الوقت- في خطوة مثيرة للاهتمام، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسعى بجدية للتوصل إلى اتفاق يمهد الطريق للتطبيع مع السعودية، هذا الخبر يأتي في سياق محادثات معقدة تجري بين الكيان وحركة حماس في القاهرة، ما يعكس تحركًا إستراتيجيًا متعدد الجبهات للحكومة الإسرائيلية تحت قيادة نتنياهو، وبدايةً، يبرز الاستعداد المعلن من قبل مصدر مقرب من نتنياهو لقبول أي اتفاق يسمح بالتطبيع مع السعودية، حيث يعكس ذلك توجهًا واضحًا نحو تعزيز العلاقات مع دولة عربية رئيسية، يُعد هذا التطور مؤشرًا على استراتيجية جديدة قد يتبناها نتنياهو في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
من الملاحظ أن الرغبة في التوصل إلى اتفاق مع السعودية تظل محورية بالنسبة لنتنياهو، كما يعكس التصريح الذي أدلى به المصدر المقرب منه، وتتجلى هنا رغبة قوية في تحقيق انفتاح إقليمي يمكن أن يعزز من مكانة كيان الاحتلال على الساحة الدولية، خاصةً في ظل التحديات الأمنية والسياسية المعقدة التي تواجهها، ومن الجدير بالذكر أن هذا الخبر يأتي في ظل جهود دبلوماسية مكثفة تبذلها تل أبيب في المنطقة، مع التركيز الخاص على بناء جسور الثقة مع الدول الخليجية، بما في ذلك السعودية، حيث إن تعزيز العلاقات مع السعودية قد يكون له تأثيرات إيجابية على الوضع الإسرائيلي ونتنياهو بشكل عام.
ومن ناحية أخرى، يبقى السؤال حول كيفية تأثير هذا التطور المحتمل على الديناميات الداخلية في السعودية، وخاصةً مع تغيرات سياسية واقتصادية مستمرة تشهدها المملكة تحت حكم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقد يمثل التطبيع مع كيان الاحتلال تحديًا أمام النخبة الحاكمة في السعودية، في حين يمكن أن يواجه معارضة داخلية من أبناء السعودية.
وبشكل عام، يعكس الخبر التقارب المتزايد بين كيان الاحتلال والدول الخليجية، ويفتح الباب أمام تكامل أعمق في العلاقات الإقليمية بشروط لا تبدو أنها سهلة على الإسرائيليين، ما قد يغير الكثير من السياسات في المنطقة، ناهيك عن التحديات السياسية والدبلوماسية التي قد تنشأ في طريق تحقيق هذا الهدف، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن نلقي نظرة على العوامل التي قد تؤثر على احتمالية تحقيق اتفاق التطبيع بين كيان الاحتلال والسعودية، ومن بين هذه العوامل، نجد تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، بما في ذلك الصراعات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على استقرار الدول المجاورة.
وعلاوة على ذلك، تلعب العوامل الداخلية في كل من كيان الاحتلال والسعودية دورًا حاسمًا في تشكيل القرارات الخارجية، وقد تظهر مصالح داخلية قوية قد تعرقل عملية التطبيع أو تجعلها أكثر تعقيدًا، على سبيل المثال، قد تواجه نتنياهو معارضة داخلية في كيان الاحتلال من بعض الأحزاب أو الجماعات التي تعارض فكرة التطبيع مع الدول العربية، ومن ناحية أخرى، قد تلعب العوامل الدينية والثقافية دوراً مهماً في قبول أو رفض عملية التطبيع من قبل الشعوب العربية وخاصة بعد الحرب على غزة، فعلى الرغم من توجهات الحكومة، إلا أن قبول هذا التطبيع قد يواجه مقاومة من بعض الفئات الدينية أو الثقافية في المجتمع.
ويبدو أن الطريق نحو التطبيع بين كيان الاحتلال والسعودية مليء بالتحديات والمخاطر، لكنه في الوقت ذاته يتيح فرصًا لهروب نتنياهو من أزماته، لذلك، من المهم متابعة التطورات القادمة والتفاعل معها بحكمة وحذر، مع التركيز على عواقب أي اتفاق مستقبلي قد يتم التوصل إليه مع الصهاينة، فنتنياهو يُعتبر ثعلبا سياسيًا في استخدام الأحداث الإقليمية للهروب من أزماته، ولا شك أن ورقة الهجوم على رفح قدمت له فرصة ذهبية لاستخدامها كورقة مساومة في سبيل تحقيق أهدافه السياسية، وخاصة فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع السعودية.
وفي هذا السياق، يمكن أن يستغل نتنياهو الحدث الأمني في رفح كوسيلة لتعزيز موقفه في المفاوضات الجارية مع السعودية أو غيرها من الدول العربية، ويمكن أن يبرر نتنياهو زيادة التعاون الأمني بين الكيان والسعودية كجزء من استراتيجية جديدة في المنطقة، ويمكن أن يستخدم نتنياهو الهجوم على رفح كذريعة لتوسيع الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة، ما يعطيه رافعة إضافية في المفاوضات أو يعزز موقفه في أي تبادلات محتملة مع السعودية أو الدول العربية الأخرى، ويمكن أن يستفيد من تصاعد التوترات في المنطقة لتحقيق أهدافه الإستراتيجية، وعلى الرغم من أن هذا النوع من الإستراتيجية قد يثير الجدل داخليًا ودوليًا، إلا أنه يظل فعالًا في تعزيز موقعه وتحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، لأن ملف نتنياهو لن يصلحه شيء بعد الآن.
في النهاية، يظهر استخدام نتنياهو للأحداث الأمنية كورقة مساومة في سعيه لتحقيق مكاسب سياسية وتعزيز موقفه في المشهد الدولي، ومع ذلك، فإن هذه الإستراتيجية قد تكون ذات ثمن باهظ، حيث يتزايد الضغط الدولي والداخلي على نتنياهو بشأن قراراته وسياساته، وبعد سنوات من الحكم والتحقيقات القضائية، يبدو أن نتنياهو قد وصل إلى أسوأ حالاته، حيث تتزايد الاتهامات بالفساد وتراجع دعمه السياسي، ويجد نفسه في مواجهة تحديات داخلية وخارجية متزايدة، ويواجه انتقادات حادة بسبب إدارته للأزمات الأمنية والسياسية، وعلى نتنياهو وغيره من القادة السياسيين الفاسدين أن يدركوا أن الاستمرار في سياسات الانعزال والانغلاق قد لا يكون في مصلحتهم، وأن الرضوخ للحلول السياسية والدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.