الوقت- بعد سنّة ونيّف من العدوان السعودي على اليمن يبدو أن الأزمة تسير إلى مرحلة ما قبل 26 مارس/آذار العام المنصرم، موعد بدء الحملة العسكرية على الشعب اليمني، حيث تفضي التطورات الميدانية والسياسية إلى نتيجة واحدة مفادها إنتهاء العدوان على اليمن في المحادثات المرتقبة في الكويت في 18 أبريل/ نيسان المقبل.
آخر التطورات على الصعيد السياسي، تلك القرارات التي إتّخذها الرئيس المستقبل "عبد ربه منصور هادي"، یوم الأحد الماضي، بإقالة "خالد بحّاح" من رئاسة الحكومة ومنصب نائب الرئيس، وتعيين اللواء "علي محسن صالح الأحمر" نائباً لرئيس الجمهورية، و"أحمد عبيد بن دغر" رئيساً لمجلس الوزراء.
التطور البارز والذي يكشف عمق الفجوة القائمة بين السعودية والإمارات، يأتي قبل أسبوعين من موعد إنطلاق جولة جديدة من محادثات السلام اليمنية بقيادة "إسماعيل ولد الشيخ أحمد"، مبعوث الأمين العام الخاص لليمن، وقبل أسبوع من الموعد المقرر لبدء وقف شامل لإطلاق النار في العاشر من الشهر الجاري، ما يعزز فرضية كون العاصمة الكويت مناخاً لجمال الحرب السعودية التي نجحت للمرّة الأولى في تحقيق إنتصار سياسي في اليمن، ولكن على حليفتها الإمارات.
وتتعزّز هذه الفرضية مع تصريح "بن سلمان" الذي تقود بلاده التحالف العربي، فقد كشف ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير "محمد بن سلمان"، لشبكة "بلومبرغ" الإخبارية عن وجود وفد من جماعة "أنصار الله" في الرياض، معلناً للمرة الأولى أن المعركة تقترب من نهايتها. "بن سلمان" يضيف:"هناك تقدماً ملموساً في المفاوضات اليمنية، ونملك اتصالاً جيداً مع الحوثيين، وهناك وفد منهم في الرياض حالياً".
بصرف النظر عن صحّة هذه الإدعاءات التي رفضتها أنصار الله يبدو أن هناك نيّة سعودية لإنهاء العدوان بعد الفشل الميداني.
عند الحديث عن الفشل الميداني، لا يمكن الأخذ بالكلام السياسي حول الهدنة من قبل الرياض المستميته لتحصيل أي نصر ميداني قبل 18 أبريل/نيسان موعد المفاوضات، خاصّة أن قوى العدوان حاولت قبل أسبوع الزحف نحو ميدي الحدودية التابعة لمحافظة حجة شمالي غرب اليمن، إلا أنها تكبّدت بخسائر فادحة بلغت 130 قتيلاً بالاضافة الى تدمير 15 آلية عسكرية. لم تتعظ الرياض من تجربة "ميدي" بل حاولت يوم الإثنين الزحف نحو قرية الربوعة جنوب السعودية إلا أن قوات الجيش واللجان الشعبية نجحت في كسر هذا الزحف. ما كشفه المغرّد السعودي الشهير "مجتهد" مؤخراً حسابه على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر": إن "الحوثيين تمكنوا بعد انهيار الهدنة في مواجهة عند قرية الربوعة جنوب السعودية من أسر عدد من الأفراد والضباط السعوديين بينهم العقيد عبد الله فهد القحطاني"، يكفي للإذعان بالفشل الميداني السعودي الذي لازال يقاتل على الحدود رغم دخول العدوان في عامه الثاني.
التطورات السياسية والميدانية تفتح باب التساؤل حول الأهداف التي حقّقتها الرياض من خلال هذه العدوان على اليمن، فهل نجحت السعودية في إحتلال صنعاء؟ ألم تفشل جنوباً وشرقاً وشمال وغرباً في السيطرة على المدينة؟ هل نجحت في إعادة الرئيس المستقيل إلى العاصمة؟ ألم تجعل الرياض نفسها بعد هذه الحرب ندّاً لصنعاء بعد أن كانت تعتبرها في الفترة الماضية بمثابة فنائها الخلفي؟ ألا يؤكد عام ونيّف من الفشل السعودي على إنتصار الثورة اليمنية وإسقاط مشروع الأقاليم الست الذي يعدّ نقضاً صريحاً لإتفاق السلم والشراكة؟
لاشك في أن "هادي" الذي خذل بلاده في هذا العدوان سيكون "كبش الفداء" الذي تضحّي به السعودية، خاصّة أن مفاوضات الكويت ستحدد مصير المرحلة المقبلة التي ستستحوذ خلالها حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعب العام أو الرئيس "علي عبدالله صالح" على دور رئيسي في مرحلة ما بعد الحرب.
السؤال الذي يجب توجيهه للممثلي الرياض في الوفد الذي يعد نفسه يمنياً، هل فرضت السعودية شروطاً مسبقة على أنصار الله للتفاوض معهم كما تدعوكم أن تطالبوا؟ ألم يتم التفاوض بين الطرفين في منطقة حدودية وبطلب من الرياض عبر وساطات قبلية؟ ماذا لو صح الحديث المنسوب إلى "محمد بن سلمان" رغم أن إخراج هذه الاحاديث إلى العلن يهدف لإيجاد شرخ بين أنصار الله والرئيس السابق "علي عبدالله صالح".
قبل أن تنفض الحرب غبارها فليسجل التاريخ أن يمن الإيمان والحكمة، وكما في السابق، لايزال عصيّاً على الغزاة، وشعبه الذي أبى الضيم حمى بلاده بدماء أبناءه ونال إنتصاره بكرافة وشرف وعزّة. ولكن فليدون أيضاً في الصفحة ذاتها أن رئيساً مستقيلاً نصّب نفسه من جديد، يدعى "عبد ربه منصور هادي" خذل أبناء وطنه ووقف بوجههم مقدّماً الدعم للطائرات التي حصدت ألاف الشهدداء والجرحى دون أن يحرّك العالم ساكناً. سيدرس أطفال اليمن في تاريخ بلادهم أن عائلة "آل سعود" كانت العدو الأبرز لأجدادهم الشرفاء الذين نالوا إستقلالهم الحقيقي بعد حرب دامت اكثر من سنة، سيحفظون أيضاً أن "محمد بن سلمان" يلقّب بـ"السفّاح"، فليقرؤا حينها أن العدوان على اليمن قد إنتهى رسمياً في محادثات الكويت في 18 أبريل/ نيسان 2016 بوساطة المبعوث الاممي إسماعيل "ولد الشيخ أحمد".