الوقت - الكثير من المراقبين يعتقدون أن السعودية لم تقدم في يوم من الايام فلسا واحدا للدول التي تتلقی منها مثل هذا الدعم، دون ثمن، بل أن هذا الدعم كان دائما مشروطا بتنفيذ أجندة سعودية تخدم مصالح الرياض من قبل تلك الدول المتلقية لهذا الدعم. وتعودنا دائما بأن نری كيف كان نظام حسني مبارك مستسلما بشكل تام أمام سياسات السعودية وذلك بسبب الدعم الذي كان يتلقاه من الرياض، حيث كان مبارك يمتنع عن إتخاذ اي قرار لا ترغب فيه السعودية، حتی إن كان ذلك يخالف المصالح القومية العلیا لمصر. وبعد المعاملة المشينة لمصر (زمن مبارك والی حد ما في الوقت الراهن)، ها هي السعودية تحاول أن تجعل من لبنان ولایة تابعة ومطيعة لسياستها الاقليمية والدولية، من خلال تطميع هذه الدولة بدفع شيء من المال السعودي لها. لكن ما رأيناه من مواقف مشرفة من قبل الكثير من القيادات الحزبية والحكومية اللبنانية الرافضة للإملاءات السعودية، خلال الفترة السابقة، أدی هذا الرفض المشرّف من قبل اللبنانيين تجاه سیاسات السعودية، في نهاية المطاف الی امتعاض السلطات السعودية واتخاذها قرارا رسميا، تمتنع بموجبه عن تقديم ماكانت قد وعدت به من دعم عسكري ومالي للجيش والقوی الأمنية اللبـنانية.
الی ذلك أعرب رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام عن أسفه لقرار السعودية، إيقاف المساعدات المخصصة لتسليح الجيش وقوى الأمن اللبناني، وأعرب عن أملi أن تعيد الرياض النظر تجاه هذا القرار. وكتبت العديد من المواقع الخبرية ومن بينها موقع "المانيتور" أن القرار السعودي القاضي بعدم تخصيص ثلاثة مليارات دولار أمريكي لمساعدة الجيش اللبناني بعتاد وأسلحة فرنسية شكَّل مفاجأة لمؤيدي الخطوة ومنتقديها على حدٍّ سواء.
الی ذلك اعلن حزب الله خلال بيان اصدره يوم الجمعة الماضي ان "هذا القرار يعبر عن الموقف الحقيقي للسعودية ألا وهو رعاية الإرهاب وتسليحه وتمويله وخلق الفتن والمشاكل أينما كان على امتداد العالم العربي والإسلامي".
واوضح ان "تحميله المسؤولية عن القرار السعودي بسبب مواقفه السياسية والإعلامية في دعم الیمن الشقيق وشعب البحرين المظلوم وسواه من الشعوب التي تكتوي بنار الإرهاب السعودي وكذلك لوزارة الخارجية اللبنانية ما هي إلا محاولة فاشلة في المضمون والشكل والتوقيت لا تخدع أحدا ولا تنطلي على عاقل أو حكيم او مسؤول". مؤكدا أن "جوقة الكذب والنفاق المحلي التي سرعان ما تنخرط في حملة الاتهامات الباطلة والتزلف الرخيص لن تؤدي بدورها إلى حجب الحقيقة التي يعرفها اللبنانيون ولن تؤدي إلى تغيير الموقف السياسي الثابت لحزب الله من التطورات والأحداث في المنطقة".
وأوضح حزب الله ان "العالم بأسره واللبنانيون خاصة والمؤسسات المالیة المحلية والعالمية تعلم علم الیقين بأن السعودية تعاني من أزمة مالیة خانقة بسبب حجم النفقات الضخمة لعدوانها الآثم على الیمن الشقيق وبسبب مؤامرة انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي والتي تقف السعودية وراءها".
وعلی عكس مواقف حزب الله فقد حمّل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، حزب الله، المسؤولية فيما يخص بقرار السعودية حول وقف الدعم المالي للجيش وقوى الأمن الداخلي اللبنانيين. ورغم هجومه علی حزب الله وانتقاده لسياسات الحزب، فقد بدا الحريري مندهشا من سماع نبأ تراجع السعودية عن تقديم دعمها المزعوم للجيش والقوی الأمنية اللبنانية، مؤكدا "نتطلع إلى قيادة المملكة أن تنظر إلى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الكبير"، و”نحن على يقين، بأنها (…) لن تتخلى عن شعب لبنان مهما تعاظمت التحديات واشتدت الظروف". وفي هذا السياق زعم سمير جعجع في مؤتمر صحافي عقده يوم الجمعة الماضي، أن حزب الله هو من يتحمل المسؤولية تجاه ما وصفها بـ "خسارة لبنان مليارات الدولارات من جراء تهجمه الدائم على المملكة العربية السعودية" علی حد وصفه.
واخيرا لابد أن نشير الی أن هنالك الكثير ممن باتوا يتسائلون عن السبب الحقيقي الذي جعل السعودية تبادر الی الامتناع عن تقديم ما كانت قد وعدت به من دعم للبنانيين في هذه المرحلة التي يحارب فيها لبنان الإرهاب علی حدوده؟ ويسأل هؤلاء: هل أن قرار السعودية ياتي لدعم المجموعات الإرهابية، أم أن الرياض تريد من قرارها هذا، أن تبقي لبنان ضعيفة أمام الارهاب، أم أنها تريد أن تثير غضب المجتمع اللبناني ضد حزب الله؟ أم هو إفلاس سعودي؟
بالتأكيد كما أوضح حزب الله في بيان أن الإفلاس السعودي هو وراء تبني هذا القرار السعودي و هي حاليا تعاني من أزمة مالیة خانقة بسبب حجم النفقات الضخمة لعدوانها الآثم على الیمن الشقيق وبسبب مؤامرة انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي والتي تقف السعودية وراءها.