الوقت- لم يعد خافياً على أحد، السياسة الامريكية في المنطقة، تنطلق من دعم الإرهاب، وتعتبر هي، السمة الأساسية لهذه السياسة العدوانية وذلك من أجل خلق الذرائع والحجج للتدخل في شؤون الدول الداخلية ونهب خيرات الشعوب. ولا بد أن دولاً في المنطقة وبالتحديد تركيا ومعها دول الخليج الفارسي، يعملون ضمن السياسة الأمريكية المتمثلة بدعم الإرهاب. ومن بين هؤلاء الذين يسبحون في فلك السياسة الأميركية، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي جعل من الأراضي التركية وكراً للارهابيين الذين تم استقدامهم من شتى أصقاع العالم ليكونوا الذراع العسكرية الإرهابية ضد شعوب المنطقة وتنفيذ الأجندة الامريكية الإسرائيلية. فما هي حقائق الدعم التركي للإرهاب؟ وما هي النتائج والدلالات لهذا الدعم؟
أولاً: الدعم التركي الواضح للإرهاب:
نقلت صحيفة يورت التركية عن رئيسة حزب الشعب الجمهوري التركي، شافاك بايف قولها في مؤتمر صحفي مع عدد من نواب حزب الشعب الجمهوري: "تم نشر نحو 50 ألف إرهابي أغلبيتهم يحملون الجنسيتين الليبية والشيشانية خلال السنوات الأربع الماضية كجزء من المخطط الذي تنفذه حكومة حزب العدالة والتنمية ضد سوريا". وتساءلت بايف "أين يقيم هؤلاء الإرهابيون وكيف يؤمنون حاجاتهم اليومية ومن يمولهم وما هو الضمان الذي يقدمه أولئك الإرهابيون الذين يشكلون تهديدا مخيفا". وأشارت إلى أن "داعش نقلت اسلحتها الثقيلة وذخيرتها إلى الأراضي التركية بعلم ودعم الاستخبارات التركية والجيش التركي بعد هزيمته في مدينة عين العرب السورية". وأضافت: "كيف تدعم حكومة حزب العدالة والتنمية (داعش) بلا مبالاة ولم تكتف هذه الحكومة بتسليح الإرهابيين العالميين وإيوائهم وتقديم العلاج لهم ودعمهم بالأموال المخصصة للمهجرين السوريين وإعفائهم من العقوبة على الجرائم التي ارتكبوها في تركيا بل ساهمت في خلق الإمكانيات لانضمام المواطنين الأتراك إلى صفوف التنظيمات الإرهابية المتطرفة". كما انتقدت بايف جهاز المخابرات التركي مؤكدة أنه على علم بجميع التفاصيل حول ما يسمى "جيش الجهاديين المظلم"، لاسيما تحركات أعضائه وتاريخ تحركاتهم وتخطيطهم لتنفيذ جرائم إرهابية ونوع الأسلحة التي يتدربون على استخدامها.
في سياقٍ متصل بدعم تركيا للإرهاب في المنطقة، كان قد أكد اللواء خليفة حفتر قائد عملية الجيش الليبي ضد الميليشيات الارهابية في ليبيا وهو قائد سابق للقوات البرية الليبية، استمرار قطر ونظام حزب العدالة والتنمية في تركيا بدعم الميليشيات الإرهابية في بلاده بالمال والسلاح وتخريب الأوضاع الليبية مشدداً على أن الشعب الليبي "لن ينسى ظالميه". وكان رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني، قد لوَّح في وقت سابق باتخاذ إجراءات تشمل وقف التعامل مع الشركات التركية جراء التدخل التركي في شؤون ليبيا مؤكداً أن موقف رجب طيب أردوغان يؤثر بشكل سلبي على أمن واستقرار ليبيا.
