الوقت– جمهورية أذربيجان التي تمكنت في سبتمبر 2023، بعد ثلاثة عقود، من إعادة إقليم كاراباخ إلى حضن الوطن الأم، أحدثت هذه الأيام تغييرات جديدة على الساحة السياسية.
إلهام علييف، رئيس أذربيجان، الذي أجرى انتخابات رئاسية مبكرة العام الماضي من أجل استخدام فرن النصر الساخن في الحرب لمصالحه السياسية، ذهب هذه المرة إلى البرلمان ووقع يوم الجمعة أمرا بحل البرلمان السادس لأذربيجان وهكذا مهدت أذربيجان الطريق لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.
وبموجب المرسوم الرئاسي، من المقرر إجراء انتخابات مبكرة في الأول من سبتمبر 2024، ويشكل هذا الإجراء تطورا سياسيا كبيرا في أذربيجان، إذ يهدف إلى تجديد المجلس التشريعي قبل ولايته الطبيعية، وعقدت المحكمة الدستورية الأذربيجانية اجتماعا اليوم الخميس لمراجعة طلب الرئيس بشأن دستورية طلب البرلمان إجراء انتخابات مبكرة، وبعد هذا الاجتماع الذي ترأسه فرهاد عبد الله توصلت المحكمة إلى أن حل مجلس الأمة وتحديد موعد الانتخابات المبكرة وفقا للمادة 981 من الدستور.
وفي الـ21 من يونيو، دعا البرلمان الأذربيجاني علييف إلى حل المجلس التشريعي والدعوة لإجراء انتخابات مبكرة، وقد تقدم بطلب إجراء انتخابات برلمانية مبكرة من قبل الحزب الحاكم "أذربيجان الجديدة"، الذي يشغل 72 مقعدا من أصل 125 مقعدا في البرلمان الأذربيجاني المؤلف من مجلس واحد، وكان حجة النواب المؤيدين لحل البرلمان هي أنه يجب أن يكون هناك تكوين جديد للهيئة التشريعية يمثل السلامة الإقليمية المستعادة للبلاد من أجل مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29)، لتحقيق الاستخدام الفعال للدبلوماسية البرلمانية، وضمان استمرار الأنشطة التشريعية خلال هذا الحدث المهم.
وكانت الانتخابات البرلمانية السابقة التي أجريت في أذربيجان في فبراير 2020 بمثابة انتخابات مبكرة أيضًا، وجاء في حكم المحكمة الدستورية آنذاك أنه لحين إعداد التشكيلة الجديدة، يجب أن يستمر البرلمان المنحل في أعماله في الحالات الاستثنائية، ويشمل ذلك وظائف حيوية مثل إصدار مراسيم رئاسية بشأن الأحكام العرفية وحالة الطوارئ في حالات مثل الاحتلال الجزئي للأراضي، أو إعلان الحرب من قبل دول أجنبية، أو التهديد الفعلي بهجوم مسلح، أو الحصار أو التهديد بالحصار، ولذلك يحتفظ البرلمان المنحل بصلاحياته في هذه الوظائف الحيوية لحين تشكيل برلمان جديد من 125 عضوا، علاوة على ذلك، فإن تمثيلها في المنظمات الدولية لم يتغير.
ماذا يقول دستور أذربيجان في هذا الشأن؟
ينص دستور أذربيجان على إجراء الانتخابات لكل دورة للجمعية الوطنية كل خمس سنوات في يوم الأحد الأول من شهر نوفمبر، ما يعني أن مدة كل جمعية مدتها خمس سنوات، ومع ذلك، يسمح التعديل الدستوري لعام 2016 بأن تكون فترة ولاية النواب الـ 125 المنتخبين في الانتخابات المبكرة أقل من خمس سنوات، وفي هذه الأحوال تجرى الانتخابات في يوم الأحد الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من السنة الخامسة من الدورة البرلمانية.
ومنذ إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة في فبراير 2020، كان من المفترض أن يستمر البرلمان السادس في أعماله حتى فبراير 2025، لكنه أنهى أعماله قبل أشهر قليلة بحل البرلمان، وكان البرلمان المنحل مؤخرا هو الهيئة التشريعية السادسة منذ عام 1995.
