الوقت- تتصاعد التوترات في اليمن مع استعداد الميليشيات الانفصالية الجنوبية، المدعومة من الإمارات، لشن هجوم بري على محافظة تعز وميناء الحديدة، بدعم جوي أمريكي، هذه التطورات، التي أوردتها تقارير صحيفة "وول ستريت جورنال"، تُنذر بتصعيد خطير قد يعيد إشعال الحرب الأهلية في البلاد، على الرغم من الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها في مارس 2022 في استوكهولم.
يُشار في هذا السياق إلى أن هذه العملية تثير انقسامات بين الأطراف الإقليمية، وخاصة مع عدم رضا السعودية عن هذه الخطط، ما يطرح تساؤلات حول جدواها وتبعاتها.
التحضيرات العسكرية والدور الأمريكي
تُشير التقارير إلى أن الميليشيات المدعومة إماراتيًا، والتي يُقال إنها تضم حوالي 80 ألف مقاتل وفقًا لتصريحات عبدالعزيز صقر من مركز دراسات الخليج، تستعد للهجوم على تعز والحديدة، هذه الميليشيات ستعمل كقوات برية فعلية تحت غطاء جوي أمريكي، حيث تقوم الطائرات الأمريكية بقصف خطوط دفاع القوات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء أحد قادة حركة أنصار الله.
في الوقت ذاته، كشفت "وول ستريت جورنال" أن ضباطًا أمريكيين متقاعدين سيقدمون المشورة للمجلس الانتقالي الجنوبي في العمليات العسكرية ضد أنصار الله، هذا الدور الأمريكي يُثير تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بهذه العملية، وخاصة في ظل تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في اليمن.
موقف السعودية وأسباب عدم رضاها
يُشار في هذا الصدد إلى أن السعودية، التي تُعدّ أحد أبرز الداعمين للفصائل المعارضة لحكومة صنعاء، غير راغبة في هذه العملية البرية، هذا الموقف يعود إلى عدة أسباب:
المخاوف من تصعيد الصراع، السعودية، التي سعت خلال السنوات الماضية إلى تثبيت الهدنة وتقليص خسائرها في اليمن، تخشى أن تؤدي هذه العملية إلى توسيع رقعة الحرب، ما قد يعرض مصالحها الاستراتيجية للخطر.
التوازنات الإقليمية، السعودية ترى في الدور الإماراتي محاولة لتعزيز النفوذ الإماراتي في جنوب اليمن، ما قد يضعف نفوذ الرياض في المشهد اليمني.
على الرغم من هذا الرفض، فإن موافقة ضباط أمريكيين متقاعدين على تقديم المشورة للمجلس الانتقالي تُظهر تصميم الإمارات والولايات المتحدة على المضي قدمًا في الخطة، ما يثير تساؤلًا جوهريًا، هل يمكن أن تكون هذه العملية فعالة دون دعم السعودية؟
جدوى العملية وفعاليتها
يُشكك العديد من المحللين في جدوى هذه العملية في ظل غياب الدعم السعودي، اليمن يُعدّ بيئة معقدة سياسيًا وعسكريًا، حيث تلعب التحالفات القبلية دورًا حاسمًا، حكومة صنعاء، المدعومة من أنصار الله، تتمتع بصلات قوية مع العديد من القبائل، ما يجعل أي هجوم بري محفوفًا بالمخاطر، كما أن رفض السعودية قد يحد من الدعم اللوجستي والمالي الذي تحتاجه الميليشيات، ما يقلل من فرص نجاح العملية.
علاوة على ذلك، فإن محاولة تكرار تجربة "تحرير الشام" في سوريا على الأراضي اليمنية تحمل مخاطر كبيرة، في سوريا، أدت الفصائل المدعومة خارجيًا إلى انقسامات داخلية وصراعات مستمرة، وهو ما قد يتكرر في اليمن.
المخاطر والتبعات على الأطراف المعنية
السعودية، بالنسبة للسعودية، فإن السكوت عن هذه العملية أو عدم التصدي لها قد يُضعف نفوذها في اليمن، وخاصة إذا نجحت الإمارات في تعزيز سيطرتها على الجنوب، في الوقت نفسه، دعم العملية قد يجرّها إلى صراع طويل الأمد، ما يُعرّضها لخسائر اقتصادية وعسكرية إضافية.
