الوقت- بعد ارتكاب مجموعة عسكرية صهيونية متطرفة لأعمال عنف ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، شهدت العلاقات بين البيت الأبيض وكيان الاحتلال الإسرائيلي توترًا متزايدًا، حيث تفاعلت إدارة الرئيس في الولايات المتحدة الأمريكية بقوة مع هذه الأحداث، وقامت بفرض عقوبات على كتيبة "نتزا" المتطرفة، ومع ذلك، فقد أثارت هذه الإجراءات تصاعدًا في التوترات الظاهرية بين الحكومتين في تل أبيب وواشنطن، مع الكشف عن استعداد واشنطن لفرض عقوبات على كتيبة صهيونية متطرفة في الضفة الغربية، وحديث ثلاث مصادر حكومية مطلعة في البيت الأبيض للصحيفة أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، يعتزم في الأيام المقبلة فرض عقوبات قاسية على جماعة "نيتزا يهودا" المتطرفة، التابعة لجيش الاحتلال.
نتيجة لانتهاكات حقوق الإنسان الأخيرة التي ارتكبتها القوات الصهيونية ضد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، يتجه البيت الأبيض لاتخاذ إجراءات ضد وحدة عسكرية من الجيش الصهيوني ووصفت تلك الإجراءات بأنها غير مسبوقة، حيث كشفت عن أن أحد بنود العقوبات ضد هذه الكتيبة الصهيونية المتطرفة سيكون حرمان أعضائها من تلقي أي مساعدة عسكرية وتعليمية من الولايات المتحدة، ويوم الخميس من الأسبوع الماضي، كشف معهد الصحافة الاستقصائية (ProPublica) في تقرير له أن لجنة خاصة من وزارة الخارجية اكتشفت أمثلة على الأفعال التي تنتهك الحقوق وقد استقبلت هذه الوحدة العسكرية المذكورة، وهو مؤشر على التزايد في الانتقادات والإجراءات ضد الانتهاكات الصهيونية في الضفة الغربية.
ووفقًا للمعلومات، فإن قرار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بفرض عقوبات على هذه الوحدة المتطرفة في الجيش الإسرائيلي، يعود إلى الأحداث التي سبقت بدء عملية اقتحام الأقصى، والأعمال العنيفة والمعادية للإنسانية التي تقوم بها هذه الوحدة في البنك الغربي، وبينما كانت التكهنات تنتشر حول فرض عقوبات غير مسبوقة على هذه الكتيبة العنيفة والمتطرفة من قبل واشنطن، فقد ردت السلطات الصهيونية على تلك التصرفات الأمريكية.
وفي رد على واشنطن انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي التهديدات المحتملة من البيت الأبيض بفرض عقوبات على تلك الوحدة العسكرية، معبرا عن رفض قرار الحكومة الأمريكية، ومعتبرًا معاقبة أي جزء من جيش كيان الاحتلال بمثابة "قمة الانحطاط والانهيار الأخلاقي"، بالمقابل، هاجم وزير الاقتصاد في النظام الإسرائيلي حكومة بايدن، معتبرًا فرض الولايات المتحدة عقوبات على الجيش الإسرائيلي "جنونًا"، واعتبرها محاولة لتدمير الجيش الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، هاجم بن جوير، وزير الأمن الداخلي المتشدد في نظام الاحتلال، البيت الأبيض وأعلن أن معاقبة جنودهم خط أحمر، مؤكدًا أنه يجب على وزير الدفاع بيني غانت دعم كتيبة "نتسا يهودا" في أسرع وقت ممكن، وتجدر الإشارة إلى أن أعضاء كتيبة "نتسا يهودا" المتطرفة يتألفون من قوميين حريديم متشددين ومن جماعة دينية متطرفة تعرف بـ "شباب التلال"، والذين يقومون بتنفيذ أعمال عنف بطريقة غير إنسانية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية بشكل يومي.
وإنّ تحليل السلوك الأمريكي في قضية معاقبة كتيبة "نتسا يهودا" المتطرفة في الضفة الغربية يكشف عن سلسلة من التناقضات والمزايدات في السياسة الخارجية الأمريكية، من الناحية الإيجابية، يمكن اعتبار الإجراء الأمريكي بفرض العقوبات على هذه الكتيبة خطوة مهمة نحو فرض العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل دول العالم في المنطقة، ويُظهر هذا الإجراء الالتزام الظاهري لأمريكا بقيم حقوق الإنسان وإنّ خطوات مماثلة من دول أُخرى تساهم في دعم العملية السلمية في الشرق الأوسط وردع الجرائم الإسرائيليّة الشنيعة.
ومع ذلك، تبرز التناقضات والمزايدات في سياسة الولايات المتحدة في هذا الشأن، فعلى الرغم من الإجراء الإيجابي، يظهر أن السياسة الأمريكية تتبنى موقفًا مزدوجًا عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع القضايا الإسرائيلية والفلسطينية، فبينما يعبر البيت الأبيض عن قلقه من انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الكتيبة المتطرفة، يظل التزامه بدعم الكيان قويًا ومتواصلًا، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية الولايات المتحدة في تحقيق التغيير الفعلي في السياسات الإسرائيلية.
أيضا، اعتبرت السلطات الصهيونية هذا الإجراء الأمريكي على أنه تدخل في شؤونها الداخلية واعتباره لمعاقبة جنودها خطًا أحمر، يُعَدُّ رفض السلطات الصهيونية للتدخل الأمريكي تأكيدًا على الثقافة الاستعمارية التي تسود سياسة تل أبيب تجاه الفلسطينيين.
في الختام، يبدو أن السياسة الأمريكية في هذه القضية تعكس توازنًا دقيقًا بين محاولة الضغط على تل أبيب لاحترام حقوق الإنسان ومواصلة الدعم الثقيل لحليفها الإستراتيجي في الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإن التناقضات الظاهرة تكشف عن الصعوبات التي تواجه أي محاولة لتحقيق التغيير في سياسات الحكومة الإسرائيلية بشكل عام.