الوقت- مؤخرا، حذر جهاز الأمن الداخلي التابع للكيان الصهيوني "الشاباك" رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع أعمال عنف محتملة في الضفة الغربية، وقد حذر جهاز الأمن الداخلي في النظام الصهيوني رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع أعمال عنف محتملة في القدس، وتقول القناة 13 التابعة للكيان الصهيوني، إن الشاباك، قام بتسليم وثيقة لنتنياهو، حذر من أن الضفة الغربية على وشك اضطرابات وشيكة، وقد أصدر هرتسي هاليفي، رئيس الأركان المشتركة للجيش الصهيوني وعدد من كبار القادة العسكريين الآخرين في هذا النظام، تحذيرات مماثلة، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن مرارا وبشكل علني عزمه منع انهيار السلطة الفلسطينية باستخدام كل الوسائل المتاحة، في ظل التحذيرات المتزايدة من احتمالية انهيار السلطة الفلسطينية وتدهور شعبيتها بعد الأحداث الأخيرة في فلسطين، حيث وصلت إلى نقطة لا رجوع عنها من حيث التأثير والقبول بين الشعب الفلسطيني.
جبهة جديدة ضد الكيان
في تقارير عدة، زعم الإعلام العبري أنه تم تحذير وزير الحرب يوآف غالانت وبيني غانتس من أن "إسرائيل" تواجه خطر فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية في نفس وقت الحرب في غزة مع حماس وعلى "إسرائيل"، الحدود الشمالية مع حزب الله، وتكثفت هذه المخاوف في ظل رفض النظام الصهيوني تسليم مئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب إلى منظمات الحكم الذاتي، وعدم السماح لـ 150 ألف فلسطيني بالعودة إلى وظائفهم، ونتيجة لهذه السياسات الإسرائيلية، لم تتمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب موظفيها، بما في ذلك قواتها الأمنية، منذ عدة أشهر، فيما حذر الشاباك في وثيقته الجديدة من أن هذا الوضع قد يدفع قوات السلطة الفلسطينية إلى توجيه أسلحتها نحو القوات الإسرائيلية.
ولا يبدو أن هذا الموضوع منطقي وخاصة أن حكومة رام الله قد تعاونت بشكل كامل مع كيان الاحتلال واعتمدت نهج الطاعة، وهو الأمر الذي لم يؤدِ سوى إلى خيبة الأمل والهزيمة والازدراء من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ومنذ أشهر، تشهد الضفة الغربية تطورًا كميًا ونوعيًا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد مرور أكثر من نصف قرن على الاحتلال الإسرائيلي لتلك المناطق، وقد تعرضت المقاومة الفلسطينية هناك لهجمات إسرائيلية متكررة ومتصاعدة منذ عام 1967، ومن الممكن أن يؤدي هذا التصاعد في التوترات إلى تفجير الوضع في المستقبل نتيجة لاستمرار تعنت تل أبيب واستمرارها في ارتكاب الجرائم، لذا يُعتبر الحفاظ على قيادة السلطة الفلسطينية أمرًا ضروريًا بالنسبة للإسرائيليين.
وحول العلاقة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل"، يُلاحظ توجيه انتقادات للسلطة الفلسطينية واتهامها بالتعاون مع المحتلين، وأيضًا التأكيد على عدم تمثيلها لمطالب الفلسطينيين، وتجدر الإشارة تاريخيًا، إلى أن هناك اتفاق كبير في وجهات النظر حيال علاقة السلطة الفلسطينية مع "إسرائيل" والتحالفات السياسية والاقتصادية التي قد تكون سرية وقائمة بينهما، وتظل هذه القضايا موضوع نقاش دائم ومعقد في السياق الإقليمي والدولي، وتتأثر بالتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية، ولفهم الوضع بشكل أعمق وشامل، يجب النظر في مصادر متعددة ومتنوعة والتحليل بعناية لفهم مختلف وجهات النظر والتحالفات في المنطقة والتاريخ السياسي والاجتماعي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، باعتبار أن التعاون مع المحتل لا يجلب سوى الدماء.
