الوقت- سلوكيات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين والتي تتسم بالعنف والهمجية لم تترافق فقط مع بدء عملية طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣ إنما هي قديمة منذ بداية قيام الاحتلال الإسرائيلي باغتصاب الأراضي الفلسطينية، حيث توجد منهم فئات متطرفة متعصبة جدا ومنها كتيبة "نتساح يهودا".
لطالما كانت تلك الكتيبة وأفرادها محور العديد من الخلافات المرتبطة بالتطرف اليميني والعنف ضد الفلسطينيين، إلا أنها باتت تتصدر المشهد بعد حديث عن عقوبات أمريكية مرتقبة بحقها بموجب قوانين “ليهي”.
فكتيبة “نيتساح يهودا” هي وحدة عسكرية إسرائيلية متمركزة في الضفة الغربية، أصبحت وجهة للمستوطنين اليمينيين المتطرفين الذين لم يتم قبولهم في أي وحدة قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.
ودخلت كتيبة “نيتساح يهودا” في دائرة الضوء بعد استشهاد المسن عمر أسعد في يناير 2022، وهو فلسطيني أمريكي يبلغ من العمر 78 عاما، حيث توفي بعد اعتقاله عن حاجز تفتيش، تم تكبيل يديه وتكميم فمه وتركه الجنود على الأرض في منتصف الليل في ليلة برد قارص، وبعد ساعات قليلة عثروا عليه ميتا.
وبعد التحقيق في الحادث، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه كان هناك “فشل أخلاقي للقوات وخطأ في الحكم، مع الإضرار بشكل خطير بقيمة الكرامة الإنسانية”، وفق “سكاي نيوز” وعليه تم توبيخ قائد كتيبة “نيتساح يهودا”، كما تم طرد قائد السرية وقائد فصيلة الجنود على الفور، ليغلق التحقيق الجنائي الذي فُتح ضد الجنود دون أي محاكمة.
وفي التفاصيل تم إنشاء “نيتساح يهودا” حتى يتمكن المتدينون المتشددون وغيرهم من الجنود الإسرائيليين من الخدمة دون الشعور بأنهم يعرضون معتقداتهم للخطر.
وتعمل كوحدة في الضفة، وتتكون بشكل رئيسي من رجال الحريديم وشباب متطرفين لديهم آراء يمينية متطرفة، ولم يتم تضمينهم في وحدات قتالية أخرى في الجيش الإسرائيلي.
ولا يتفاعل الجنود مع القوات النسائية بالقدر نفسه الذي يتفاعل به الجنود لذكور، كما يتم منحهم وقتا إضافيا للصلاة والدراسة الدينية، وفقا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وشارك أعضاء الوحدة في العديد من حوادث العنف المثيرة للجدل، كذلك أدينوا في الماضي بالتعذيب وإساءة معاملة السجناء الفلسطينيين، كالأمر الذي حدث مع عمر أسعد.
ونقلت "إسرائيل" الوحدة من الضفة الغربية في ديسمبر 2022، رغم أنها نفت أنها فعلت ذلك بسبب سلوك الجنود، ومنذ ذلك الحين خدمت الكتيبة في شمال البلاد.
ونتيجة لسلوكيات "نتساح يهودا" بدأت الخارجية الأمريكية التحقيق معها أواخر عام 2022 بعد تورط جنودها في عدة حوادث عنف ضد المدنيين الفلسطينيين ولهذا اتخذت قرارها.
وأكد مسؤول أمريكي، أن قرار العقوبة يستند إلى بحث تم إجراؤه قبل الـ7 من تشرين الأول، والذي فحص الأحداث في الضفة الغربية.
والعقوبات ستمنع نقل الأسلحة الأمريكية إلى وحدة المشاة اليهودية المتشددة إلى حد كبير، وتمنع أيضاً جنودها من التدريب مع القوات الأمريكية أو المشاركة في أي أنشطة بتمويل أمريكي، بموجب قانون “ليهي”.
والقوانين التي صاغها السيناتور باتريك ليهي في أواخر التسعينيات، تشمل تقديم المساعدة العسكرية للأفراد أو وحدات قوات الأمن التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولم يتم تقديمها إلى العدالة.
بدورها أعلنت قيادات إسرائيلية عن استنكارها لما تم تداوله، وأثارت الخطة الأمريكية المعلنة ردود فعل لاذعة من المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ومنذ أن بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في الـ7 من تشرين الأول، أصدرت الولايات المتحدة 3 جولات من العقوبات ضد أفراد من المستوطنين بسبب أعمال العنف ضد الفلسطينيين.
من جهتها دعت رئيسة حزب العمل الإسرائيلي ميراف ميخائيلي إلى تفكيك كتيبة "نيتساح يهودا"، وقالت ميخائيلي: إن الكتيبة "معروفة بسلوكها العنيف والفاسد منذ سنوات".
وبتصريحاتها تلك شذّت رئيسة حزب العمل الإسرائيلي عن المواقف الإسرائيلية التي صدرت حتى الآن عن قادة في الحكومة والمعارضة، والتي تراوحت بين الغضب والاستنكار، وذهب بعضها لحد الدعوة إلى معاقبة الفلسطينيين ردا على واشنطن.
فقد دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير لمصادرة جميع أموال السلطة الفلسطينية المحوّلة إليها عبر "إسرائيل" ردا على عقوبات واشنطن.
وقال إن العقوبات التي تتجه واشنطن لفرضها على الكتيبة بالجيش الإسرائيلي، تصب في مصلحة أعداء "إسرائيل" في السلطة الفلسطينية، ورأى أن واشنطن تسعى من خلالها للضغط على تل أبيب لأسباب سياسية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر أن التوجه لفرض عقوبات أمريكية على وحدة في الجيش الإسرائيلي "قمة السخافة والتدني الأخلاقي"، وذلك في هجوم غير مسبوق على واشنطن.
في حين قال الوزير في مجلس الحرب غادي آيزنكوت: إن فرض عقوبات على الكتيبة خاطئ من الأساس، وتعهد بالعمل على منع القرار.
وقال إن أي شكاوى ينبغي أن توجه للقادة السياسيين والعسكريين وليس للضباط والجنود.
وستكون هذه المرة الأولى على الإطلاق التي تفرض فيها الإدارة الأمريكية عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية بسبب أنشطتها في الضفة، وفق المصدر ذاته الذي نقل عنه موقع والا.
وتعقيبا على موضوع العقوبات، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي: إنه لا علم له بأي عقوبات أمريكية ستفرض على كتيبة "نيتساح يهودا" التابعة له، موضحا في بيان له أن في حال فرضت العقوبات فسوف تتم مراجعة الأمر، وفق مصادر إعلامية.
ودافع في البيان عن هذه الكتيبة مؤكدا أنها تنشط في قطاع غزة "وتعمل بروح الجيش الإسرائيلي ومبادئ القانون الدولي".
وأردف: "بعد المنشورات حول فرض عقوبات على الوحدة، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي لا علم له بهذا الأمر، وإذا تم اتخاذ قرار بهذا الشأن، فستتم مراجعته.
يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي ويواصل العمل على التحقيق في أي واقعة غير عادية بأسلوب عملي ووفقا للقانون".
بدوره ردّ قائد كتيبة "نيتساح يهودا" بالجيش الإسرائيلي على عقوبات أمريكية مرتقبة على الكتيبة، بالقول: "أخلاق جيشنا أعظم من الجيش الأمريكي"، وفق ما نقلت عنه صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.