إذاً وبناءاً لما تقدم، يعتبر الدور التركي في دعم الإرهاب واضح وعلني. ولكن السؤال الأبرز، ما هي نتائج هذا الدعم؟ وهل يعرف الرئيس التركي، حجم المخاطر في سياسته التي يتبعها، وبالتحديد على الداخل التركي؟
ثانياً: مخاطر سياسة أردوغان في دعم الإرهاب:
إن تنامي النزعة السلطوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمرٌ بات يشكل تحدياً بالنسبة لاستمرار تماسك حزب العدالة والتنمية الحاكم، فضلاً عن ما يمثله ذلك من تداعيات سلبية على الصورة النمطية للدولة التركية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. وذلك فيما يتعلق بالوضع السياسي والإقتصادي والأمني في تركيا. فملفات الفساد والتضييق على وسائل الإعلام، هي من الأمور التي باتت تعكسها العديد من التقارير الدولية، فضلاً عن الإنتقادات الحادة التي باتت تواجهها العديد من القوى الإقليمية والدولية بسبب نمط العلاقة التي تربط الحكومة التركية والعديد من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية على مسرح عمليات المنطقة، والتي لم تعد تمثل تحدياً لسلامة واستقرار دول الإقليم وإنما أيضا تثير تهديداتٍ متصاعدة على المستوى الدولي، وهو ما عكسته الأحداث الإرهابية الأخيرة التي شهدتها فرنسا، وما ينتج عنه من احتمالاتٍ تعرض بلدان غربية أخرى لعمليات مماثلة.
وفيما يتعلق بأهم نتائج هذه السياسة وتأثيرها على الوضع الداخلي لا سيما السياسي والإقتصادي، قالت صحيفة "توداي زمان" التركية إن المؤشرات الاقتصادية في تركيا تحمل مخاطر سياسية، حيث أسعار العملات، وذلك قبل الانتخابات البرلمانية المرتقبة والتي قد تجلب عدم الإستقرار للبلاد، حيث ترى الصحيفة أن هناك ثلاثة مخاطر قد تتعرض لها تركيا:
- الخطر الأول هو الرئيس التركي أردوغان نفسه والذي بات عبئاً كبيراً على الإقتصاد التركي والبلاد، حيث تصريحاته العلنية المتصاعدة، والقصر الذي يمكث به، بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية الذي يعد أحد مصادر التوتر السياسي بالبلاد في كل وقت. وتشير الصحيفة التركية إلى أن أردوغان يرفع هذا الخطر بتجاهله الدائم للدستور. وتضيف الصحيفة أنه حتى في التجمعات السياسية يحاول أردوغان كسب الأصوات من خلال مطالبته للناس بالتصويت لصالح حزب العدالة والتنمية، موضحةً أنه يحاول وضع ضغوط على البنك المركزي من خلال التعليق على سياسات العملة. فهو يحاول التصرف وكأنه رئيس الوزراء، في واقع الأمر، هو يتمتع بحصانة مطلقة، وحين يتحدث لا يدرك أن قيمة الدولار ترتفع، في الوقت الذي لا يستطيع أحدٌ معارضته، لذلك فإن الوجود السياسي لأردوغان يولد حالة من التوتر وعدم اليقين بشأن المستقبل السياسي التركي، ومن الممكن أن يولد حزبه هذه التوترات في أي وقت.
- الخطر الثاني يتمثل مشكلة حزب العمال الكردستاني ومشروع التسوية، فالعملية محفوفة بالمخاطر، ولذلك ربما استقال رئيس المخابرات التركية "هاكان فيدان" لأنه يرغب في أن يصبح زعيماً سياسياً ناجحاً، وليس رئيس مخابرات لم تتم في عهده التسوية. وتؤكد الصحيفة أن عملية التسوية ستفشل قريبا، و"فيدان" يرغب في تجنب المزيد من المسؤولية، في الوقت الذي يضاعف فشل التسوية الخطر على الاقتصاد التركي.
- الخطر الثالث هو حرب أردوغان مع الزعيم "عبد الله غولن"، والتي هي أيضا أحد المصادر الرئيسية للهشاشة السياسية في البلاد، ولا أحد يعلم حتى الآن متى ستنتهي هذه الحرب غير الشرعية بين الطرفين، ولكن يبدو أن أردوغان يرغب في تحقيق الفوز السهل خلال هذه الحرب.
إذاً إن سياسات الرئيس التركي، لن تعود على تركيا إلا بالويلات والمشاكل. ودعم الإرهاب سينعكس سلباً على الإستقرار التركي، فالشعب التركي أصبح يعي مخاطر تنظيم داعش الإرهابي وجرائمه. ولكن السؤال الأبرز: متى سيعي الرئيس التركي ذلك؟ أم أنه في الحقيقة، أخطر على تركيا من الإرهاب نفسه؟