الوقت- لا حاجة لنذكّر بما يفكر به العاملون على قناة "الجزيرة" القطرية ومايخططون له, مخططات لا تبعث على الفخر لأنها تقوم على أساس الأفكار التي يقدمها أمير قطر وحاشيته. ولا يخفى على أحد أن سياسات الحكومة القطرية وأميرها لم تكن- بالحد الأدنى حتى يومنا هذا- تحمل هم ومشكلات الشعوب العربية وتريد الخير, إذ أدت تلك السياسات إلى تغيير النظرة العامة تجاه قطر وقناة الجزيرة. لم تعد قناة "الجزيرة" اليوم محبوبة كالسابق, ولم يعد أحدٌ يذكرها بالحسنى.
حسب المعلومات التي سربت أخيراً عن نية مدراء القناة بالتوسع وتطوير القوة الناعمة التي تتمتع بها القناة في المجالات الثقافية و الفنية, حيث ينوون اتخاذ خطواة هامة جداً في هذا المجال ليستطيعوا عبرها التأثير على الرأي العام العربي وجعله يدور في فلكها وتحت لوائها والهيمنة على العقول وتفكيرها بشكل كامل.
وتطبيقاً للسياسة الجديدة التي ستتبعها إدارة القناة ستقوم بتغيير إسمها من "الجزيرة" إلى "بين" في العديد من المحطات. وأيضاً ستقوم إدارة قناة "الجزيرة" بشراء أسهم قناة "فوكس" ماعدا القسم الأخباري والسینمائي منها, وتقوم الآن الجزيرة بالتفاوض مع قناة "أو اس إن" في أربيل والتي ستصبح ملكاً لقناة الجزيرة اعتباراً من بداية العام القادم, بالإضافة إلى كل ذلك تقوم إدارة قناة الجزيرة بالتفاوض من أجل شراء قنوات "روتانا" الخليجية, حيث بدأت مفاوضات جدية مع "الشيخ صالح" من أجل شراء أيضاً جميع الأفلام الوثائقية المتعلقة بالتراث والثقافة المصرية.
ومن المتوقع بأن يبدأ البث الرسمي لقناة "بين" التابعة للجزيرة بعد أن يتم تغيير حلتها, لتأتي بوجهٍ وحلة جديدين مع انطلاق فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفه قطر في عام 2022. ومن المقرر أيضاً بأن يكون بثها مجانياً حيث سيتم إلغاء التشفير ليتمكن الجميع من مشاهدتها ولتتمكن من الوصول إلى كل بيت. وطبعاً سيتم تغير بث القناة الجديدة من على القمر المصري "نايل سات" إلى القمر القطري "سهيل سات", حيث أن قطر تسعى قدر الإمكان إلى تقليص نفقاتها ومساعداتها المالية التي تعود بالفائدة على إدارة قمر "نايل سات", إذ تبلغ النفقات التي تقدمها قناة الجزيرة إلى إدارة "نايل سات" مايقارب الـ20 مليون دولار سنوياً.
وهذا و إن دل على شيئ فإنه يدل على وجود سياسة خبيثة لدى الدوحة, والعمل على تخطي الإعلام العربي والهيمنة عليه والتحكم بالرأي العام العربي, فهي لا تفكرفقط بالتأثير على الشعب المصري فحسب وإنما تهدف إلى حصر العالم العربي كله في بوتقة إعلامية تكون هي المحرك والمخطط الرئيسي لها.
وفي هذا السياق تتسابق القنوات القطرية للتنافس مع القنوات الفضائية غير القطرية في سياسة إزاحة كل من يدخل هذه المنافسة عن طريق الدولة الخليجية الغنية, حيث يعاني المصريون من المتاعب الكثيرة في هذا المجال إذ يعترفون بعدم قدرة قنواتهم الإعلامية على منافسة القنوات غير المصرية السبب الذي أدي إلى عدم جدوى إعلامهم و فقدانه التأثير الفعلي على الرأي العام المصري مقارنةً بالقنوات غير المصرية التي تمتلك أحدث التكنولوجيا وتحظى بدعم مالي كبير جداً.
ومن جهة أخرى يقال بأن قناة "ام بي سي" التي يملكها رجل الأعمال السعودي "الوليد بن طلال" تسعى لشراء المسلسلات الشعبية المصرية والبرامج المفضلة لدى الشعب المصري والشعوب العربية ليتم بثها على هذه القناة, وهذا استكمالاً للسياسة التي تقوم بها دولة قطر, إذ تسعى كل من السعودية وقطر مؤخراً للتأثير بشكل أكبر على أفكار الشعوب العربية وإشغالها في القضايا والأمور التي يحددها المشايخ في شبه الجزيرة العربية.
وفي الوقت ذاته فإن التنافس بين كل من قطر والسعودية أدى في الفترة الأخيرة إلى ازدياد نفوذهما وتأثيره على الإعلام العربي أكثر من ذي قبل, وفي هذا السياق كانت قد وضعت كل من السعودية وقطر في جدول أعمالهما من أجل السيطرة على المجتمعات العربية والهيمنة على شعوبها, تقوية الفن الخليجي ودعم الفنانيين والممثلين الخليجيين المواليون لسياساتهم من خلال شراء الممثلين المصريين في الخفاء وإشراكهم في أدوار ثانوية وغير بطولية مما يؤدي إلى تحجيم أدوارهم وتصغير أسمائهم في العالم العربي, فيتم في النهاية استبعادهم وعزلهم عن الوسط الفني فيتيح هذا الأمر فتح الطريق أمام الممثليين والفنانين الخليجيين ليملؤوا مكانهم وبذلك يتحقق الهدف الذي يسعون له ويعملون عليه.