الوقت- توزیع الکراسات واستمرار کتابة الشعارات بهدف الدعایة لداعش في مدن باكستان الرئيسية مثل لاهور وبيشاور وكراتشي، ومبایعة الناطق الرسمي وخمسة من قادة طالبان باکستان لداعش، والتقرير السري لحكومة مقاطعة بلوشستان إلی الحكومة الاتحادية حول تجنيد 10 إلی 12 ألف شخص لداعش في باكستان، والتفاوض مع جماعة جند الصحابة وجماعة لشكر جهنکوي الإرهابیة ودعم جند الله لداعش، کل ذلك يعزز الشكوك حول النفوذ المتزايد لهذه المجموعة في باكستان. وعلى الرغم من أن بعض المسؤولين الحكوميين في باكستان قد نفوا حضور داعش في هذا البلد، معتقدین أن ثمة جماعات متطرفة تنشط في باكستان باسم داعش وبهدف بث الرعب والخوف، ولكن هناك جهات أخرى (مثل وزارة الداخلية) تحذر بشدة بشأن انتشار تنظیم داعش في المحافظات الباكستانیة.
وفي مقابل ذلك قال رئيس وزراء باكستان محمد نواز شريف أمام وسائل الإعلام في مطار برلين، إنه لا يوجد نفوذ لداعش في باكستان والأنباء التي تنشر بهذا الصدد لا أساس لها من الصحة. وقد حذرت وزارة الداخلية الباكستانية مؤخراً عن طريق إرسال طلب خطي إلی حكومات الولايات، بشأن محاولة داعش للتسلل إلی داخل البلاد عن طريق وزيرستان الجنوبية.
ووفقاً لهذا التقرير، فقد قالت الداخلية الباكستانية إن قوات داعش تحاول الدخول إلی البلاد عن طريق مدينة "دیره غازي خان" و"سکهر"، معلنة أن منطقة وزيرستان الجنوبیة هي المقر الرئيسي لداعش. وقد طلبت الداخلية من حكومات الولايات زيادة الإجراءات الأمنية على الحدود لمنع المسلحين من دخول البلاد. وبما أن طالبان قد هزموا نتيجة العمليات العسكرية للجیش، فهم یحاولون إعادة نفوذهم في باكستان من خلال استخدام اسم داعش.
وفي الماضي أیضاً أشار العضو البارز في الحركة القومية المتحدة الباكستانية السید "محمد واسع الجليل" وفي مؤتمر صحفي إلى تجنيد داعش لباكستانيين، محذراً أنه في حال أهملت السلطات الباكستانية هذا الأمر فإن خطر تنظیم داعش سیعم باكستان بأکملها.
وعلی أیة حال، على الرغم من هذا النفي المتکرر، فإن إمكانية نفوذ وتجنيد داعش في باكستان، موضوع محفوف بالمخاطر للمنطقة المحيطة بإيران. وبالتالي فإن دراسة موضوع إمكانية نفوذ داعش في باكستان موضوع علی درجة کبیرة من الأهمیة.
ومن أجل فهم أفضل لإمکانیة نفوذ داعش في باكستان، سنتحدث أولاً عن فوارق هذا التنظیم الإرهابي مع طالبان ومن ثم سنسلط الضوء علی أرضیات نفوذ التنظیم في باکستان.
یختلف داعش مع طالبان في الأمور التالیة:
- خلافاً لحركة طالبان أفغانستان، داعش لیس حركة وطنية، بل هو حركة إرهابية قد حددت لنفسها أهدافاً تتخطی الحدود الوطنية. في حين أن الغالبية العظمى من مقاتلي طالبان ینحدرون إلی أفغانستان وباكستان.
- أعضاء طالبان تلقوا تدريبات عسكرية، ولكن داعش یتکوّن من المقاتلين المدنيين.
- على الرغم من إعلان خلافة الملا عمر الإسلامية، فإن طالبان أفغانستان یریدون إنشاء إمارة أفغانستان الإسلامية أولاً، وطالبان باكستان أيضاً یطلبون حكماً ذاتياً في شمال غرب باكستان. (وإن کانوا یحلمون بتحقیق الخلافة العالمیة). لكن داعش قد أعلن منذ البداية عن نطاق خلافته الإسلامية والتي تشمل الشام إلی العراق وغیرهما من مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
- بینما أُطلق سابقاً صفة أمیرالمؤمنین وخلیفة المسملین علی الملاعمر، فإن إعلان الخلافة من قبل أبي بکر البغدادي سیکون مصداقاً لـ « لا یجتمع ملکان في أرض واحدة » . کما أن القاعدة وطالبان لم یعترفا بخلافة البغدادي .
