الوقت- تسير الخروقات العسكرية لـ" وقف الأعمال القتاليّة " في "عاصمة الشمال" على قدم وساق حيث تتلطّى العديد من الجماعات المسلّحة كـ"حركة أحرار الشام" و "الفرقة ١٣" ومجموعات من "الجيش الحر" تحت عباءة جبهة النصرة في ريف حلب الجنوبي، كان آخرها الهجوم الواسع الذي نفّذه أكثر من 2500 مسلح على مساحة بعرض أكثر من 30 كيلومتر بمشاركة الفصائل المنضوية في غرفة عمليات ما يسمى بـ"جيش الفتح"، إضافةً فصيلي فيلق الشام وجيش الإسلام الأمر الذي أدّى السيطرة من قبل الجماعت المسلحة على تلّ العيس وخسارة الجيش وحلفاءه عشرات الشهداء والجرحى.
لم تمض ساعات على هذه الخرق الكبيرالذي تم بمشاركة مجموعات كانت داخلةً في اتفاق وقف القتال، وأُتبع لاحقاً بإسقاط طائرة سورية من قبل "جبهة النصر" بصاروخ أرض جو في تطوّر عسكري وجدته روسياً خطيراً، حتى شُكّلت لجنة خاصّة من قبل الجيش السوري وحلفائه لإتخاذ القرار المناسب الذي تلخّص بالتجهيز لـ"المعركة الكبرى" عبر " فتح أبواب جهنّم" على كافّة الجماعات الإرهابية. غرفة علميات "عاصمة الشمال" رفعت إستعدادتها للمرحلة القصوى بإنتظار "لحظة الصفر التي ستلحق الريف الحلبي بمدينة تدمر مملكة زنوبيا"، وفق مصدر ميداني في الجيش السوري.
وعند تقسيم الكعكة الحلبية لاسيّما بعد التطورات الاخيرة تظهر هناك رؤية واضحة لإبعاد الجيش السوري وحلفائه عن المواجهة مع تنظيم داعش الإرهابي عبر إشغاله بجبهات آخرى. الجيش السوري الذي كسر الحصار عن مطار "كويرس" العسكري ليلتقي مع "داعش" وجهاً لوجه من الناحية الشرقية لعاصمة الشمال، نجح أيضاً في كسر الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء المحاصرتين منذ فترة طويلة، المنطقة التي بقيت لفترة طويلة ورقة بيد تركيا في مواجهة محور المقاومة عموماً وإيران على وجه الخصوص. اليوم أُسقطت هذه الورقة من يد "أردوغان" الغارق في المستنقع الداخلي، وتعزّز سقوطها إثر خلافه الأخير مع واشنطن، حيث باتت أعلام الجيش العربي السوري ترفرف امام أنظار الجيش التركي على الحدود مع سوريا.
واما من الناحية الجنوبية، فبعد سيطرة الجيش على مساحات شاسعة في الريف محكماً قبضته على أجزاء كبيرة من أوتوستراد حلب ــ دمشق، جاءت الهدنة لتضع العصي في عجلات الجيش السوري الذي كان يعدّ العدّة لفتح المعركة في الجبهة الغربية للمدينة على مصرعيها. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك صلة ما بين الهجوم المنسّق بدعم تركي سعودي على الجبهة الجنوبية وتنظيم داعش الإرهابي؟ ما الرابط بين هذا الهجوم وحضور قوّات أمريكية جديدة إلى الشمال السوري؟
لاشك أن التطورات الميدانية خلال الفترة الأخيرة تشير إلى نيّة إقليمية ودولية بكسر الهدنة حيث ترفض تركيا تقدّم القوات الكردية على تنظيم داعش الأمرالذي دفعها لدعم أدواتها العسكرية بغية تنفيذ جملة من الخروقات تستنفر الجيش السوري وحلفاءه للبدء بمرحلة جديدة تستفيد منها تركيا في ضرب القوات الكردية. وتتعزز هذه الرؤية مع معلومات ميدانية عن إعداد المجموعات المسلحة لعملية كبرى في أرياف حلب واللاذقية وحماه، تأتي في الإطار التركي الأمريكي حيث تفيد القراءة المعمقّة للمشهد السوري نيّة واشنطن لإشغال الجيش وحلفاءه في الجبهتين الغربية والجنوبية وإبعاده عن الجبهة الشرقية حيث يتواجد تنظيم داعش الإرهابي.
إن ما حصل قبل أيام في تدمر كان سبباً رئيسيّاً لهجوم تل العيس، بإعتبار أن دخول الجيش السوري في معركة الرقّة سيُسقط من أيادي واشنطن ورقّة قويّة تسعى لإستثمارها في الأزمة السورية، ورقةً كانت أحد أبرز الأسباب في إعلان مسؤول أمريكي قبل أيام نيّة الإدارة الأمريكية زيادة عدد جنودها من القوات الخاصة الموجودين في سوريا، فكيف ستسثمر واشنطن ورقة داعش في حال سقوطها؟ وما هي الذريعة التي ستقدّمها الإدارة الأمريكية التي باتت في خواتيمها للبقاء على الاراضي السورية؟
يبدو أن مرحلة الإنكسار الداعش قد بدأت من القلمون السوري اللبناني، ومرّت في تدمر لتصل إلى الشمال الحلبي، مرحلة تأطّرالحرب السورية للدخول في منعطف جديد يعلو فيه صوت السلاح فوق كل صوت آخر، ليسوّي محادثات "جنيف 3" بالأرض، بإعتبار أن فشل الهدنة سيؤدي تلقائياً إلى توقّف هذه المحادثات التي تحتضر في غرفة الإنعاش".
بإنتظار لحظة الصفر، لبدأ المعركة الكبرى في أرياف حلب حيث قررت قيادة غرفة العمليات المشتركة للجيش السوري وحلفائه فتح أبواب جهنم على الجماعات المسلحة في الجبهات كافة حتى تكون عبرة لجبهة النصرة والممثلين العسكريين لـ"وفد الرياض"، على رأسها ما يسمى بـ"جيش الإسلام". " إن الفراغ الذي أحدثانه يمؤازرة الحلفاء منذ أشهر في أرياف اللاذقية وحمص ودرعا وحلب وأخيراً تدمر ساعدنا في الإعداد لمعركة شاملة على مختلف الجبهات الحلبية..أيادينا على الزناد بإنتظار قرار القيادة"، وفقاً لكلام ضابط ميداني في الجيش السوري.