الوقت- أكد قائد أنصار الله، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بلغ هذا الأسبوع ذروته في الوحشية، واصفًا إياه بأنه من “أقبح أزمنة البشرية الملطخة بعار التفرج على الظلم”، في ظل تواطؤ دولي وصمت عربي وإسلامي مخزٍ.
وقال الحوثي في خطاب له حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، إن هذا الأسبوع كان من أكثر الأسابيع دموية وقسوة على الشعب الفلسطيني، حيث استشهد وجرح أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في حصيلة تُعد الأكبر منذ ستة أشهر، مشيرًا إلى أن العديد من الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض أو ملقين في الطرقات.
وأشار إلى أن العدو الإسرائيلي استهدف هذا الأسبوع بشكل مباشر عشرات المنازل، ما أدى إلى إبادة عائلات بأكملها، كما طالت غاراته الجوية مراكز الإيواء والمدارس والمستشفيات، فضلًا عن استهداف خيام النازحين وطواقم الإسعاف والفرق الطبية، في محاولة ممنهجة لعرقلة عمليات الإنقاذ ومنع تقديم العون للجرحى.
وأضاف الحوثي أن العدو تعمد قصف النازحين في خيامهم بالقنابل الأمريكية الحارقة، ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الشهداء، بينما يستمر في فرض النزوح القسري من شمال القطاع، ما تسبب بمعاناة شديدة خصوصًا لكبار السن والنساء والأطفال.
وانتقد الحوثي بشدة مواقف الأنظمة العربية والإسلامية التي تكتفي بإصدار بيانات باهتة، قائلاً إن سقف هذه الأنظمة لا يتجاوز مناشدة الآخرين للتحرك، وكأن الأمة لا تملك جيوشًا ولا قدرات ولا مسؤولية أمام الله، فيما العدو يواصل ارتكاب الجرائم على مرأى ومسمع من العالم.
وفي السياق الميداني، أشار الحوثي إلى أن العدو الإسرائيلي أطلق عملية برية جديدة تهدف إلى تهجير السكان واحتلال ما تبقى من القطاع، وأطلق عليها اسم “عربات جدعون”، وهو اسم مستوحى من معتقدات يهودية خرافية. لكنه شدد على أن قادة العدو أنفسهم باتوا يقرّون بفشل هذه العمليات، معتبرين أنها بلا أهداف ومجرد إضافة إلى الرصيد الإجرامي.
وأورد في هذا السياق اعترافات لرئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، الذي وصف ما يجري في غزة بأنه “يقارب جريمة حرب”، مشيرًا إلى أن ما تفعله “إسرائيل” لا يحقق أي نتائج عسكرية. كما أشار إلى تصريحات الجنرال يائير غولان، الذي اعتبر قتل الأطفال في غزة “هواية إجرامية”، ما أحدث ضجة داخل كيان الاحتلال.
وشدد الحوثي على أن حجم الإجرام وصل إلى مستوى تدفع فيه بعض الأطراف الغربية إلى الإقرار الصريح بالوحشية، حتى مع استمرار التواطؤ، مستشهدًا بتصريحات رئيس الوزراء البريطاني التي أقر فيها ببشاعة ما يجري، رغم الشراكة السياسية والعسكرية لبريطانيا في العدوان.
وأشار إلى أن المجاعة في قطاع غزة بلغت مستوى كارثيًا، حيث تعاني معظم العائلات من نقص حاد في الغذاء، وبات الكثير منها يكتفي بوجبة واحدة كل يوم ونصف أو يومين، فيما يستهدف الاحتلال آبار المياه ويمنع إصلاح شبكات التوزيع، ما أدى إلى أزمة عطش حادة تهدد حياة عشرات الآلاف، لا سيما من الأطفال.
وقال إن الكارثة الغذائية والصحية الجارية في غزة تُعد فضيحة كبرى للمجتمع الدولي والمنظمات الأممية، وعارًا كبيرًا على العالم الإسلامي، الذي يشهد مأساة بهذا الحجم دون أن يتحرك، رغم وضوح الظلم وفظاعته.
