الوقت- من النقاط المهمة التي ذكرها تقرير نيويورك تايمز هو الاستخفاف بالقدرات الدفاعية والهجومية لجماعة أنصار الله في اليمن والخسائر الكبيرة التي ألحقتها بالجيش الأمريكي، وعندما دخل دونالد ترامب البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، قدم وعدًا كبيرًا بإنهاء جميع الحروب وتعويض أخطاء الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، ومن أهم بؤر التوتر في العالم قضية مضيق باب المندب والصراع بين أنصار الله والكيان الصهيوني وأسطولهم التجاري التابع لهم، وزعم ترامب أن جماعة أنصار الله في اليمن ستوقف هجماتها على الأساطيل التجارية التابعة لـ"إسرائيل" والأراضي المحتلة، وإلا فإنها ستواجه "جحيمًا حقيقيًا" لم تشهد مثله من قبل، ادعاء لم يستغرق سوى شهرين لإثبات أنه سخيف وغير صحيح.
عملية "الحصان البري" والهزيمة الكبرى للبحرية الأمريكية في باب المندب
في الـ 12 من مارس 2025، انتهت المهلة التي حددتها حركة أنصار الله في اليمن للكيان الصهيوني بأربعة أيام لإنهاء انتهاكات وقف إطلاق النار واستئناف إرسال المساعدات الإنسانية إلى الشعب المضطهد في غزة، واستؤنفت الهجمات الصاروخية على الأراضي المحتلة والهجمات على الأسطول التجاري للكيان في البحر الأحمر، وردا على هذه القضية، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن غارات جوية على الأراضي اليمنية لاستئناف حملة القصف المستمرة منذ شهرين دون جدوى ضد الجيش اليمني والقوات الشعبية بعد توقف دام عدة أشهر منذ انتهاء ولاية جو بايدن.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقال جديد أن "راف رايدر" كان العنوان المختار للحملة الجوية، وهي خطة اقترحها، على ما يبدو، الجنرال مايكل كوريللا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بإطار زمني يتراوح بين 8 إلى 10 أشهر، لكن ترامب حدد مهلة شهر واحد لرؤية نتائج ملموسة للعملية (بما في ذلك خفض الهجمات الصاروخية على "إسرائيل" وخفض هجمات أنصار الله ضد السفن) قبل الموافقة على مواصلتها.
وانتهت هذه العملية بعد ما يقرب من 50 يومًا، بتكلفة مليار دولار وأكثر من 1000 غارة جوية على الأراضي اليمنية دون أي نتائج إيجابية للولايات المتحدة ومع أضرار كبيرة للأسطول الجوي الأمريكي، وأعلن دونالد ترامب وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحكومة اليمنية، لكن صحيفة نيويورك تايمز نشرت في مقالها تفاصيل هذه العملية الفاشلة وأسباب فشل أمريكا في تحقيق أهدافها في حرب اليمن.
الموعد النهائي غير واقعي:
إن مهلة الثلاثين يوما التي حددها ترامب لم تكن تتناسب مع الحقائق على الأرض وتعقيدات العملية، وهذه المرة حرمت الضغوط القوات العسكرية من القدرة على التخطيط الدقيق، وجمع المعلومات الشاملة، والتنفيذ خطوة بخطوة، ويرى المحللون أن هذا الموعد النهائي جاء نتيجة لعدم وجود فهم استراتيجي داخل إدارة ترامب لطبيعة الصراعات غير المتكافئة.
تقييم خاطئ لقوة أنصار الله:
لم يكن لدى الولايات المتحدة معلومات كافية عن القدرات الدفاعية والقتالية للحوثيين، وخرج الحوثيون، الذين عززوا قدراتهم العسكرية بعد هجمات حماس في أكتوبر/تشرين الأول 2023، بأنظمة دفاعية أكثر تقدما مما كان متوقعا.
