الوقت- عندما نتحدث عن دور المرأة الفلسطينية في انتفاضة القدس كما في كل الإنتفاضات التي سبقتها فإننا نتحدث في الواقع عن تاريخ من النضال لنصف الشعب الفلسطيني كون المرأة تشكل النصف فيه من حيث العدد والدور الذي لعبته وتلعبه، هذا الدور هو ما يمكن ملاحظته من خلال القلق الإسرائيلي حيالهم، فعلى مدار السنوات تشير الإحصائيات ان عدد النساء من كافة الأعمار اللذين دخلوا السجون الإسرائيلية بلغ أكثر من 15 ألف بالإضافة إلى الإعتقالات التي شملت أكثر من 3 الاف فلسطينية والتي أخرهم شروق دويات لينضم فيما بعد ثلاثة من أفراد عائلتها، واليوم يبرز إلى العلن التشديد الإسرائيلي بحقهم تخوفاً من تأثيرهم الكبير على أداء الإنتفاضة.
المرأة الفلسطينية في كافة الساحات
تنوّع دور المرأة الفلسطينية على طول السنوات من الصراع مع المحتل الإسرائيلي إلى يومنا هذا في انتفاضة القدس، فهي أدت دور المزود بالمؤن للمخيمات والمدن الفلسطينية المحاصرة من قبل الإحتلال، ومدتهم بكافة المتطلبات اللازمة للصمود والذي بلا شك كان العامل المؤثر والفاعل في تحقيق الإنتصارات. وفي مواجهة مخططات العدو التي عملت على قطع كافة الوسائل اللازمة لسير الحياة في المدن الفلسطينية من الكهرباء والغاز، كانت المرأة الفلسطينية صاحبة المبادرة في ايجاد الحلول البديلة من انشاء افران طبيعية كبديل للأفران التي تعتمد على المواد الأولية.
في ساحات المواجهات كانت المرأة الفلسطينية حاضرة في رشق الحجارة واعداد المولتوف للمجاهدين، وتشهد ساحات الشهادة اسماء استشهاديات سيخلدها التاريخ لنساء فلسطينيات من كافة الأعمار الحقن الهزيمة بالمحتل الإسرائيلي وأربكته في ساحة الصراع، فمن "عطاف عليان" إلى "وفاء أدريس" فزينب علي عيسى ابو سالم و بينهم عشرات الإستشهاديات تراوحت اعمارهن بين 16 عاماً عازبات إلى الستينات متأهلات.عمليات الطعن التي تسطرها النساء شكلت انموذجاً جديداً لأساليب المواجهة بوجه المحتل والتي كانت فيها "أشرقت قطناني" انموذجاً جعلت من العلم والقلم زوادة كفاحها، وختمت مسيرتها الجهادية بعملية طعن ضد الجندي المحتل. نساء بشهادتهن هززن عروش متخاذلين متربعين على كراسى الولاء للغرب الحامي للإحتلال.
وفي ساحات الصراع التي يعمل فيها الكيان الإسرائيلي المحتل على تدمير المستشفيات والمدارس والجامعات، للنساء حضور في انشاء العيادات المدنية لعلاج المصابين وان كانت بإمكانيات بسيطة، وعلى صعيد التعليم وفي الأجواء التي يفرضها المحتل الإسرائيلي للنساء دور في نشر التعليم الشعبي وبالخصوص في القرى والمخيمات، وبذلك قوضت سياسة التجهيل التي يهدف إليها الكيان، وكان لذلك الدور في نشر العلم ومنه تعزيز ثقافة المقاومة وتهيئة الارضية لإنتفاضة مرتكزة على بنية تحتية قوية تختلف عن سائر الإنتفاضات التي سبقتها. كما و دورها بتشكيل ورعاية مؤسسات العمل الخيري التي عملت على رعاية عوائل الشهداء والإهتمام بأبنائهم، وجمعيات رعاية الجرحى وذوي الإحتياجات الخاصة، وبذلك الغت هاجس القلق أمام المجاهدين حيال عوائلهم بعد استشهادهم، وشكلت ارضية قوية لبنية اجتماعية متماسكة.
ماذا تعكس انجازات المرأة الفلسطينية؟
أولاً: أهم ما يعكسه مشاركة المرأة الفلسطينية في مقاومة الشعب الفلسطيني بوجه المحتل الإسرائيلي هو أهمية القضية بالدرجة الأولى، وكثرة التحديات التي الزمت على الشعب الفلسطيني بكافة أعماره نساءً وشباباً المشاركة في عمل المقاومة وبكافة الأوجه والأشكال، ومع وجود تخازل من الأنظمة الحاكمة في العديد من الدول العربية، واللامبالاة من المجتمع الدولي بل والدعم للكيان والتآمر على حق الشعب الفلسطيني بإستعادة أرضه حتمت هذا النوع والحجم من المشاركة. وفي هذا السياق نذكر دور النساء ولا سيما السيدة زينب(س) بنت امير المؤمنين علي (عليه السلام) في معركة كربلاء وما بعدها، وما جسدته من رسالة عظيمة وخالدة للإنسانية والبشرية أجمع، وثورة الشعب الإيراني على نظام الشاه البائد والتي كان للمرأة فيها دور كبير وعظيم ولّد انتصارا.
ثانياً: الحس الوطني الكبير الذي تتمتع به المرأة الفلسطينية سواء اتجاه قضيتها ووطنها أو مسؤوليتها كشريك للرجل في الصراء والمحن، كما ومؤشر على المستوى العلمي والثقافي الذي تتمتع به، والذي برز من خلال دخولها الجامعات ومشاركتها بالإتحادات الطلابية والفعاليات الشبابية النسائية.
المرأة الفلسطينية هي نبض الإنتفاضة وشريان الحياة فيها، واستمرار انتفاضة القدس مرتبط بها بالدرجة الأولى، فمهما بلغ حجم التضحيات وهو أمر متوقع لا يمكن تجاهله، ومهما بلغ حجم التخاذل من قبل بعض الانظمة العربية الحاكمة، لكن صمود المرأة في هذه المعركة غذاء الإنتفاضة وعامل دعم وثبات واستمرار للرجال في المضي قدماً وتحمل التضحيات وتحقيق النصر وتحرير الارض الفلسطينية بالكامل.