الوقت- قالت مجلة فورين بوليسي الامريكية ان روسيا وخلافا لاعلانها الانسحاب من سوريا تستغل وقف اطلاق النار لدعم تقدم الجيش السوري وذلك بعد ان اعلن الرئيس الامريكي قبل ايام من صدور القرار الروسي ان "بوتين" ارتكب خطأ كبيرا بسبب عملياته العسكرية الواسعة في سوريا.
وتضيف المجلة الامريكية: ان "بوتين" تفاخر بتحقيق اهدافه في سوريا وقال ان بامكان روسيا ان تنهي عملياتها في سوريا وهذا فاجأ البيت الابيض والدائرة الامنية في واشنطن وهكذا خرج "بوتين" منتصرا من الساحة مرة أخرى خلافا لما كان يعتقده الامريكيون.
وكانت هناك حقيقة بارزة في كلام "بوتين" عند اعلان سحب قواته من سوريا وهي تحقيق "بوتين" لجميع اهدافه في سوريا فقد استطاعت القوات الحليفة للاسد في سوريا من الايرانيين والعراقيين وحزب الله ان تدعم الجيش السوري بقوة خلال الشهرين الماضيين والحقت هزيمة قاسية بالجماعات المسلحة ودحرتها من مناطق استراتيجية كانت تحتلها واصبح المسلحون محاصرون في مناطق عديدة.
ان معظم المناطق التي استولى عليها الجيش السوري هي في منطقة حلب الاستراتيجية لكن الجيش السوري استطاع التقدم ايضا في محافظة درعا القريبة من الاردن وخلافا لكلام "اوباما" فإن روسيا لم تكن تتعرض لفشل كبير في سوريا بل حقق بوتين هدفه بدقة ومن ثم اعلن الانسحاب، وربما لم ينسحب في الاساس!
لقد اثبتت الاحداث الجارية في سوريا ان روسيا تتحرك خلافا للتوقعات فالهدف الرئيسي لبوتين كان الحاق الهزيمة بالمسلحين المدعومين من الغرب وهذا ما تحقق بدرجة كبيرة، لكن مهمة الروس في سوريا لم تنتهي وقد تحرك هؤلاء نحو تحقيق الهدف التالي.
ان المرحلة الاولى من المهمة الروسية كانت دعم الحكومة السورية ويبدو ان المرحلة التالية لن تقتصر فقط على حفظ الرئيس "الاسد" في السلطة بل تتضمن اعادة احياء سلطة الحكومة المركزية السورية، وهل يوجد ما هو افضل لحكومة ما من ابلاغها بانها تمتلك احتياطيا نفطيا كبيرا ويمكنها بيع هذا النفط في السوق السوداء؟
ان الجيش الامريكي يعتقد الان ان "بوتين" قد سحب فقط 20 بالمئة من طائراته من سوريا وهناك مؤشرات تدل على دخول اسلحة روسية جديدة الى اللاذقية التي تمتلك فيها روسيا قاعدة كبيرة لعمليات الرد السريع، وقد نشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخرا صورا عن اقلاع طائرات روسية من مطار حميميم تظهر فيها نوعين من المروحيات الحربية الجديدة التي لم تكن موجودة سابقا في هذه القاعدة الجوية الروسية وهما مروحية مي 28 هاوك التي تشبه مروحية الأباتشي الامريكية وتستخدم لدعم تقدم القوات البرية على الارض، ومروحية كاموف كا 52 وهي نسخة مطورة من مروحية مي 28 وتستخدم لاستهداف مدرعات العدو.
ويعتقد ان مروحيات مي 28 لعبت دورا بارزا في ضرب المسلحين في ادلب وحلب كما يمكن لمروحية كا 52 ان تستهدف بسهولة من منطقة حلب قرب الحدود التركية اهدافا في تدمر في وسط سوريا وفي درعا في جنوبي سوريا وتحمل هذه المروحية كمية كبيرة من القنابل والصواريخ المضادة للدروع.
وربما ارسلت هذه المروحيات الى سوريا للدفاع عن القاعدة الروسية في اللاذقية امام التهديدات المحتملة وهذا امر مهم لأن الطائرات المقاتلة والجنود مازالوا يواصلون عملياتهم انطلاقا من هذه القاعدة لكن هناك احتمال ان تكون هذه المروحيات ارسلت الى سوريا من اجل القيام بعمليات هجومية على غرار ما شهدناه طوال الشهور الستة الماضية.
ان مستوى التواجد العسكري الروسي في سوريا لم ينخفض بشكل كبير رغم مضي اسبوعين على اعلان سحب القوات الروسية من سوريا وتشير احصائية لوكالة رويترز ان بوتين قد ارسل عتادا حربيا اكثر الى سوريا منذ اعلان تحقيق اهدافه في هذا البلد رغم وجود احتمال بأن تكون هذا العتاد ارسل الى هناك لحماية القواعد العسكرية الروسية وفي الحقيقة يجب القول ان الاعلان عن انسحاب القوات كان سهما اطلقته ماكينة الاكاذيب الروسية.
وهناك معلومة اخرى تحتاج الى فحص لاثبات صحتها وهي ان بوتين والاسد يسعيان وراء السلام والتسوية السياسية لأن الحقائق تشير ان موسكو ودمشق تقومان بنفس العمل الذي قامتا به مرارا منذ بدء الحرب أي استغلال فرص التقدم الدبلوماسي من اجل تحقيق اهدافهما والآن يمكن الجزم بأنه ليس مقررا ان يتنحى الأسد عن السلطة في وقت قريب.