- هجمات طالبان تستهدف القوات الأجنبية والمسؤولين الحكوميين والأمنیین، بینما داعش یستهدف عامة الناس أیضاً.
وعلى الرغم من هذه الاختلافات، وعدم مبایعة طالبان لداعش، فإن دخول هذا التنظیم إلی باكستان والتوسع فیها قضية محتملة. لأن هناك العديد من الجماعات الإرهابية في باكستان، بما في ذلك طالبان باكستان، جیش الصحابة، جماعة لشكر جهنکوي، جندالله و ... ، والبعض منها أكثر تطرفاً من طالبان وأکثر قرباً من داعش.
وبالاضافة إلى ذلك، فإنه نظراً إلی عدم قدرة الحكومة الباكستانية علی كبح جماح هذه الجماعات، ووجود الأرضیة المناسبة لعملیات التجنيد نتیجة الفقر والأمية والتأثر بالتعاليم المتطرفة في ظل التدريبات العسكرية (مقابل توفیر تكاليف المعيشة)، فإن الخلفية لظهور و نمو مجموعات إرهابية جديدة موجودة أیضاً.
والانقسام في طالبان باكستان خلال العام الماضي (الناجم عن موت حكيم الله محسود واختیار زعيم غير شعبوي أي الملا فضل الله، والجدل حول إقامة السلام أو قتال الجيش الباكستاني وانخفاض الموارد المالية لطالبان)، قد وفر الأرضیة لدعم المجموعات المنشقة مثل جماعة الأحرار لتنظیم داعش. لأن داعش قد حقق تقدماً كبيراً بخلفیة مالية ضخمة.
إن استيعاب قوى خارجية مثل الأوزبك والشيشان وتدریبهم، ودعم هؤلاء لأهداف طالبان في باكستان، أمر له سابقة. ولذلك فإن باكستان مكان آمن لتعليم وتعزيز تنظیم داعش.
وتواصل وتفاوض قادة جند الله مع داعش بواسطة حکومات مثل أمريكا، ليس بعيد الاحتمال أيضاً، إذ إن جعل الحدود الشرقية لإيران غير آمنة یلتقي بالأهداف الأميركیة.
وبالطبع من الضروري أن نقول إن حركة طالبان الأفغانية من جهة، وحركة طالبان الباكستانية تبعاً لها، ليستا على استعداد لمبایعة داعش وذلك حفاظاً على مکانتهما. ومع ذلك، ونظراً للتشابه المنهجي لهذه الجماعات المتطرفة، فإن هناك إمكانية أن تدعم طالبان تنظیم داعش (وبخاصة ضد الحكومات الأجنبية). کما أن الملاعمر قد أعلن دعمه لتنظیم داعش سابقاً.
ومن ناحية أخرى، فإذا منعت الخلافات بين طالبان وداعش التقارب بینهما، فإن مجموعةIS لديها القدرة على خلق مراكز جديدة في باكستان لجذب متطوعين جدد، وستستفید في هذا المجال من دعم الجماعات المتطرفة الأخری أیضاً مثل جندالله وجماعة الأحرار والحركة الإسلامية الأوزبكية.
وفي هذه الأثناء إن ما یجعل الحکومة الباكستانیة أكثر قلقاً، هي القدرة المالية لتنظیم داعش الإرهابي، الأمر الذي سيزيد من إمكانية استخدام الطاقات المتعددة للنفوذ في أجزاء مختلفة من باكستان بما في ذلك المناطق القبلية. ونظراً إلى أن غالبية الناس في جنوب آسيا وخاصة باكستان هم من الفقرا ، والجماعات الطائفية والإرهابية تستغل هذه النقطة للتجنيد، فإن فرص تنظیم داعش الإرهابي لاستيعاب المزيد من القوة والنفوذ في باكستان هي الأفضل وذلك نتیجة لقدرته المالية.
ويبدو أن الهزائم المتلاحقة التي مني بها تنظیم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، قد دفعت هذا التنظیم إلی توسیع أنشطته في مناطق مختلفة من باكستان، وهذا البلد بسبب وجود مختلف الجماعات الإرهابية فیه ، وكذلك المدارس الدينية التي یشرف علیها الوهابيون السعوديون ، یتمتع بأرضیات مناسبة وفرص جیدة لنشاط تنظیم داعش.
هذا الموضوع قد أثار قلق الحكومة الإتحادية في باكستان بشکل کبیر، وإذا کانت الحكومة الباكستانية تريد مواجهة نفوذ داعش بشکل جاد، فعلیها أن تتعامل مع هذا التنظیم الإرهابي جذریاً، وإلا سوف تتحول هذه المجموعات قریباً إلی وباء یتفشی سریعاً في باكستان ، تماماً کما حدث مع حرکة طالبان باكستان.