وأعلنت الحكومة أن الهدف من خطة حل البرلمان هو تزامن الانتخابات مع قمة التغير المناخي التي من المقرر عقدها في الفترة من الـ11 إلى الـ24 من نوفمبر في باكو، لكن هذا الادعاء ما هو إلا إجراء لتبرير هذه الخطوة أمام الرأي العام، لأن الانتخابات تجرى قبل أو بعد قمة التغير المناخي، ومن الممكن أن تجرى دون حل البرلمان، وفي الأشهر الأخيرة، واجهت جمهورية أذربيجان العديد من التوترات بسبب التعدي على أراضي أرمينيا، ومن ناحية أخرى، تتعرض أيضًا لضغوط بسبب صادرات الطاقة إلى "إسرائيل".
ومع تركز السلطة في أيدي الرئاسة، أصبح للبرلمان دور محدود في تشكيل شؤون أذربيجان، وبينما لا يزال بعض أعضاء المعارضة في البرلمان موالين لعلييف، قال منتقدون إنهم واجهوا مضايقات بعد اعتقال عدد من الصحفيين المستقلين والناشطين السياسيين قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها علييف بنسبة 92 بالمئة من الأصوات.
ويتمتع البرلمان الوطني الأذربيجاني بدور محدود في النظام السياسي لذلك البلد، وتقع معظم السلطات في يد الرئيس، ومنصب رئيس الوزراء اسمي إلى حد كبير ويشارك تقليديا في شؤون البلاد من قبل شخص يختاره الرئيس، وبعد إعادة كاراباخ إلى أذربيجان بعد ثلاثة عقود، أصبح علييف القوة بلا منازع في الهياكل الحاكمة لهذا البلد.
ورغم أن أغلبية البرلمان كانت في أيدي الحزب الحاكم "أذربيجان الجديدة"، إلا أنه يبدو أن علييف غير راض عن هذه الأغلبية النسبية، ويتطلع إلى فوز حزبه بجميع مقاعد البرلمان، ورغم أن البرلمان يخضع لأوامر الحكومة ولا يملك سلطة كبيرة في قرارات ورسم سياسات البلاد، إلا أن وجود الأغلبية المطلقة لممثلي الحزب الحاكم فيه سيمهد الطريق للنهوض من خطط علييف.
على الرغم من أن أذربيجان مدرجة في الدستور كجمهورية وديمقراطية، إلا أن العملية الانتخابية في هذا البلد تتعارض مع مبادئ وقواعد الديمقراطية، وحتى الأشخاص الذين يدخلون البرلمان، إذا كانوا معارضين ومنتقدين للحكومة والحاكم ولا يمكنهم الاعتماد على المقعد التمثيلي.
في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لجمهورية أذربيجان، رأينا أن منافسي علييف في الانتخابات لم يكن لديهم الكثير من القوة، ويبدو أنه من أجل تبرير الرأي العام، تمت الموافقة على أربعة مرشحين كمنافسين شرفيين لعلييف من أجل إعطاء مظهر انتخابات ديمقراطية.
اعتراضات على خطة التصفية
ورغم أن الدستور يمنح رئيس الجمهورية سلطة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن بعض المنتقدين يعتبرون هذا الإجراء مخالفا للقانون، وانتقد جميل حسنلي رئيس المجلس الوطني للقوى الديمقراطية قرار حل الجمعية الوطنية الأذربيجانية، وقال: "إن قرار حل الجمعية الوطنية وموافقة المحكمة الدستورية ليسا قرارين قانونيين، بل قرارات سياسية، ولا يمكن للجمعية الوطنية أن تحل نفسها، لأن هذا الإجراء غير منصوص عليه في الدستور، ولا يمكن للبرلمان أن يحل نفسه فيما يتعلق بأحداث مثل COP-29 أو غيرها من التجمعات الدولية.
وفي حديث لموقع "توران آز" الأذربيجاني، ذكر حسنلي المادة 98.1 من الدستور، التي تنظم بشكل واضح حل الجمعية الوطنية، وفقًا لهذه المادة، لا يجوز لرئيس أذربيجان حل البرلمان إلا في ظروف معينة: "إذا لم يصوت البرلمان على الثقة في مجلس الوزراء مرتين في عام واحد، فلا يعين الأعضاء اللازمين للمحكمة الدستورية أو المحكمة العليا"، أو غير قادر على القيام بواجباته المنصوص عليها في مبادئ الدستور الأخرى ذات الصلة".
وأكد حسنلي: حالياً لا يوجد أي من هذه الشروط.، كما قال: إنه لا توجد علاقة بين قرار المحكمة والأحكام الدستورية الخاصة بالحل، ويعتبر هذا القرار مخالفة واضحة للدستور، ويجب على المحكمة احترامه، إلى ذلك، أشار إلى أن قرار تمديد الحجر الصحي حتى الأول من أكتوبر يزيد الوضع تعقيدا.