الوقت- استبشر خيرا أهل غزة بوعود العرب الذين طالما خذلوهم منذ بداية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ظنا منهم بأن عدد الشهداء والبيوت المهدمة، قد حركت عصب العروبة عند أمراء البترول، فكانت المبالغ الطائلة التي أعلنت عنها الدول التي اجتمعت في مصر بعد أيام من توقف الحرب التي دامت 51 يوما، بارقة أمل للمدينة المقاومة التي لم تكن قد نفضت عن نفسها غبار الحرب السابقة بعد. الا أن هذه الوعود لم تثمر الا انتظارا و بردا و شتاءا، لتزيد على ألم الغزاويين الذين فقدوا أحبتهم و ممتلكاتهم ألما ينخر عظامهم.
فتعبيرا عن الغضب الشعبي الفلسطيني خرج المئات من أنصار «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» في غزة، في مسيرة طالبت بإعادة إعمار ما دمره العدو الإسرائيلي في الحرب الأخيرة التي دامت 51 يوما.
وحمل المشاركون في المسيرة التي جابت شوارع المدينة، لافتات كتب عليها شعارات مستنكرة للتلكؤ ببدأ عملية الاعمار مثل: "إعادة الإعمار وفك الحصار حق لنا"، "وأين المجتمع الدولي تجاه ما فعلته إسرائيل في غزة".
وفي كلمة خلال المسيرة، قال عضو المكتب السياسي للجبهة صالح زيدان: «إسرائيل أرادت من خلال عدوانها على قطاع غزة كسر إرادة الشعب الفلسطيني، واستهداف المدنيين الأبرياء وتدمير كل شيء، وهو هدف لم يتحقق».
ودعا المتظاهرون، الفصائل الفلسطينية إلى التوحد وإنهاء الخلافات السياسية، لإعادة بناء القطاع، ورفع الحصار بشكل كلي. مطالبين كلا من حركتي فتح و حماس بوقف التراشق الاعلامي و البدأ بما يمكنهم البدأ به لاحتواء الأزمة، حيث تشردت مئات العائلات التي تسكن في العراء و تحت رحمة الطبيعة بعد أكثر من مئة يوم على نهاية الحرب.
ويرى سكان القطاع المحاصر أن القوانين و الاجراءات المتشددة، التي وضعتها الأمم المتحدة حيال دخول مواد البناء، جاءت حسب المصالح و التوجيهات الاسرائيلية التي تحاول عرقلة عملية اعادة الاعمار، حيث منعت الشاحنات المحملة بمواد البناء من العبور. كذلك الأمر بالنسبة للمعابر المشتركة مع مصر كمعبر رفح الحدودي، فاجراءات الحكومة المصرية لا تقل تشددا عن الاجراءات الاسرائيلية من حيث السماح بدخول المواد اللازمة لاعادة الاعمار، اضافة لاغلاق المعابر بعد الأحداث الأخيرة التي وقعت في سيناء.
و فور انتهاء حرب غزة 2014 و التي دامت 51 يوما و راح ضحيتها أكثر من 2100 شهيد و أكثر من ضعفهم جرحى فضلا عن هدم أكثر من 7000 منزل. اجتمع وزراء الخارجية العرب في مصر، اضافة الى عدد من الدول الأجنبية و المنظمات الدولية التي تعنى بالشأن الانساني، حيث عقد مؤتمر غزة الدولي لإعادة الإعمار. و أعلن المجتمعون عن استعدادهم للتبرع بالمال و مواد البناء، للبدأ مباشرة باعادة اعمار مدينة غزة التي دمر الارهاب الصهيوني عددا ضخما من بيوتها و محالها التجارية و المصانع و البنى التحتية الأساسية فيها. فقطر وحدها كانت قد أعلنت خلال المؤتمر، عن تبرعها بمبلغ مليار دولار لإعادة إعمار غزة، في حين تعهدت حكومة الجزائر أكثر من مرة بأنها مستعدة لتزويد قطاع غزة بكل احتياجاته من الحديد والإسمنت الذي يلزم لإعادة إطلاق ورش البناء، من جهتها صرحت ليبيا عن نيتها تمويل ما يحتاجه القطاع من مستلزمات البناء والإنتاج، وكانت تركيا قد أعلنت عن جاهزيتها لتزويد قطاع غزة بكل آليات العمل من شاحنات وجرافات ومختلف لوازم وآليات العمل المختلفة، وغيرهم كثير ممن أبدوا استعدادهم للمساهمة والمشاركة في إطلاق مشروع إعمار قطاع غزة.
كما أعلنت كل من فرنسا و ألمانيا وبريطانيا عن مبادرة لم يوافق عليها الطرف الفلسطيني بطبيعة الحال، تهدف لإعادة إعمار قطاع غزة مقابل نزع سلاح حركة حماس.وفي حصيلة نهائية، بلغت الأموال المقدمة من الدول المجتمعة حوالي 5،4 مليار دولار، مبلغ فاق التوقعات، حيث كانت السلطة الفلسطينية قد تمنت على المجتمعين قبل بدأ اللقاء بجمع حوالي 4 مليارات دولار، اعتبرتها كافية لاعادة الاعمار.
أكثر من مئة يوم مضت على انتهاء حرب غزة، أثبتت أن وعود العرب لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، يقول أحد أبناء القطاع المحاصر، مذكرا باعادة اعمار الضاحية الجنوبية فور توقف الأعمال الحربية، و جدية الجمهورية الاسلامية الايرانية و ترجمة وعودها على الأرض، حيث عادت الضاحية الجنوبية أجمل مما كانت عليه قبل حرب 2006م، و يتحسر من عدم امكانية تكرار مثل هذه المشاريع في غزة، ليس لعدم رغبة ايران بذلك، انما لعداء اسرائيل مع ايران حيث ترى فيها العدو( عدوها ) الأشرس في العالم، و لخشية الدول العربية من تمدد الهلال الشيعي حسب زعمهم ليصل الى فلسطين.
ينام الكثير من الغزاويون في العراء، مفترشين أرضا كانت عصية على الغزاة، و ملتحفين سماء أمطرت الصهاينة بطيور الأبابيل، و حقدهم على من شردهم من بني صهيون اليوم أكبر مما كان عليه قبل تموز 2014، و قد تيقنوا أن مناشدة العرب لاعادة الاعمار كالضرب في الميت، و الضرب في الميت حرام، و لا خلاص الا بالعض على الجراح ومتابعة مسيرة الجهاد.