الوقت- منذ بداية الحرب، حذر العديد من المحللين وحتى المسؤولين العالميين من أن الدعم الأمريكي والغربي للجيش الأوكراني ليس دائما، وأنهم قد يتخلى عنهم في نهاية المطاف لروسيا، وحظي التبادل اللفظي الساخن بين ترامب وفانس مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع الليلة الماضية بتغطية واسعة النطاق في وسائل الإعلام العالمية.
وفي حين قيل إنه بعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون للولايات المتحدة ووساطته، كان من المفترض أن يحصل زيلينسكي على ضمانات باستمرار الدعم الأمريكي للبلاد خلال زيارته لواشنطن من خلال التوقيع على اتفاقية تجارة التعدين، فإن الاجتماع بين الجانبين لم يسر على ما يرام على الإطلاق وتحول إلى صدام كلامي كامل النطاق ونوع من طرد زيلينسكي من البيت الأبيض.
لقد أصبح وعد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا هو الأولوية الأولى في السياسة الخارجية الأمريكية قبل أشهر من انتخابات نوفمبر 2024، وكانت استراتيجية ترامب في هذه القضية هي التهديد والضغط على أوكرانيا وأوروبا والتقرب من الكرملين، وهذا ما أثار رعب زيلينسكي والقادة الأوروبيين، يعتقد العديد من الخبراء أنه بعد أحداث الليلة الماضية، هناك أمل ضئيل في تحقيق السلام في أوكرانيا، ومن المرجح أن يتم قطع المساعدات الأمريكية للأسلحة بشكل كامل.
منذ بداية الحرب، حذر العديد من المحللين وحتى المسؤولين العالميين من أن دعم الولايات المتحدة والغرب للجيش الأوكراني ليس دائمًا، وأنهم قد يتخلوا عنهم في نهاية المطاف لروسيا، حدث أصبحت علاماته واضحة اليوم على يد إدارة ترامب، وأصبحت مسألة حجم المساعدات المالية والأسلحة الأمريكية لأوكرانيا على مدى السنوات الثلاث الماضية موضوعًا غريبًا ومضحكًا إلى حد ما؛ في حين أن كل المساعدات الأمريكية لأوكرانيا كانت في شكل حزم رسمية وافق عليها الكونجرس في البلاد وأن المبلغ المذكور دقيق وواضح للغاية، فقد أدلى ترامب بادعاءات غريبة حول حجم هذه المساعدات.
وافق الكونغرس الأمريكي على خمس حزم دعم لأوكرانيا منذ بداية الحرب:
_ أبريل 2022 بمبلغ 13.6 مليار دولار.
_ مايو 2022 بمبلغ 40.9 مليار دولار.
_ أكتوبر 2022 بمبلغ 12.3 مليار دولار.
_ يناير 2023 بمبلغ 47.4 مليار دولار.
_ أبريل 2024 بمبلغ 61.3 مليار دولار.
ويظهر مجموع الأرقام المذكورة أعلاه أنه تمت الموافقة على مبلغ 175.5 مليار دولار لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا، لكن النقطة المهمة هي أن 106 مليارات دولار فقط من هذا المبلغ كانت في شكل مساعدات مباشرة لأوكرانيا، والباقي أنفق على الأراضي الأمريكية لتطوير الصناعات العسكرية في البلاد.
وهناك نقطة مهمة أخرى وهي أن من أصل 106 مليارات دولار تم التبرع بها لأوكرانيا، كان 36 مليار دولار فقط في شكل نقدي، وكانت التكاليف المتبقية مرتبطة بإرسال المعدات العسكرية، ومعظمها قديمة، والذخائر التي وصلت إلى تاريخ انتهاء صلاحيتها، أو تدريب الطواقم الأوكرانية على تشغيل هذه المعدات.
ويبدو أن إصرار ترامب غير الضروري والغريب على الرقم غير الواقعي البالغ 350 مليار دولار ليس سوى ذريعة له لتبرير عدم قدرته على إقناع طرفي الحرب بالموافقة على وقف إطلاق النار، وبالطبع السعي إلى استثمارات طويلة الأجل للتعويض عن التكلفة الضئيلة التي تكبدها في الحرب الأخيرة من خلال نهب الموارد الجوفية في أوكرانيا.
التشجيع على الحرب مع روسيا أو الخيانة العظمى للغرب
انفصلت أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي في عام 1991 وأصبحت دولة مستقلة؛ لقد ورثوا جزءاً كبيراً من الرؤوس النووية والقاذفات الاستراتيجية والصواريخ العابرة للقارات والصواريخ النووية، وفي عام 1994، وفي مقابل ضمانات أمنية من الغرب والرد على أي غزو للبلاد، وافقوا على تسليم الأسلحة النووية والمعدات ذات الصلة من خلال اتفاقية بودابست.
وعلى الرغم من ذلك، لم تتلق أوكرانيا أي دعم فحسب، بل سرعان ما أصبحت ساحة معركة بين حلف شمال الأطلسي وروسيا؛ لقد شهدت هذه البلاد العديد من الانقلابات الملونة، وأخيرا، عندما احتل الجيش الروسي شبه جزيرة القرم وجزءاً من شرق أوكرانيا بعد الإطاحة يانوكوفيتش في عام 2014، اكتفت الدول الغربية بمشاهدة الوضع ورفضت حتى إرسال الأسلحة والذخيرة.
كان القادة الأوكرانيون قد تقبلوا تقريبا خسارة شبه جزيرة القرم وجزء من دونباس (7٪ من مساحة البلاد)، ولكن التحريض الأمريكي والأوروبي على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي وتجاهل تهديدات روسيا، التي رأت أمنها في خطر مع توسع الناتو شرقا، تسبب مرة أخرى في وقوعهم في فخ الوعود الغربية الكاذبة، فُرضت حرب جديدة على البلاد، واستولت روسيا حتى الآن على 11% أخرى من أراضي أوكرانيا، ما يرفع إجمالي المساحة المفقودة، بما في ذلك المناطق المفقودة في عام 2014، إلى 18% من مساحة البلاد (أكثر من 110 آلاف كيلومتر مربع)، أصبحت كامل ساحل بحر آزوف، وأفضل الأراضي الزراعية الخصبة، والمناجم الكبيرة للعناصر الأرضية النادرة في جنوب وشرق أوكرانيا، خارج سيطرتها.
رفع البنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة تقديراتهم للتكلفة الإجمالية لإعادة إعمار أوكرانيا والتعافي منها إلى 524 مليار دولار على مدى العقد المقبل، وقد قُدِّرَت تكلفتها قبل عام واحد بنحو 486 مليار دولار.
ورغم أن زيلينسكي لا يزال يتحدث عن استمرار الحرب مع روسيا على أمل الحصول على الدعم الأوروبي والتعويض عن قطع المساعدات الأمريكية، بغض النظر عن مقدار الدفاع الذي تمتلكه أوكرانيا ومدى قدرتها على مقاومة خسارة المدن المهمة في شرق البلاد، إلا أنه لا يوجد أفق أو خطة واضحة لها لاستعادة الأراضي التي فقدتها في السنوات الأخيرة.