ولا شك أن مساعي تل أبيب لمنع انهيار السلطة الفلسطينية تتضمن مجموعة من الإجراءات والشروط، تشمل هذه الإجراءات وقف الأنشطة المعادية للاحتلال في الساحة القانونية والسياسية الدولية، ووقف التحريض في وسائل الإعلام ونظام التعليم، ووقف دفع رواتب عائلات المشتبه بهم في الأعمال المقاومة التي تعتبر "إرهابية" من قبل "إسرائيل"، وتُعتبر هذه الإجراءات جزءًا من محاولات الكيان للتحكم في الوضع في الضفة الغربية والحفاظ على الاستقرار الأمني، ويُلاحظ أيضًا أن الإجراءات التي تقوم بها قوات الاحتلال توصف دوليًا بأنها "عنصرية" و"فاشية"، وتعكس هذه التصريحات وجهات نظر متعددة ولا تختلف من شخص لآخر في فلسطين رغم السياق والآراء السياسية والاجتماعية المختلفة، وهذا يعكس أيضًا استدراكًا للحاجة إلى دور أكبر للسلطة الفلسطينية في حماية مصالح الفلسطينيين وتحقيق أهدافهم، ورفض الاعتماد على سلطة تحكم من قبل "إسرائيل".
تصرفات السلطة تدعم الاحتلال
في الواقع الراهن، تنبثق تساؤلات حول تصرفات السلطة الفلسطينية والحاجة الماسة لتغييرها، ما يطرح السؤال عما إذا كان يجب على السلطة الفلسطينية أن تتوقف عن الاستسلام والانخراط في مواجهة أكثر حزمًا مع الاحتلال الإسرائيلي؟ فمن الواضح أن استعادة السيادة الفلسطينية لا تتحقق إلا من خلال تبني استراتيجيات المقاومة والصمود في وجه الاحتلال، وإن تطبيق قاعدة أن "ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها" يظل ساري المفعول، وهو ما يشجع على البحث عن سبل فعّالة لتحرير الأرض والشعب الفلسطيني من وطأة المحتلين.
وتجدر الإشارة إلى أن مخاوف "إسرائيل" تتزايد بشأن الوضع الأمني في الضفة الغربية، وذلك رغم الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لتحسين الأوضاع، ويعزز هذا التوتر من التحديات التي تواجهها تل أبيب، وخصوصًا في مواجهة المقاومة الفلسطينية والعمليات الشجاعة التي كانت تقوم بها، وفي الوقت نفسه، تشير التطورات إلى عجز المسؤولين الإسرائيليين عن تقديم حل فعال لمواجهة تلك المقاومة الجديدة والمتنوعة وليس أجهزة السلطة، ويظهر ذلك أن المقاومة الفلسطينية قادرة على فرض معادلات جديدة على الأرض والتصدي للجيش الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، ومع انخفاض قدرة السلطة الفلسطينية على الحكم في مناطق متعددة في الضفة الغربية، تزداد مخاوف الكيان من تفاقم الأوضاع الأمنية لغير مصلحتها.
وإن تحقيق الاستقرار يتطلب فهم واحترام وجهات نظر الفلسطينيين حول المقاومة واستجابة لمطالبهم بالحرية والعدالة، ويتبقى أمام الفلسطينيين خيار الصمود والمقاومة، لأن السلطة الفلسطينية وأجهزتها تعرقل تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني، وستبقى الضفة الغربية كما غيرها تحمل رسالة قوية عن رغبة الشعب في تحقيق الحرية والعدالة، وهذا سيظل محورًا لثورتهم التي لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها، وإن السلطة الفلسطينية برئاسة عباس لا تمثل الأمة الفلسطينية وتواصل خيانة تطلعات الأمة الفلسطينية من خلال اتباع الخطط الخارجية، وهي جملة باتت تسمع كثيرًا في فلسطين، وخاصةً على لسان قيادات الفصائل، وإن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنقلب على الكيان لأنها مدربة ومدعومة من قبله.
