الوقت- أُجريت مناورات "اقتدار" البحرية، التي تحمل اسم الشهيد "محمد ناظري"، يومي الخميس والجمعة على مرحلتين في الخليج الفارسي، ومنطقة "نازعات" في مضيق هرمز، وبحر عُمان.
خلال المناورة، وجّهت الوحدات البحرية رسالةً حازمةً بإصدار تحذيرٍ للسفن الأمريكية المتواجدة في المنطقة.
تشمل الأهداف الرئيسية للمناورة تحسين الجاهزية القتالية للقوات المسلحة، وإظهار القدرات المحلية في إنتاج أسلحة ذكية ودقيقة، واختبار مرونة الأنظمة القتالية في ظروف الحرب الحقيقية، وممارسة مواجهة الحرب الإلكترونية للعدو في بيئةٍ مُصممةٍ تُشبه المعركة.
تُظهر هذه الأهداف أن مناورات "اقتدار" ليست مجرد استعراض بسيط للقوة، بل هي جزء من توجه متزايد لتغيير بنية المعركة البحرية الإيرانية والاستعداد لسيناريوهات أكثر تعقيدًا في البيئة الأمنية بجنوب البلاد.
الأسلحة المستخدمة في المناورة
في مناورات "أقتدار" التابعة للحرس الثوري الإيراني، أُطلقت مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز بعيدة المدى، في هذه المرحلة، دمرت صواريخ كروز "قدر 110" و"قدر 380" و"قدير 300" من أعماق البلاد جميع الأهداف المحددة مسبقًا في بحر عمان بدقة عالية من خلال إصابتها في وقت واحد.
بالإضافة إلى الصواريخ، كان من بين الأسلحة القوية الأخرى المستخدمة في هذه المناورة زورق "تندور" وزورق "سراج" المتخفي المزود بقدرات هجومية لإطلاق الصواريخ، وزورق "ذو الفقار" البرمائي العائم التابع للحرس الثوري الإيراني، وطائرة "مهاجر 6" المسيرة التي يبلغ مداها 2400 كيلومت، تمكنت هذه الأنظمة، باستخدام الذكاء الاصطناعي، من تحديد وإصابة الأهداف الجوية والبحرية في وقت قياسي وبدقة عالية.
في هذا التمرين، استُخدمت أحدث التكتيكات العالمية لاستخدام الأسلحة وتوجيهها، لذلك، وبالتزامن مع إطلاق الصواريخ، تمكنت أنظمة الطائرات المسيرة أيضًا من مهاجمة قواعد محاكاة للعدو وتدميرها بنجاح.
كما أجرت أنظمة الدفاع الجوي المنتشرة على متن السفن في هذا الجزء من التمرين تدريبات قتالية مكثفة ضد أهداف جوية تهدف إلى مهاجمة السفن السريعة والسواحل الإيرانية، يُعد استقرار أنظمة القتال ومواجهة الحرب الإلكترونية للعدو في حالة حرب محاكاة من أهم أهداف هذا التمرين.
كشف النقاب عن صاروخ من الجيل الجديد
من أبرز نقاط هذا التمرين الكشف عن الصاروخ الباليستي الغامض 303، وهو صاروخ لم تُكشف مواصفاته الدقيقة بعد، وتشير التكهنات إلى أنه منتج جديد للقوات المسلحة الإيرانية في مجال الصواريخ، وقد أُجريت تجربته التشغيلية خلال التمرين، ولأول مرة في هذه المناورة، كُشف النقاب عن صاروخ كروز "سجيل" المضاد للسفن، بمدى 180 كيلومترًا ومُزوّد بمحرك داخلي، واختُبر أداؤه العملياتي.
كما أعلن العميد علي رضا تنغسيري، قائد القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني، أن جزءًا فقط من قدرات القوة لم يُعرض في المناورة الأخيرة، بما في ذلك الدفاع الجوي وصواريخ أرض-أرض، وأضاف: "لأول مرة في الخليج الفارسي، استُخدم صاروخ بمدى يُعادل طول الخليج الفارسي، يتمتع هذا الصاروخ بقدرات فريدة يُمكن التحكم بها بعد الإطلاق، وكل ما استخدمناه في هذه المناورة محلي الصنع، أما الصاروخ التالي الذي استخدمناه فكان صاروخًا باليستيًا جديدًا، كان استهدافه دقيقًا للغاية، وقد رأى الأعداء دقته".