وأضاف الحوثي أن صرخات نساء غزة، ومعاناة أطفالها، كفيلة بتحريك الحمية في قلوب الملايين، لو بقي في الأمة ذرة من إنسانية أو إحساس بالمسؤولية، محذرًا من أن التخاذل والتفريط مسؤولية شرعية أمام الله، وليس مجرد موقف سياسي أو حسابات ظرفية.
وأكد أن العدو الإسرائيلي يعتمد في عدوانه على سياسة الإبادة الجماعية والتجريف الكامل، حيث يدمر الأحياء قبل أن يتقدم بضع أمتار، ويعمد إلى إحراق كل ما يتركه خلفه، في مقابل عدم قدرته على التقدم الميداني الحقيقي، مما يدل على ضعف الروح المعنوية لجنوده وخوفهم من المواجهة.
وأضاف أن الجنود الإسرائيليين يظهرون حالة انهيار واضحة عندما يفاجَؤون بخروج المجاهدين من الأنفاق أو الأنقاض لمواجهتهم، حيث يفرّون مباشرة من الميدان، ما يعكس فاعلية أداء المجاهدين وصمودهم، رغم ظروف الحصار والتجويع والتدمير.
وفي ما يخص القدس والضفة الغربية، أشار الحوثي إلى استمرار الاحتلال في تهويد المدينة المقدسة، وأعلن عن افتتاح نادٍ رياضي في حي رأس العمود ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، ضمن مخطط تهويدي واسع.
كما أشار إلى مواصلة الاعتداءات في الضفة الغربية، ولا سيما في جنين، حيث تستمر العمليات منذ أربعة أشهر، وأسفرت عن تهجير أكثر من 22 ألف مواطن وتدمير مئات المنازل، إلى جانب حالات الخطف والتعذيب والتنكيل التي يمارسها الاحتلال في معظم المدن.
وأكد الحوثي على أن الأمة الإسلامية قادرة على فعل الكثير من أجل مناصرة الشعب الفلسطيني، لكنها اليوم واقعة في حالة تفرج خطيرة. وشدد على أن الصمت هو شراكة في الجريمة، وسكوت الأمة هو ما يتيح للاحتلال ارتكاب المزيد من الفظائع بطمأنينة تامة من رد الفعل.
أكّد قائد حركة أنصار الله، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أنّ المجاهدين في كتائب القسام يواصلون القتال بثباتٍ عالٍ ومرونةٍ ميدانيةٍ كبيرة، ما يساهم في استنزاف العدو الإسرائيلي بشكل فعّال. وأشار إلى أنّ القسام نفذت كمائن منكلة بالعدو في مناطق خان يونس وغزة، ومنعت تموضع قوات الاحتلال في مواقع متعددة.
وأوضح الحوثي أنّ سرايا القدس تصدت بدورها لقوة صهيونية حاولت التوغل شرق خان يونس، وفجرت حقلي عبوات برميلية بآليات عسكرية إسرائيلية، مشيرًا إلى تنفيذ عملية مشتركة بين القسام وسرايا القدس شرق غزة.
وأضاف أن عمليات المجاهدين في غزة مؤثرة وفعالة إلى حد جعل بعض قادة الاحتلال يعترفون بواقعهم الضعيف والمهزوز. ونقل عن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت قوله إنّ استمرار سيطرة حركة حماس على غزة بعد 591 يومًا من الحرب يُعد فشلًا ذريعًا لإسرائيل.
وذكر الحوثي أنّ ضباطًا في جيش الاحتلال يعبرون عن خشيتهم من تدقيق الحالات النفسية للجنود خشية نقص العدد، مشيرًا إلى أنّ “الكثير من جنود الجيش الإسرائيلي مصابون بأمراض نفسية، وحالتهم المعنوية والنفسية متدهورة”.
وفي الشأن الاقتصادي، أشار إلى أنّ الدعم الأميركي للاحتلال من خلال القذائف والقنابل، لو كان من أموال الضرائب الأميركية، لكان له أثر بالغ جدًا على الاقتصاد الأميركي. وانتقد في السياق استمرار سفن تابعة لدول عربية وإسلامية في تزويد العدو الإسرائيلي بالمواد الغذائية والبضائع عبر البحر الأبيض المتوسط، واصفًا ذلك بالأمر المؤسف.
