الوقت- أثارت جريمة إطلاق النار على عضو مجلس بلدية الخليل، المحامي خليل فراح، استنكارًا واسعًا من قبل فصائل وشخصيات سياسية واجتماعية، حادثة الاعتداء جاءت بعد أن تعرض للضرب وسيارته تعرضت للاحتراق عقب انتهاء اجتماعه في وقت متأخر من الليل.
وأصدرت بلدية الخليل بيانًا صحفيًا عقب الحادث، حيث أدانت هذا العمل الإجرامي بشدة ووصفته بأنه "استهداف واضح ومُخطط له مُسبقًا بشكل صريح"، وأكدت البلدية أن هذا الهجوم على أعضاء المجلس البلدي يشكل تهديدًا خطيرًا يشير إلى انعدام الأمن والاستقرار وقد يدفع بالمنطقة إلى حالة من الفوضى، وهذه الواقعة تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تحسين الأمن وتعزيز الاستقرار في المنطقة، وتجدد الدعوة إلى تكثيف الجهود لمكافحة العنف والجريمة، وضمان سلامة أعضاء المجالس البلدية والمواطنين على حد سواء.
جرائم متكررة
بوضوح تام، أشارت البلدية إلى أنه ينبغي تصدير هذه الجرائم المتكررة بجدية، وأهمية متابعة الجناة وتطبيق عقوبات رادعة تحمي المجتمع من تكرار مثل هذه الأعمال الإجرامية، ومن ثم، فإنها توجه نداءً إلى الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية للعمل على مراقبة الوضع الأمني في الخليل وضمان توفير الأمن والحماية لجميع مواطني المدينة وكل الذين يسعون لخدمتها وللعمل من أجلها.
وتجدر الإشارة إلى أن البلدية دعت إلى إضراب تجاري يوم غد احتجاجًا على جريمة إطلاق النار التي استهدفت المحامي عبد الكريم فراح، ويأتي هذا الإضراب بعد أيام من سلسلة جرائم إطلاق النار التي استهدفت مركبة نائب رئيس البلدية ومحال تجارية تعود لأعضائها ومراكز تابعة للبلدية.
بالسياق نفسه، أدانت نقابة المحامين بشدة جريمة إطلاق النار على المحامي فراح، وفي إجراء احتجاجي، قررت النقابة تعليق العمل يوم غد الإثنين أمام جميع المحاكم المدنية والعسكرية، وكذلك النيابات المدنية والعسكرية، ومحاكم التسوية، إضافة إلى تنظيم وقفة احتجاجية للمحامين أمام محكمة بداية الخليل من الساعة 12 ظهرًا حتى 1 عصرًا.
تأتي هذه الإجراءات احتجاجًا على التهديدات المتزايدة للسلم الأهلي في محافظة الخليل، وتهدف إلى مطالبة الحكومة الفلسطينية والجهات الأمنية بالتدخل الفوري لوقف هذا الوضع قبل فوات الأوان.
ووجهت النقابة نداءً عاجلاً إلى جهات إنفاذ القانون، داعية إلى سرعة ملاحقة وتوقيف المعتدين وتقديمهم للمحاكمة، وشددت على أهمية وضع حد لانتشار الأسلحة واستخدامها في التصعيدات العنيفة التي تشهدها المنطقة، مشيرة إلى أن هذا السلاح الفارغ يهدد حياة الناس ويغير مسار الأحداث.
من جانبها، أعربت نائب رئيس بلدية الخليل، أسماء الشرباتي، عن قلقها العميق إزاء الأوضاع الراهنة في المدينة، واعتبرت أن الأمور تتجه نحو مستويات غير مسبوقة من الفوضى والاضطراب في الخليل، وأوضحت أن هناك تصاعدًا في التوترات يهدف إلى الضغط على أعضاء البلدية وتصفيتهم بدافع تمثيلهم لمصالح البلد وخياراتها.
وفيما أشارت إلى أنها وصلت إلى مرحلة من اليأس من التحذيرات والنداءات، أكدت أن الأعضاء البلديين الذين يدفعون ثمن وقوفهم مع مصلحة البلد لن يتراجعوا عن مواقفهم.
وبعد هذا الحادث الشنيع، حذر نائب رئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة، من وجود مخطط محتمل لإثارة فتنة في أكبر مدينة في الضفة المحتلة، وهي الخليل، باستخدام جميع الوسائل المتاحة.
وأضاف: "هدف هؤلاء من وراء مخطط إثارة فتنة عشائرية في الخليل هو عزل المدينة عن الحالة الوطنية للمقاومة التي تمتد عبر مناطق واسعة في الضفة المحتلة".
وشدد على أهمية أن يتحرك الأشخاص العاقلون والحكماء في المنطقة والضفة المحتلة بشكل عاجل لمنع هذا المخطط والفتنة، وأن يعملوا على إيجاد حلول لهذه الأزمة.
