الوقت- ان من يقرأ جيدا التاريخ المعاصر لال سعود و ظروف نشأة دولتهم و تاريخ الكيان الاسرائيلي الغاصب الذي زرعته مصالح الدول الكبرى في خاصرة العالم العربي حماية لمصالحها، يسهل عليه فهم الأحداث الجارية اليوم في العالم العربي و دول المنطقة. قد تبدو الصورة قاتمة بما يخص الارهاب اليوم حيث تعددت أسماؤه و انتشر كالوباء على طول خارطة العالم العربي و امتد الى أبعد من ذلك ليطال دولا طالما تغنت بالاستقرار و الأمن. ولكن ربما لو تساءلنا عن المستفيد الأول من هذا الارهاب لاستطعنا أن نمسك رأس الخيط لحل العقدة بكاملها.
عودة سريعة الى الوراء، الى القرن السابع عشر حيث تم القضاء على الإمارات والقبائل الحجازية واجتاحت الحركة الوهابية بقيادة محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود ذي الأصل اليهودي للأراضي الحجازية، حتى وصل عدد القتلى كما يقول المؤرخون إلى أكثر من عدد قتلى الحرب العالمية الأولى ، وتم إقامة الدولة السعودية التى أسسها الغرب الصهيوني للقضاء على الإسلام من خلال خطة طويلة الأمد ذكر خطوطها العريضة رجل المخابرات البريطاني مستر همفر في مذكراته ، وهمفر الذي قام بتجنيد محمد بن عبد الوهاب ، وتم تسمية خطته انذاك بعنوان (( كيف نحطم الإسلام )) ، وأصبح المُلك والحكم لآل سعود ، والدين لآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
منذ ذلك الحين حتى يومنا الحاضر أصبح القرار في السعودية بشكل لا يقبل التأويل أمريكيا بوجه سعودي، حيث لم يتوان حكامها الذين تعاقبوا بين أب و أخ من تقديم الدعم خدمة لخطط أمريكا و بريطانيا اللتين تعهدتا بحماية حكم ال سعود مقابل الرضوخ لسياساتهما، و كم هي كثيرة الوثائق التي تثبت هذا السخاء اللامتناهي.
احدى أوجه الولاء السعودي للحكومة الأمريكية كان في أفغانستان ابان الاحتلال السوفياتي، حيث سهلت قيام تنظيم القاعدة أواخر الثمانينات، تمويلا و احتضانا لأبرز قادتها و تنشأتهم عقائديا على الفكر الوهابي التكفيري، و اللافت أن العديد من قيادات القاعدة الأساسيين كانوا يحملون الجنسية السعودية كزعيمها السابق اسامة بن لادن المتحدر من أسرة غنية و غيره من القادة.
اضافة الى القاعدة، دعمت السعودية العديد من المجموعات الارهابية و ساندتها ماديا و معنويا عبر حملات الدعاية و الفتاوى المثيرة للجدل، و الفضائيات التحريضية و منابر الفتن المذهبية التي كفرت الاخوان في الدين قبل الأجانب، و قد كان لهذا الدعم أثرا بالغا في حقن النفوس و تعبأتها بكل أشكال الحقد الطائفي بشكل أصبح فيه من كان يرفع أعلام حزب الله في 2006 و يحتفل بنصر تموز على العدو الصهيوني، اصبح اليوم يتمنى لو يستطيع تنفيذ عملية انتحارية وسط المدنيين متقربا فيها الى الله ورسوله حسب تصوره.
محطة أخرى لا يمكن تجاهلها لأهميتها و غرابتها في نفس الوقت، هي أحداث 11 سبتمبر 2000م، المرحلة المفصلية التي أسست لسنوات عديدة من الحروب الأمريكية في المنطقة، حيث لا نزال نعيش تبعاتها حتى اللحظة. فقد أثبتت التحقيقات الرسمية و التسريبات بما لا يقبل الشك أن السعودية شكلت احدى أضلاع المثلث الذي يقف وراء تلك الأحداث، الى جانب الموساد الذي كان تولى المهمة التنفيذية و التأهيلية لمنفذي العملية (غالبيتهم من السعوديين)، و الحكومة الأمريكية التي ساهمت بالتخطيط و تغاضت عنه رغم معرفتها المسبقة به، و قد راح ضحية هذه التفجيرات الالاف من الأمريكيين، كانوا ثمنا لمخطط اشتمل على ما يلي:
1- الحصول على حجة قوية للعودة عسكريا الى الشرق الأوسط واشعال حرب جديدة تحت مسمى محاربة الارهاب.
2- توفير فرصة ذهبية لشركات الأسلحة التي يملكها زعماء كبار من الجمهوريين كديك تشيني، تمكنهم من بيع ما تكدس لديهم من أسلحة و تنقذهم من خطر الافلاس.
3- حماية اسرائيل التي كانت قد بدأت تستشعر القلق من تعاظم حركات المقاومة فسعت الى رسم مشروع الشرق الأوسط الجديد هادفة الى تغيير الحكومات بما يتوافق مع المصلحة الأمريكية الاسرائيلية.
4- السيطرة على منابع النفط التي تضمن لأمريكا التفوق على كافة الصعد.
