الوقت- لم تتردد اليمن، منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، في الوقوف صفاً واحداً مع الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة، مؤكدةً عمق الروابط التاريخية والدينية التي تجمع الشعبين الشقيقين، فقد أعلنت اليمن رسمياً عن تشكيل "جبهة الإسناد اليمنية" لدعم المقاومة الفلسطينية، لتكون بذلك واحدة من أبرز جبهات المقاومة في المنطقة التي ساندت القضية الفلسطينية، وتكتسب جبهة الإسناد اليمنية أهمية استراتيجية بالغة، فهي تشكل رافداً قوياً للمقاومة الفلسطينية.
ولم يقتصر العدوان الصهيوني على قطاع غزة، بل امتد إلى اليمن، حيث قام الكيان الصهيوني، بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا، بشن غارات جوية استهدفت البنى التحتية اليمنية، في محاولة لتعطيل جهود اليمن في دعم المقاومة الفلسطينية، إلا أن هذه الاعتداءات لم تثن اليمن عن مواصلة دعمها للقضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، وجهت اليمن تحذيرات شديدة اللهجة للدول التي تسعى إلى التدخل في شؤونها الداخلية ودعم العدوان الصهيوني، مؤكدةً أنها سترد بكل قوة وحزم على أي اعتداء يستهدف أمنها واستقرارها، كما حذرت اليمن الدول المجاورة من مغبة الانخراط في أي تحالفات تستهدف اليمن، مؤكدةً أن أي عدوان على اليمن ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها.
شدد عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن التابع لحركة "أنصار الله" محمد علي الحوثي، في تصريح، على "أننا ننصح السعودية ألا تتورط في التصعيد (ضد اليمن) فالمعركة التي يجب الإعداد لها هي غزة وإيقاف تمدد الكيان الإسرائيلي".
ويأتي ذلك في ظل التصعيد الإسرائيلي والأمريكي في شن غارات على اليمن، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتنقيذ حركة "أنصار الله" عمليات عسكرية لمساندة القطاع، والتي شهدت زيادة في إطلاق الصواريخ الباليستية ضد "إسرائيل" مؤخرًا.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن محللين، أن "إسرائيل تكافح بمواجهة الحوثيين لافتقارها لمعلومات عن مواقع القادة ومخازن الأسلحة".
يمثل تصريح عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، تحذيراً صريحاً للمملكة العربية السعودية من مغبة الانجرار إلى المزيد من التصعيد ضد اليمن، تأتي هذه التحذيرات في سياق تصاعد التوتر في المنطقة، وخاصةً مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ودعم اليمن المتزايد للمقاومة الفلسطينية، التحذيرات اليمنية تحمل في طياتها تهديداً حقيقياً فهي ليست مجرد تهديدات فارغة، بل هي تعكس استعداداً حقيقياً للمواجهة، وقدرات متزايدة على توجيه ضربات مؤلمة لأعدائها.
صواريخ اليمن تغير المعادلات
لقد شهدنا في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في القدرات الصاروخية اليمنية، والتي باتت تشكل تهديداً حقيقياً على عمق الكيان الصهيوني، هذه القوة الصاروخية المتنامية ليست مجرد تهديد، بل هي رسالة واضحة مفادها بأن اليمن قادر على الدفاع عن نفسه وحماية مصالحه، وأن دعمه للقضية الفلسطينية ليس مجرد شعارات بل واقعاً ملموساً.
لا يمكن لليمن اليوم أن يكون سوى على أهبة الاستعداد لمواجهة أي عدوان، وأن يستمر في تقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في غزة، فالصواريخ اليمنية التي استطاعت أن تصل إلى عمق الكيان الصهيوني، رغم المسافة الشاسعة، هي دليل قاطع على قدرة اليمن على ردع أي عدوان، فالسعودية، كجارة لليمن، عليها أن تدرك جيداً هذه الحقيقة وأن تأخذ العبرة من ما يحدث في المنطقة، فإذا كانت الصواريخ اليمنية استطاعت أن تصل إلى الكيان الصهيوني، فمن المؤكد أنها قادرة على الوصول إلى أي هدف داخل الأراضي السعودية. لذلك، على السعودية أن تعيد حساباتها وألّا نتخرط في أي عدوان على اليمن، حيث إن استمرار التصعيد والعدوان على اليمن لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والاضطراب في المنطقة.
اليمن الصامد يوجه صفعة قوية للعدوان
لقد كشفت الأحداث الأخيرة في اليمن عن حقيقة مهمة، وهي أن العدوان الصهيوني والأمريكي على اليمن قد اصطدم بواقع مختلف تماماً عما كان يتصوره، فبدلاً من تحقيق أهدافه، وجد نفسه يتخبّط في مستنقع من الفشل، ويعاني من خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، لقد استهدفت الغارات الصهيونية والأمريكية بشكل عشوائي البنية التحتية المدنية والمنشآت النفطية في اليمن، في محاولة يائسة لكسر إرادة الشعب اليمني. ولكن هذه الأعمال الإجرامية لم تؤد إلا إلى زيادة حقد الشعب اليمني وتصميمه على المقاومة، حيث إن هذا الفشل الذريع للعدوان يعكس بوضوح نقص المعلومات الاستخباراتية لدى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة حول اليمن، فبعد سنوات من الحرب والحصار، لا يزالان يفتقران إلى فهم عميق لطبيعة المجتمع اليمني وقدرته على الصمود والتكيف.
ويبدو أن الكيان الصهيوني والولايات المتحدة يحاولان الاستفادة من السعودية لتقديم الدعم الاستخباراتي لهما في اليمن، ولكن هل نسيت السعودية الهزيمة النكراء التي مُنيت بها في حربها العدوانية على اليمن؟ هل تظن أن اليمن اليوم هو نفس اليمن الذي كان عليه قبل سنوات؟.
اليمن اليوم يمتلك قدرات عسكرية متطورة، وقوة صاروخية قادرة على الوصول إلى عمق الأراضي السعودية، كما أن الشعب اليمني يقف صفا واحداً خلف قيادته، ويدافع عن أرضه وعرضه بكل شجاعة وإصرار.
إن أي عدوان على اليمن ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها، وعلى السعودية أن تدرك جيداً أن أي دعم تقدمه للعدوان الصهيوني والأمريكي لن يجلب لها إلا الخسارة والعار، إن اليمن الصامد يوجه اليوم صفعة قوية للعدوان، ويؤكد للعالم أجمع على قدرته على حماية نفسه ومصالحه، وعلى كل الأحرار في العالم أن يقفوا إلى جانب الشعب اليمني في نضاله العادل ضد الظلم والعدوان.
ختاماً إن الشعب اليمني أثبت للعالم أجمع أنه شعب عظيم، قادر على الصمود والتحدي في وجه أعتى القوى، فاليمن، بقدراته الصاروخية المتطورة وبصمود شعبه، قد رسم ملامح جديدة للصراع في المنطقة، وأظهر أن المعادلات التقليدية قد تغيرت، وأن القوة ليست حكراً على الدول الكبرى.