الوقت- أثار طلب وزير المالية الإسرائيلي، موشيه سموتريتش، يوم الأحد، للاجتياح العسكري لمنطقة رفح وفرض السيطرة على قطاع غزة، موجة من القلق والاستنكار على الصعيد الدولي، رغم التحذيرات المتكررة من تداعيات إنزال عسكري في مثل هذه المنطقة المزدحمة بالسكان والنازحين، وتأتي هذه التصريحات في سياق إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض حركة حماس لمقترحات الوسطاء المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى، وفي رده على ذلك، أكد سموتريتش، الذي يتزعم حزب "الصهيونية الدينية"، على ضرورة عدم التراجع عن مواقف "إسرائيل" الثابتة، وعلى ضرورة مواصلة الملاحقة ضد حماس بدلًا من السعي لاتفاق يمكن أن يفشل في تحقيق أهدافه.
باعتبار أن أي تنازل عن مطالب تل أبيب الأساسية والتوجه نحو التفاوض مع حماس بشكل مباشر يسفر عن حل الأوضاع وإيقاف تأجيج الصراع، تحدث سموتريتش عن ضرورة البقاء على الخطوط الحمراء والتمسك بالمواقف الإسرائيلية المعتادة، والتي تركز على مصلحة الأمن القومي للكيان ومواصلة ما أسماها "مكافحة الجماعات المسلحة" في القطاع.
وإلى جانب ذلك، يدعي سموتريتش أن الوقت حان لاستخلاص الدروس وتغيير السياسات، والتوجه نحو منطقة رفح الآن "لاستعادة السيطرة الكاملة لإسرائيل على قطاع غزة بأسره"، وفي الوقت نفسه، تتصاعد التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي المحتمل في مدينة رفح، مع تحضيرات لاحتمالية اجتياحها براً، ما ينذر بخطورة على مئات آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها كملاذ آمن في أقصى جنوب القطاع.
من جانبه، زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، في منشور على منصة إكس، أوضح أن تل أبيب ملزمة باتخاذ خطوات فورية لإعادة 133 مخطوفًا إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن، وذلك كخطوة ضرورية نحو استعادة الاستقرار والسلام في المنطقة، فيما أصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بيانًا يصف استجابة حماس للمقترحات الوسيطة حول وقف إطلاق النار مع الكيان بأنها "سلبية"، مشيرًا إلى أنها جاءت بعد مرور أكثر من أسبوع على الاجتماع في القاهرة وتلقي الاقتراحات من الوسطاء.
ولا شك أنّ رفض حماس اقتراح الوسطاء ينبع من أنه لا يقدم مساحة كبيرة جدًا من المرونة من جانب الكيان، ما يظهر أن يحيى السنوار، رئيس حماس في غزة، يسعى إلى صفقة إنسانية لإعادة المختطفين الإسرائيليين ويستمر في فضح الكيان وتوجيه جهوده نحو توحيد الساحات لردع تل أبيب، ما يزيد من خطر تصاعد الوضع في المنطقة بشكل عام نتيجة الإرهاب الإسرائيلي.
وبالتالي، إن مزاعم تل أبيب حول أنها تواصل بكل قوة جهودها لتحقيق أهدافها في الحرب ضد حماس، وستبذل كل جهدها لإعادة المختطفين الـ133 من غزة إلى أرضهم في أقرب وقت ممكن محض ترهات، ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الاحتجاجات داخل الكيان، حيث يُطالب المواطنون بالتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، ولم يصدر تعليق فوري من حماس حول بيان مكتب نتنياهو، إلا أنها أكدت أنها قدمت ردها لمصر وقطر بشأن مقترح وقف إطلاق النار مع الكيان.
وكانت حماس قد أعلنت مرارًا عن تمسكها بشروطها، التي تشمل إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم، والسماح بحرية إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، ضمن إطار اتفاق لتبادل الأسرى، ومنذ عدة أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين الكيان وحركة حماس بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى والمحتجزين بين الطرفين، ومنذ الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على قطاع غزة، ما خلف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، وفقًا لمصادر فلسطينية، هذه الأحداث دفعت إلى محاكمة تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "ارتكاب جرائم إبادة جماعية".
وعُرضت مقترحات للتهدئة من قبل دول الوساطة، وهي الولايات المتحدة وقطر ومصر، على كل من الكيان وحركة حماس، ولكن لم يبد الكيان استعدادًا لتقديم تنازلات، وينص مقترح الوسطاء على إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني يعتقلهم الكيان، ودخول 400 إلى 500 شاحنة من المساعدات الغذائية يوميًا، وعودة النازحين من شمال غزة إلى بلداتهم.
الخلاصة، محاولات دول الوساطة في تحقيق تهدئة بين الكيان وحماس لا تعكس الرغبة الحقيقية في الحد من التصعيد والعودة إلى الهدوء في غزة نتيجة دعم الكيان اللامحدود، لهذا فشلت هذه المحاولات حتى الآن بسبب عدم استعداد تل أبيب لتقديم تنازلات كبيرة، رغم الخسائر البشرية الكبيرة وتهديدات "إبادة جماعية" تجسد الوضع الإنساني الصعب في القطاع، وتدفع إلى استجواب دولي لأفعال الكيان، وقد ارتفعت مطالب الشعب الإسرائيلي بالسلام ووقف العنف، وكذلك المطالب الفلسطينية بالعدالة وإنهاء الحصار على غزة وتحقيق الحرية والكرامة للفلسطينيين، وبشكل عام، يظهر التعنت الإسرائيلي الصعوبات الكبيرة في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، وضرورة مواصلة الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة سريعة ترضي الشعب الفلسطيني وتوصل إلى حل سلمي وعادل للصراع الفلسطيني مع الكيان.