وأدان الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، بشدة الجريمة التي تعرض لها عضو مجلس بلدية الخليل، عبد الكريم فراح.
كما شدد على ضرورة أن تقوم الجهات الأمنية المختصة بمحاسبة الفاعلين وملاحقة جميع من ارتكبوا جرائم الاعتداء على أعضاء المجالس البلدية، مشيراً إلى أن هذه الجريمة تمس السلم الأهلي في محافظة الخليل وتهدد المجتمع الفلسطيني بأكمله.
وأضاف إن هذا النوع من إرهاب الفلسطينيين واستهداف أعضاء المجالس البلدية بهذا الشكل يتعارض مع أسس حقوق الإنسان الأساسية ومبادئ الديمقراطية.
وفي ختام بيانه، شدد على ضرورة وضع حد فوري لهذا الوضع الخطير والفلتان الأمني الذي يهدد الشعب الفلسطيني، ودعا إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة للقضاء على هذه الاعتداءات وضمان سلامة المجتمع واستقراره.
وفي سياق مماثل، عبّرت حركة حماس عن استنكارها الشديد لهذه الجريمة، وأكدت في بيان صحفي أن تقاعس السلطة في توقيف المعتدين على مقرات بلدية الخليل وأعضاء مجلسها وممتلكاتهم يمثل تقاعسًا غير مقبول.
وأشارت إلى أن هذا الوضع يسهم في نشر الفلتان والعصابات الإجرامية، ما يهدد النسيج المجتمعي وينشر الرعب والفوضى في صفوف الشعب الفلسطيني.
ودعت حركة حماس جميع أهالي الخليل، بما في ذلك المؤسسات والعائلات والفعاليات الشعبية والوطنية، إلى التحدّي والوحدة والتكاتف للوقوف بقوة أمام محاولات الفلتان والفساد التي تستهدف الشعب الفلسطيني، وحثت على الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة هذه الأعمال الإجرامية والمساهمة في الحفاظ على استقرار المجتمع ووحدته.
السلطة متفرغة لمواجهة المقاومين
يغيب دور السلطة الفلسطينية بالكامل عن حفظ الأمن في مناطق وجودها التي يديرها الاحتلال، لكن في الوقت عينه تقوم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية دائمًا بفرض قيود على قوى المقاومة في الضفة الغربية في إطار التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، وقد قامت بعمليات اعتقال تستهدف عددًا كبيرًا من المقاومين، وهذا يخدم مصالح "إسرائيل" بمنع نشاط المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، ويأتي ذلك في ظل عجز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عن السيطرة في مناطقها.
ويأتي ذلك رغم أن فصائل المقاومة الفلسطينية وجهت رسائل إلى أفراد الأجهزة الأمنية في مناطق مثل جنين ومناطق أخرى في الضفة الغربية، داعية إياهم إلى التوقف عن المشاركة في اعتقالات سياسية تستهدف قوى المقاومة والمشتبه بهم من قبل الاحتلال. حيث إن السلطة الفلسطينية، التي أصبحت القوة الوكيلة لتل أبيب، أرسلت سلسلة من المدرعات والأسلحة عبر الأردن بحجة تجهيز الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وخاصة "الأمن الوقائي" و"الأمن الوطني" وكذلك الشرطة.
وقد تم ذلك بموافقة كاملة من الكيان الصهيوني، إلا أن بعض المسؤولين الصهاينة، ومن بينهم نتنياهو ووزير حربه، نفوا جزءًا من هذه الأخبار وزعموا أن هذه الشحنة من الأسلحة شملت فقط العربات المدرعة، كما نفى مكتب يوآف غالانت، وزير الحرب في الكيان الصهيوني، التقارير المتعلقة بنقل أسلحة للمنظمة، وادعى في الوقت نفسه أنه تم نقل حوالي 10 مدرعات وأدوات لتفريق المظاهرات فقط.
بناءً على كل ما سبق، إنّ الهدف هو المقاومة وحدة الشعب الفلسطينيّ، وخاصة أنّ السلطة الفلسطينية في رام الله تتحمل مسؤولية كبيرة عن الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة. بينما تمنع المقاومة من ممارسة دورها في لجم العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، فإن هذه الجرائم التي يرتكبها العدو وأعوانه في الضفة المحتلة ستبقى دائمًا وقودًا لثورة الشعب الفلسطيني، و لن تتوقف هذه الثورة إلا برحيل المحتل عن كامل الأراضي الفلسطينية، وبناءً على وجهة نظر المقاومين، سيكون رد الشعب الفلسطيني على هذه الجرائم هو مزيد من الوحدة والمقاومة والانتفاضة المستمرة ضد الاحتلال، فالمقاومة والوحدة وسيلتان وحيدتان للشعب الفلسطيني للدفاع عن حقوقه وتحقيق تحرير أرضه وكرامته.