الإمارات، التي تُراهن على الميليشيات الجنوبية لتوسيع نفوذها، تتحمل مخاطر كبيرة، نجاح العملية قد يعزز مكانتها كلاعب إقليمي رئيسي، لكنه قد يُفاقم التوترات مع السعودية ويُعرّضها لردود فعل عنيفة من أنصار الله، الذين هددوا بتوسيع الحرب لتشمل الدول الداعمة للميليشيات.
الدعم الأمريكي لهذه العملية، سواء من خلال الغارات الجوية أو تقديم المشورة العسكرية، قد يُعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة، لكنه يحمل مخاطر تصعيد الصراع مع أنصار الله، الذين يربطون هذه الأعمال بدعم الكيان الصهيوني.
هل تخشى الأطراف التبعات؟
يبدو أن الإمارات والولايات المتحدة مصممتان على المضي قدمًا، على الرغم من المخاطر، الإمارات ترى في هذه العملية فرصة لتعزيز نفوذها في اليمن، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى إضعاف أنصار الله كجزء من استراتيجيتها الإقليمية، ومع ذلك، فإن السعودية، التي تُدرك تعقيدات المشهد اليمني، تبدو أكثر حذرًا، خشية أن تؤدي هذه العملية إلى نتائج عكسية.
من جانبها، أكدت جماعة أنصار الله أن أي غزو بري سيُواجه بمقاومة شرسة، محذرة من أن التصعيد قد يمتد ليشمل دول المنطقة، هذا التهديد يُضيف طبقة أخرى من التعقيد، حيث قد تتحول العملية من هجوم محدود إلى حرب إقليمية شاملة.
التداعيات الإقليمية والدولية
إن نجاح أو فشل هذه العملية البرية لن يقتصر تأثيره على اليمن وحدها، بل قد يُعيد تشكيل التوازنات الإقليمية، السعودية، التي استثمرت مليارات الدولارات في دعم الفصائل المعارضة لحكومة صنعاء، قد تجد نفسها مضطرة لإعادة تقييم استراتيجيتها إذا ما أدت هذه العملية إلى تعزيز النفوذ الإماراتي أو تصعيد الصراع، في الوقت نفسه، فإن الإمارات، التي تسعى إلى ترسيخ وجودها في جنوب اليمن، قد تُواجه تحديات داخلية وخارجية إذا ما فشلت الميليشيات المدعومة منها في تحقيق أهدافها.
على الصعيد الدولي، فإن الدعم الأمريكي لهذه العملية قد يُفاقم التوترات مع دول أخرى في المنطقة، وخاصة تلك التي تدعم حكومة صنعاء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن اتهامات أنصار الله للولايات المتحدة بدعم الكيان الصهيوني تُعزز الخطاب المناهض للنفوذ الأمريكي في المنطقة، ما يُعقّد الجهود الدبلوماسية لاحتواء الصراع.
من ناحية أخرى، فإن القبائل اليمنية، التي تُشكل عمودًا فقريًا للديناميكيات السياسية والعسكرية في البلاد، قد تلعب دورًا حاسمًا في حسم نتيجة هذه العملية، أي محاولة لفرض سيطرة عسكرية دون مراعاة هذه التحالفات القبلية قد تُؤدي إلى مقاومة شعبية واسعة، ما يُعرّض العملية للفشل.
في الختام، إن التحضيرات لمعركة برية في اليمن، بدعم جوي أمريكي، تُنذر بمرحلة جديدة من التصعيد في البلاد، غياب الدعم السعودي، إلى جانب تعقيدات المشهد السياسي والعسكري، يجعل نجاح هذه العملية موضع شك كبير، الأطراف المعنية، وخاصة الإمارات والسعودية، تتحمل مخاطر كبيرة، سواء من حيث الخسائر العسكرية أو التوازنات الإقليمية، وفي النهاية، يبقى السؤال: هل ستتمكن هذه العملية من تحقيق أهدافها، أم إنها ستُفاقم الفوضى في اليمن وتُشعل صراعًا أوسع في المنطقة؟