دعم إيران لأنصار الله:
وكان دور إيران في تقديم الأسلحة والتدريب والدعم اللوجستي للحوثيين عاملاً مهماً في مقاومتهم، ويشير تقرير نيويورك تايمز أيضًا إلى دور طهران في مفاوضات وقف إطلاق النار، ما يدل على النفوذ الدبلوماسي والعسكري الإيراني في الأزمة، وقد أدى هذا الدعم إلى تقليص فعالية الضربات الجوية الأمريكية بشكل كبير.
الخلافات بين الشركاء الإقليميين:
إن غياب التوافق بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وعدم رغبة دول أخرى في المنطقة في المشاركة في العملية، أضعف التنسيق اللازم، وتعتقد الإمارات العربية المتحدة أن الضربات الجوية لن تحقق نتائج دائمة من دون عمليات برية أو استراتيجية أكثر شمولاً.
عدم وجود خطط للعمليات الأرضية:
كانت عملية "الفارس الخشن" تركز في البداية على الضربات الجوية فقط، دون أي خطط للقيام بعمليات برية، وكان هذا القرار بمثابة خلل استراتيجي جوهري، في ظل إنشاء أنصار الله مناطق مستقرة ومحصنة في أجزاء من اليمن، بما في ذلك المناطق الاستراتيجية مثل صنعاء وميناء الحديدة.
طائرة إف-35 الأمريكية كانت على وشك أن تصبح ضحية للدفاع اليمني!
ومن النقاط المهمة التي ذكرها تقرير نيويورك تايمز هو الاستخفاف بالقدرات الدفاعية والهجومية لجماعة أنصار الله في اليمن والخسائر الكبيرة التي ألحقتها بالجيش الأمريكي، وفي أول 30 يومًا من الغارات الجوية الأمريكية على اليمن، تم إسقاط 7 طائرات من دون طيار مقاتلة من طراز MQ-9 (وتم إسقاط ما مجموعه عشر طائرات من دون طيار من طراز Reaper في عام 2025).
لقد خسرت حاملة الطائرات هاري ترومان 3 من مقاتلاتها من طراز إف-18 سوبر هورنت بسبب ضغط هجمات أنصار الله الصاروخية؛ تم إسقاط واحدة منها بنيران المدمرة جيتيسبيرج الدفاعية، والثانية بالسقوط من سطح السفينة أثناء المناورة للتهرب من صاروخ يمني مضاد للسفن، والثالثة بسبب خطأ الطيار أثناء الهبوط على سطح السفينة في الليل، لكن النقطة الأكثر إثارة للاهتمام هي الإشارة إلى التحديات الخطيرة التي تشكلها الطائرات المقاتلة الأمريكية فوق اليمن، وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن الدفاعات اليمنية أطلقت النار على طائرات أمريكية عدة مرات خلال الحملة الجوية، وفي بعض الحالات اقتربت من إسقاط عدة طائرات مقاتلة من طراز إف-16 وإف-35.
منذ أن أدخل الأمريكيون مقاتلة إف-35 كمقاتلة من الجيل الخامس ذات قدرة التخفي الراداري العالية، سُئل الجانب الأمريكي عن الطريقة والكيان الذي استخدمه اليمنيون لكشف واعتراض طائرة إف-35، الخيار الأكثر ترجيحا في ترسانة صواريخ الدفاع لدى جماعة أنصار الله اليمنية هو صاروخ الدفاع "برق-2"، الذي يبلغ مداه 70 كيلومترا وارتفاع تشغيله 20 كيلومترا، وسيكون قادرا على اعتراض الطائرات المقاتلة الأمريكية حتى في أقصى ارتفاع طيران لها بمساعدة الأنظمة الكهروضوئية الموجودة في حوزة الجيش اليمني.
ويبدو أن سبب الذعر الذي أصاب ترامب وأمره المفاجئ بسحب الجيش الأمريكي، هو احتمالية إسقاط الطائرات الأمريكية فوق اليمن وأسر طياريها، وفي ظل المفاوضات النووية المكثفة مع إيران ومناقشة حرب غزة وقضية الأسرى الإسرائيليين في أيدي حماس، أضعف هذا الموقف واشنطن بشدة وأجبرها على تقديم تنازلات كبيرة.
