع، حيث أن هذا الفقر اصبح اكثر ملموسا في ضواحي العديد من الولايات الامريكية، وتصل نسبته وفقا للتقارير الصادرة من قبل المؤسسات الامريكية نفسها الی 72% اي ان نسبة نمو الفقر في هذه المناطق خلال الفترة الاخيرة وصلت الی 78%.
جاء في التقرير الذي اصدرته مؤسسة «بروكينغز» في آخر شهر يوليو أن 7 من ضواحي ولاية كلرادو تعاني من ظروف مأساوية بسب نمو الفقر في هذه المناطق بشكل لا سابق له علی الاطلاق.
ووفقا لهذا التقرير فقد وصلت نسبة الفقر في هذه المناطق الی 20% بين السكان، لا بل وصل عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر الی 35%، حيث ستكون هذه النسب ملفتة الی النظر إذا ما علمنا بأن إحصائيات الفقر في هذه المناطق كانت تعادل الصفر في بداية القرن الحالی (عام 2000). وفي الواقع يمكن القول أن تقرير مؤسسة بروكینغز يشير الی ان الفقر قد انتشر في جميع أنحاء امريكا بحيث أن سرعة انتشاره في الضواحي اخذت منحا تصاعديا فائقا مقارنة بالمدن.
ويؤكد تقرير بروكينغز ان المناطق التي كانت في السابق تسمی «بالفقيرة» خلال العقود الماضية فقد وصلت الیوم الی ظروف مأساوية جدا. بحيث انه وكما اسلفنا فقدارتفعت نسبة الفقر من 40% الی 72%. حيث ان هذه الارقام تؤكد حقائق مؤلمة جدا حول نمو الفقر بين الفقراء في المجتمع الامريكي وتشير الی أن سرعة نمو الفقر بين هؤلاء وصلت الی78%، وهذا يعني إذا ما كان هنالك في تلك المناطق في السابق 3.5 مليون إنسان فقير، فان هذا العدد من الفقراء الذين يقطنون تلك الضواحي التي تعاني من حالة الفقر الشديد قد وصل الی 5.3 مليون إنسان.
كانت المناطق الفقيرة تؤي حوالي 9.1 في المئة من مجموع الفقراء في امريكا في عام 2000، لكن الیوم فقد قفز هذا الرقم و وصل الی 12.2 في المئة.
الامريكيون الذين يعيشون في المناطق الفقيرة وفي ضواحي المدن التي تعاني من الفقر، محرومون من الخدمات التعلیمية والنظام الصحي والطبي، بالاضافة الی ان هذه المناطق تعاني من الاهمال وعدم توفر الخدمات الاجتماعية الاخری خاصة في المجال الامني.
الملفت للنظر أن امريكا وبالرغم من الحالة المأساوية التي تعاني أعددا كبيرة من شعب هذه الدولة من الفقر خاصة في ضواحي المدن، فقد نجد أن واشنطن اقحمت بنفسها بحروب عبثية عديدة في الشرق الاوسط، اثرت هذه الحروب في نمو الفقر وارتفاع نسبته بين الفقراء بشكل كبير. وإذا مانظرنا الی المشاكل التي اصبح المجتمع الامريكي الیوم يعاني منها خاصة نسبة الفقر المتفشية، فاننا نجد ان الشعب الامريكي اصبح منزعج بشكل كبير من السياسات الحربية التي تتبعها واشنطن في العالم خاصة في الشرق الاوسط. لان حروب امريكا في منطقة الشرق الاوسط لم تجلب لها اي نفع سوی ازدياد معاداة شعوب هذه المنطقة تجاه واشنطن ومصالحها في العالم.
الشعب الامريكي في الحقيقة لا يوافق علی ان تاخذ حكومته منه الضرائب لكي تسخرها لغرض الحروب في شتی بقاع العالم.
اننا الیوم نری الاحتجاجات في امريكا ضد سياسات هذا البلد تاخذ منحا تصاعديا متزايدا وهذا يدل علی ان امريكا ليس في الخارج فقط تواجه معارضة كبيرة لسياساتها بل انها في الداخل ومن قبل الشعب الامريكي نفسه اصبحت تواجه معارضة شرسة خاصة بسبب نمو الفقر وانخفاض فرص العمل والازمات الاقتصادية الداخلية.
والنتیجة انه الیوم لم يبق امام امريكا سوی الكف عن سياساتها العدوانية ضد شعوب منطقة الشرق الاوسط والانتباه الی مشاكلها الداخلية قبل فوات الاوان لان في حال ازدياد نسبة الفقر والبطالة وتفشي الازمات الاقتصادية في الداخل، سيكون من الصعب عند إذن التخلص من هذه المشاكل.
بامكان امريكا معالجة ازماتها الاقتصادية الداخلية عبر مئات المليارات من الدولارات التي تصرفها سنويا علی مغامراتها العبثية في الحروب خارج امريكا. حيث ان واشنطن تستطيع عبر استثمار هذه المبالغ المالیة الكبيرة ايجاد فرص عمل جديدة للشعب الامريكي وتخلصه من البطالة والحرمان، فاذا لم تتحقق هذه الامور فاننا سنشهد في القريب العاجل ثورة شعبية داخل امريكا من الممكن أن تهز اركان البيت الابيض وتضعفه اكثر من اي وقت مضی.