كما أدان الحوثي الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، معتبرًا أنها تهدف إلى منع الأهالي من العودة إلى قراهم. وأشار إلى استمرار الانتهاكات في سوريا، من توغلات إلى إحراق للأراضي الزراعية ومناطق الرعي، لا سيما في محافظة القنيطرة.
وقال إنّ الواقع العربي الحالي يعكس تفريطًا كبيرًا بالمسؤولية، ويستوجب تحركًا واسعًا لاستنهاض الأمة، مشددًا على خطورة التفرج والتغاضي عن هذه الحالة التي تعبّر عن نقص في الوعي وتراجع في القيم والأخلاق، فضلًا عن تراجع إيماني كبير ناتج عن تأثيرات الحرب الناعمة.
وأكد أن من أهم أشكال الجهاد في سبيل الله هو العمل على استنهاض الأمة وتوعيتها، داعيًا إلى تعزيز الخطاب الديني والنشاط التثقيفي والإعلامي، وربط الأمة بالله والقرآن الكريم والمبادئ والقيم، في مواجهة ما وصفه بـ”الواقع المرير”.
وأشار إلى أنّ من واجب كل من يمتلك الخلفية الثقافية والقدرة على التعبئة أن يؤدي هذا الدور كجزء من مسؤوليته وجهاده، محذرًا من أنّ تراجع الأمة يهيئها للمؤاخذة الإلهية ولتسلّط أعدائها عليها.
وتمنى الحوثي أن تشهد الدول العربية والإسلامية مظاهرات تضامنية مع غزة، بمستوى ما يُسجّل في بعض الدول الغربية. كما انتقد مواقف بعض الحكومات الأوروبية التي وصفها بأنها “فوق المعتاد”، لكنها لا ترتقي إلى مستوى الجرائم الإسرائيلية الفظيعة.
وطالب بوقف تسليح الاحتلال الإسرائيلي، وفرض عقوبات اقتصادية وقرارات حاسمة، معتبرًا أنّ ما تقدمه بعض الحكومات الأوروبية من تصريحات استنكار لا يكفي، في ظل الدعم المالي والسياسي والتسليحي الكبير الذي قدمته إسرائيل.
واستنكر الحوثي مشاركة النظام المغربي ودول عربية أخرى في تدريبات جوية مع العدو الإسرائيلي، معتبرًا أن النظام المغربي تورط في التطبيع، وتنكر للإرادة الشعبية وخان قضايا الأمة.
وفي سياق آخر، أشار إلى مقتل عنصرين من موظفي “السفارة الإسرائيلية في واشنطن”، قائلاً إنّ الولايات المتحدة تحاول تضخيم الحادثة وجعلها “قضية القرن 21″، في حين أنها تتجاهل الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة.
ورأى أن هذه المفارقة تعكس انحياز الإدارة الأميركية والدول الأوروبية للظلم، واستخدامهم شعار “معاداة السامية” لقمع أي نشاط شعبي أو طلابي يناهض الإبادة في غزة.
وأشار الحوثي إلى أنّ قتل وجرح أكثر من 186 ألف فلسطيني في قطاع غزة لم يدفع الولايات المتحدة لوصف ما يجري بالإجرام أو الإرهاب، ما يعكس حجم التواطؤ الدولي مع العدوان الإسرائيلي.
وفي السياق، أكد أن جبهة الإسناد اليمنية في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس نفذت خلال الأسبوع الماضي عمليات عسكرية متنوعة شملت إطلاق 8 صواريخ فرط صوتية وباليستية بالإضافة إلى طائرات مسيرة.
وأوضح الحوثي أن من بين هذه العمليات، تم إطلاق 3 صواريخ باتجاه مطار اللد في فلسطين المحتلة، ما أدى إلى دوي صفارات الإنذار في معظم المدن والبلدات المحتلة، مما تسبب في حالة رعب واسعة بين السكان.
