الوقت- مؤخرا، وجه ضباط في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي انتقادات لرئيس الأركان، الجنرال هيرتسي هليفي، ولضباط آخرين برتبة لواء، حيث عبّروا عن استيائهم في أعقاب الإعلان عن التعيينات الجديدة التي أقرها هليفي، ووفقًا للمعلومات فقد أبدى هؤلاء الضباط انزعاجهم من حالة التآكل المستمرة في قيادات المناطق والوحدات العسكرية، كما أن في الهيئة العامة للأركان يتم إضافة وظائف دون وجود رقابة ملائمة، ووصف الضباط التعيينات الجديدة بأنها "غير مألوفة"، مشيرين إلى أنها لا تُعزز قدرات قيادات المناطق والوحدات العسكرية في التعامل مع الأعباء العملياتية التي تواجهها.
بين التعيينات الجديدة التي أثارت انتقادات الضباط، يأتي تعيين رئيس لدائرة الشرعية في الشعبة الاستراتيجية، وتعيين رئيس إضافي لدائرة في شعبة القوى البشرية مكلف برعاية الجنود الجرحى خلال الحرب على غزة، كما شملت التعيينات تعيين ضابط برتبة عميد في مقر قيادة النيابة العامة العسكرية للتعامل مع القضايا الدولية المتعلقة بالجيش، رغم وجود ضابط يشغل هذا المنصب بالفعل.
ويبرر البعض هذه التعيينات الجديدة بأنها ضرورية في ظل الظروف الصعبة للحرب الحالية، معتبرًا أن التحديات متعددة ومعقدة، وأن بعض الجنرالات في هيئة الأركان العامة اتخذوا قرارات جريئة في هذا السياق، مع استمرار تآكل قيادات المناطق والوحدات العسكرية في مختلف أنحاء البلاد، وتدهور وضع الفرق العسكرية اللوائية التي تقوم بتنفيذ مناورات برية، وأضاف إن الهيئة العامة للأركان تقوم بإضافة وظائف جديدة دون وجود رقابة فعالة، بدلاً من دعم القوات الميدانية.
وفي سياق التعيينات داخل الجيش الإسرائيلي، فإن استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهارون حاليفا، أول أمس، تنذر بمأزق داخلي في الهيكل القيادي للجيش، وجاءت استقالة حاليفا بعد توليه المسؤولية الشخصية عن الإخفاق المسجل في السابع من أكتوبر، وفي ضوء هذا التطور، يتعين على رئيس أركان الجيش، هليفي، أن يعين خلفا له، إلا أنه بمثل حالة حاليفا، هليفي نفسه متورط في الإخفاق الذي جرى في التاريخ نفسه.
وبالتالي، إن الوضع يبدو معقدًا للغاية، حيث من المتوقع أن يعلن هليفي عن استقالته قريبًا، ومن المهم أيضًا أن يتم تعيين قائد مؤقت للشعبة الاستخباراتية، وهذا الأمر ليس بالأمر السهل، نظرًا لأن "جميع المرشحين المحتملين يحملون نفس السجل الذي أدى إلى الإخفاق"، ويشمل هؤلاء المرشحين رؤساء سابقون للشعبة الاستخباراتية، مثل عاموس يدلين وتمير هايمن، بالإضافة إلى رؤساء أركان الجيش السابقين مثل أفيف كوخافي، بالإضافة إلى هليفي نفسه.
وهذه التطورات تنعكس على حالة القيادة داخل الجيش، وتظهر تحديات متزايدة تواجه هيكل القيادة العسكرية في كيان الاحتلال، وهذا يعني أن استقالة هليفي ورئيس الشاباك، رونين بار، قد تكون قريبة، ومنذ أن تراجعت شدة الحرب، فإن الجهاز الأمني في كيان الاحتلال بحاجة ماسة إلى تجديد وتحسين، وليس مجرد تدوير في المناصب عبر تعيين ضباط فشلوا في مهامهم.
ومن المتوقع أن يقدم آخرون من كبار الضباط الذين يحملون رتبة اللواء استقالاتهم من مناصبهم، نظرًا لتحملهم مسؤولية الإخفاق المسجل في السابع من أكتوبر، ومن بين هؤلاء يشمل القائمة رئيس شعبة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد القيادة الجنوبية يارون فينكلمان وسلفه إليعزر توليدانو، بالإضافة إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة، غسان عليان، وتأتي هذه التطورات بعد إعلان قائد القيادة الوسطى، يهودا فوكس، عن استقالته في هذا الأسبوع.
ويُعتبر الادعاء المركزي ضد استقالات الضباط المذكورين أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، يجب أن يتحملوا العواقب، وأن استقالة هؤلاء الضباط ستعفيهما من تحمل المسؤولية، كما أن فشل السابع من أكتوبر يكمن في فهم القيادة الأمنية الإسرائيلية لنوايا حركة حماس خلال السنوات التي سبقت الحرب على غزة، وفي هذا السياق، من المتوقع أن يقول حاليفا للجنة التحقيق الرسمية التي ستشكل في كيان الاحتلال أن هناك مسؤولية جماعية عن الفشل، وأن جميع قادة الأمن كانوا يتفقون على أن حماس تسعى للحكم وليس للقتال، وأنه لم يُسمع أي رأي آخر في هيئة الأركان العامة من قبل هليفي أو كوخافي، كما لم يُسمع من الشاباك أو الموساد.
في الختام، الاستقالات الأخيرة في الجيش الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية، جنبا إلى جنب مع التعيينات المثيرة للجدل، أصبحت مصدر جدل في حكومة نتنياهو، هذه الأحداث تعكس تدهور الثقة في القيادة الحالية وتُنبئ بتغييرات جوهرية في المشهد السياسي والأمني في كيان الاحتلال، وتتسارع الاستقالات كما يبدو، وتتبعثر قيادات الجيش والأمن بشكل غير مسبوق، ما يشير إلى أزمة تنظيمية وثقافية داخل الهيئات الأمنية، ومع تعمق هذه الأزمة، يزداد الضغط على نتنياهو لاتخاذ إجراءات لتهدئة الأوضاع وإعادة بناء الثقة في القيادة العسكرية والأمنية، وإذا استمرت هذه الأزمة في التصاعد، فإن نتنياهو قد يجد نفسه أمام خيارات صعبة، حيث قد يضطر إلى قبول الهزيمة والتنحي، وخاصة إذا استمرت الاستقالات في التصاعد، وتأثيراتها تتسارع على الساحة السياسية والأمنية في كيان الاحتلال.