وقد جذب التقدم العسكري الإيراني في تصنيع أنواع مختلفة من الأسلحة انتباه المراقبين الدوليين، مما يدل على التقدم التكنولوجي المستمر للبلاد واكتفائها الذاتي في مجال الدفاع، في هذا الصدد، يُمكن الإشارة إلى تزايد عدد الدول التي قلّدت طائرة الـ 136 المُسيّرة في الأشهر الأخيرة، والتي تشمل حتى أقوى الدول في مجال القوة الجوية، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والهند والصين.
رسائل التدريب
بما أن جميع التدريبات الإيرانية تُجرى بهدف تعزيز قدرات البلاد ورفع مستوى جاهزية القوات العسكرية ضد أي عدوان، فإن مناورات الخليج الفارسي، كما هي العادة، تحمل رسالة تعايش وسلام للجيران والأصدقاء، ورسالة قوة واستعداد كامل للقوات المسلحة للدفاع عن سلامة أراضيها ومصالحها الوطنية في مواجهة الأعداء.
ونظرًا لأن الخليج الفارسي وبحر عُمان طريقان حيويان للتجارة العالمية ونقل الطاقة، فإن مناورات إيران تُظهر قدرتها على السيطرة على هذه الممرات المائية الاستراتيجية والحفاظ على أمنها. هذه الخطوة، لا سيما في ظل سعي الولايات المتحدة لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة وممارسة أقصى ضغط على صادرات النفط الإيرانية، تُرسل رسالة واضحة مفادها بأن إيران لن تتنازل عن الأمن البحري وحماية مصالحها الوطنية.
تعتزم طهران استخدام هذه الخطوة للتحذير من أن أي عمل عدائي من جانب واشنطن ضد الأمن البحري والمصالح الوطنية الإيرانية سيُقابل بردٍّ جادٍّ وفوري.
ونظرًا للحملة العسكرية الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي خلال الأسابيع الأخيرة، تُثبت هذه المناورات أن مثل هذه الإجراءات الاستعراضية لا تؤثر على السياسات الإيرانية، كما يُنذر الكشف عن الصواريخ الجديدة بوضوح بأن القدرات الدفاعية الإيرانية غير قابلة للتفاوض، وأن تطوير مدى ودقة هذه الأسلحة سيستمر.
من ناحية أخرى، تُوجّه هذه المناورات رسالةً إلى الجماعات غير الشرعية، كمهربي الوقود والقراصنة، مفادها أن البحرية الإيرانية، من خلال سيطرتها ومراقبتها الكاملة لمياه الخليج الفارسي، تضمن أمن هذه الممرات المائية الحيوية، وتصعّب الأنشطة غير الشرعية في هذه المنطقة.
إن تزامن هذه المناورات مع المناورات المشتركة لمكافحة الإرهاب لمنظمة شنغهاي للتعاون بعنوان "سهند 2025" في شمال غرب البلاد، بالإضافة إلى الردع الخارجي، يهدف أيضًا إلى تعزيز الروح المعنوية الداخلية وإظهار التماسك العسكري والدفاعي لإيران.
أُجريت مناورات الحرس الثوري الإسلامي في وقتٍ أضاف فيه جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤخرًا مدمرتين، "سهند" و"كردستان"، إلى أسطوله البحري؛ وهي خطوةٌ تُظهر أن القوة البحرية للبلاد تتطور بسرعة، وأن إيران في طريقها لتصبح أحد اللاعبين المهمين والمؤثرين في الساحة البحرية في المنطقة، بل والعالم.
بشكل عام، لطالما بعثت مناورات الجيش والحرس الثوري، الضامن الرئيسي للأمن القومي على الحدود البحرية والساحلية، في السنوات الأخيرة، رسالةً مفادها أن أي اعتداء على سلامة أراضي إيران سيُقابل بردٍّ سريعٍ وحازم. كما يُعدّ الكشف عن أسلحة جديدة بمثابة مفاجأة استراتيجية للأعداء، تُمكّنهم من دراسة جميع الجوانب قبل ارتكاب أي خطأ في الحسابات.