5- تطويق ايران التي برهنت عن قوتها و تجاوزها للعقوبات الاقتصادية ما أقلق اسرائيل التي تعتبر الجمهورية الاسلامية عدوها اللدود و الداعم الأول لأعدائها في المنطقة.
و قد عززت الاتهامات الموجهة الى السعودية، تحقيقات رسمية لأجهزة المخابرات الأمريكية التي أعدت تقريرا مفصلا عن أحداث 11 أيلول لكنها رفضت الاعلان عنه بشكل كامل اذ حجبت ال28 صفحة الأخيرة المتعلقة بكيفية تمويل العملية.
أما اسرائيليا فقد اعترف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، في محاضرة في جامعة بار إيلان الإسرائيلية
ب" إن إسرائيل ربحت من الهجوم ضد برجي التوأمين في نيويورك ومبنى البنتاغوم في 9 أيلول من العام 2001"، ونقلت صحيفة معاريف، ، قوله خلال المحاضرة التي ألقاها "إننا نستفيد من أمر واحد حدث، وهو الهجوم ضد برجي التوأمين والبنتاغون، والحرب الأميركية في العراق، فقد غيّر هذا الحدث الرأي العام الأميركي بصورة ملموسة لصالحنا".
يذكر أن المواطنين الإسرائيليين تلقّوا تحذيرات مسبقة فقد اعترفت شركة “أود يغو” لنقل الرسائل السريعة وهي شركة إسرائيلية بأن اثنين من موظّفيها تلقّيا رسائل فورية تنذرهم من حصول هجوم قبل ساعتين من اصطدام الطائرة الأولى بأحد البرجين.
هذا التحذير لم يمرر إلى السلطات التي كان في وسعها إنقاذ آلاف الناس. ولولا هذا التحذير المسبق لكان قضى نحو 400 إسرائيلي في الهجمات في حين أن خمسة فقط من الإسرائيليين قتلوا في هذا الحادث وهذا أمر مثير للاستغراب والدهشة.
كما أن التحقيق بشأن أحداث 11 سبتمبر حصل عبر صهاينة اسرائيليين أمثال :ألان هيلرستين ، مايكل موكاسي ، مايكل تشيرتوف ، كينيث فينبرغ ، شايلا بيرنباوم و غيرهم من المحققين الذين اتهمتهم جهات أمريكية بتضليل التحقيق و اخفاء حقائق مهمة تثبت تورط اسرائيل و السعودية.
في المشهد الحالي و تحديدا في الأزمة السورية المندلعة منذ ما يقارب الأربعة سنوات، كان لافتا التمويل و التسليح السخي من السعودية التي سلمت الملف بكامله في بادئ الأمر للأمير المخضرم أمنيا صاحب الولاء الأمريكي الاسرائيلي بامتياز بندر بن سلطان، الذي دفعه غروره الى الافراط في تسليح الارهابيين، مما دفع الحكومة السعودية على سحب الملف من يده بايعاز أمريكي بعد ان استشعرت أمريكا بخطر تمدد الارهاب بشكل يخرجه من تحت السيطرة، و هذا ما نشاهده اليوم جليا على أرض الواقع، حيث سمعنا و نسمع الكثير من العمليات الارهابية التي بدأت تضرب السعودية و غيرها من الدول رغم الاجراءات الأمنية المشددة و التعاون الاستخباراتي العالي الدقة، عمليات كان اخرها الهجوم على مركز سيوف الحدودي الذي راح ضحيته 3 عسكريين بينهم قائد حرس الحدود شمالا.
يذكر أن البرلمان العراقي كان قد تحدث عن وثائق رسمية مكتوبة تؤكد تورط دول عربية بدعم الارهابيين و من بينها السعودية على وجه الخصوص.
تمر السعودية بأوقات حرجة، هذا الكلام جاء من داخل البيت السعودي على لسان ولي العهد سلمان بن عبد العزيز، أوقات اجتمع فيها على السعودية مرض ملكها الذي تخطى 91 عاما، في ظل الخلافات بين أبناء العمومة على خليفته، و بات الارهاب المتمدد قاب قوسين أو أدنى من حدودها مهددا أمنها في أي وقت، أضف الى ذلك المشاكل الاقتصادية التي جلبتها لنفسها بفعل انخفاض أسعار النفط و اصرارها على عدم تخفيض الانتاج، في خطوة أقل ما يقال عنها أنها تفتقر للرؤية الاستراتيجية.
في المحصلة، لأمريكا سياساتها الشيطانية الخاصة في المنطقة بما يضمن لها مصالحها الاقتصادية و تفوقها العسكري عالميا، وفي صفحات التاريخ شواهد عديدة على حلفاء أفنوا أنفسهم و استماتوا في خدمة سيدهم الأمريكي،الذي باعهم بعد أن انتهت خدمتهم الفعلية، فحبذا لو أن السعودية تدرك ذلك، و حبذا لو استعملت نفوذها و مالها لخدمة المسلمين بدلا من الانفاق على تسليح الأخ ضد أخيه و تدمير دول لم ترضخ مثلها للسيد الأمريكي..امامنا تاريخ طويل يحكي خدمة ال سعود ملك بعد ملك لحرميهم الشريفين أمريكا و اسرائيل.