وفي وقت تؤكد فيه كل فصائل المقاومة أن جرائم المحتلين ومستوطنيهم ستؤجج شعلة المقاومة، تتجسد تلك الجرائم في تعزيز إرادة الفلسطينيين ومكانتهم، وستؤدي دماء الشهداء في جميع الميادين إلى النصر النهائي على المحتلين، و تُعتبر علاقة السلطة الفلسطينية بالاحتلال الإسرائيلي موضوعًا حساسًا للغاية، حيث يُعتبر التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي بينهما دليلاً على خنوع السلطة للاحتلال، ويتمثل التنسيق الأمني في وجود تعاون وثيق بين وحدات أمن السلطة وقوات الاحتلال، بينما يتجلى التعاون الاقتصادي بتبني السلطة للاعتماد الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي، ما يضعف استقلاليتها الاقتصادية ويثير تساؤلات حول تحقيق تطلعات الفلسطينيين نحو الحرية والعدالة.
أيضا، يُعَدُّ تعاون السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي والاتفاقات الأمنية بينهما من أهم المعوقات التي تحول دون تحقيق الوحدة بين الفلسطينيين، ويُعتبر هذا التعاون والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" مصدرًا للتوتر والاحتقان بين الفصائل الفلسطينية، وقد يؤثران بشكل سلبي على الجهود الرامية لتحقيق الوحدة الوطنية، ويستند التعاون الأمني بين سلطة الفلسطينية وتل أبيب إلى تبادل المعلومات والتنسيق الأمني لمواجهة المقاومين ضد الاحتلال، ويرى البعض أن هذا التعاون يخدم مصالح العدو بحماية أمنه، ويضع السلطة الفلسطينية في مواجهة أبناء الضفة الغربية.
والفلسطينيون يعتبرون موقف السلطة الفلسطينية هذا خيانة للقضية الفلسطينية وأنه يساعد على استمرار الاحتلال وقمع المقاومة الفلسطينية، وتؤكد الفصائل أن التعاون الأمني يؤدي إلى مصادقة ودعم الاحتلال، ويعطي الاحتلال غطاء دوليًا لأفعاله ضد الفلسطينيين، بشكل عام، تزيد هذه التنسيقات والاتفاقات من التوتر بين الفصائل الفلسطينية المختلفة وتجعل من الصعب تحقيق التوافق والوحدة بينها في مواجهة القضايا الوطنية المهمة، لذلك، ويظل التعاون مع الاحتلال والاتفاقات الأمنية محط انتقاد وجدل داخل الساحة الفلسطينية، التي تعيش انقساماً كبيرًا نتيجة لذلك، وإنّ نجاح هذا الاجتماع مرهون بمدى رغبة السلطة في مواجهة الاحتلال وجرائمه.
في النهاية، يظل التحدي الإسرائيلي وتعاون السلطة مع تل أبيب نقطة مهمة، حيث يواجه الفلسطينيون تحديات من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل حربه الهمجية على غزة لتنفيذ سياساته الدموية والتمييزية، في ظل تدهور السلطة الفلسطينية وانخراطها في التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، ما أدى إلى تقليل شرعيتها في نظر الشعب الفلسطيني، إضافة إلى عدم قدرة السلطة على الحكم بشكل فعّال في مناطق مختلفة في الضفة الغربية وتناقض بين أدوار الحكومة الفلسطينية في مجالات مثل التعليم والرعاية الصحية وعجزها عن السيطرة على التطورات الميدانية، وكل ذلك منبعه استمرار رئيس السلطة، محمود عباس، في تنفيذ سياسة التنسيق والتعاون الأمني مع "إسرائيل"، حتى في ظل جرائم الاحتلال والقمع الذي يتعرض له الفلسطينيون، في ظل غياب السلطة عن حماية المواطنين الفلسطينيين خلال عمليات الاعتقال والهجمات من قبل القوات الإسرائيلية.