وأضاف أن العديد من شركات الطيران قررت تمديد تعليق رحلاتها إلى فلسطين المحتلة، وهو ما يشكل تأثيرًا مهمًا على الكيان الإسرائيلي نتيجة للعمليات اليمنية، مشيرًا إلى أن ملايين الإسرائيليين لجأوا إلى الملاجئ، في حين تكشف تصريحات وسائل إعلام الاحتلال والإسرائيليين أنفسهم عن حجم الإحباط واليأس الذي يعيشه العدو أمام هذه الجبهة.
ولفت إلى أن تصريحات قادة الاحتلال تكشف عجز العدو الإسرائيلي عن ردع الموقف اليمني أو التأثير عليه، مبينًا أن هروب عضو مجلس نواب أمريكي في أحد أسواق فلسطين إلى ثلاجة دجاج أثناء دوي صفارات الإنذار يعكس مدى الذعر لدى الاحتلال.
وأشار إلى أن العدوان الإسرائيلي على موانئ الحديدة نفذ خلال الأسبوع 22 غارة، في محاولة بائسة لإيقاف العمليات اليمنية، لكنه فشل تمامًا في ذلك، مؤكداً أن الموقف اليمني قائم على أسس إيمانية وقيمية وأخلاقية لا يمكن التراجع عنها.
وأشاد الحوثي بالعاملين والمرابطين في الموانئ الذين أبدوا ثباتًا في أداء مهامهم رغم الاعتداءات المتكررة، واعتبر عملهم جهادًا في سبيل الله ومرابطة خالصة، مضيفًا أن استمرارهم في أداء واجباتهم هو إسهام مهم وجزء من جهادهم، مقدمًا لهم التحية والتقدير على جهودهم وصبرهم وتضحياتهم.
وتحدث الحوثي عن خروج حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” من المنطقة وهي تحمل عنوان الفشل، بعد خسارة 3 من مقاتلاتها المهمة في سلاح الجو الأمريكي، مؤكداً أن الخروج المليوني الذي شهدته المناطق اليمنية الأسبوع الماضي كان عظيماً ومهماً، حيث شارك فيه 1121 مسيرة بمختلف الأحجام، وسط حضور واسع في المحافظات والمديريات والأرياف، إلى جانب استمرار الوقفات القبلية والأنشطة المختلفة.
وشدد على أن العدو الإسرائيلي في ذروة التصعيد، ما يستدعي إعلان حالة النفير العام المستمر، مع ضرورة التصعيد في العمل والإسناد والاهتمام المكثف، محذراً من السماح بتسلل حالة الوهن أو الملل أو الضعف لأي إنسان يحمل ذرة من الإنسانية والإيمان.
وأكد أن هذه المرحلة تتطلب مزيدًا من الاهتمام، والتصعيد، والجدية، مشيرًا إلى أن المشاهد المأساوية في قطاع غزة تمثل دعوة قوية لإيقاظ الضمير الإنساني وتحمل المسؤولية، فهي أبلغ من أي محاضرة أو كلمة، وتفوق في التعبير عما يجري من مأساة وآلام ومظلومية رهيبة.
ودعا الجميع إلى متابعة الأحداث في قطاع غزة بعناية، مؤكدًا أن مشاهدة هذه المآسي تجعل الإنسان يستحي من الله إذا تقاعس أو قصر في واجبه، مشددًا على ضرورة عدم السماح للكسل أو الملل أو الفتور بالتسلل إلى الجهد الشعبي المتمثل في الخروج الأسبوعي بالمظاهرات المليونية.
وشدد على أهمية تكثيف النشاط والحرص على أكثر من مجرد الخروج الأسبوعي والمقاطعة الاقتصادية، معتبراً هذا الأسبوع من أكثر الأسابيع دموية ومأساة، معربًا عن أمله في أن يكون الحضور المليوني في اليوم التالي حاشدًا وكبيرًا جدًا.
ودعا الحوثي شعب اليمن إلى المشاركة الواسعة في الخروج المليوني للتعبير عن الغضب، والوفاء، والثبات على الموقف، ومساندة الشعب الفلسطيني، والتأييد الكامل للعمليات العسكرية بأعلى مستوى. وختم بدعوته إلى حضور مميز يوم الغد في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، يليق بقيم الشعب اليمني وإيمانه وثباته ووفائه وجهاده.