الوقت- في ظل المؤامرات والحملات الإجرامية الصهيونية على غزة وشعبها، أفادت الفصائل الفلسطينية بأن خطط الاحتلال الإسرائيلي لإقامة إدارة سياسية بطابع مدني للإشراف على قطاع غزة ستواجه فشلًا أمام قوة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته، وأكدت الفصائل أن انكسار العدوان الأخير قد دفع الاحتلال إلى محاولة التقدم بمزاعم حول نية تأسيس إدارة مدنية للقطاع تحت إشرافه، وأصدرت "لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية"، التي تضم معظم الفصائل الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية، بيانًا ينفي تلك الادعاءات ويؤكد على استمرار قوة المقاومة وقدرتها على التصدي لأي محاولة للتلاعب بالوضع السياسي في القطاع، بالتزامن مع الحملة الإسرائيلية الهمجية لإبادة غزة.
خطة إسرائيلية خبيثة
الهدف الرئيسي للاحتلال من خلال هذه الخطط هو فرض واقع في قطاع غزة يديره الاحتلال وأذنابه باسم إدارة مدنية أو عشائرية، وأن إقامة هيئات محلية مزعومة تدير القطاع بمسمى إدارة مدنية أو عشائرية، لن تتحقق كما تقول الوقائع، وقد أكدت الفصائل، في البيان الذي نشرته حركة حماس، أن "إسرائيل" مستمرة في سعيها لتنفيذ "مخططها القديم الجديد" الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني، ولكنها أشارت إلى أن هذا المخطط سيفشل وسيسقط، ونبهت إلى أن أي تعاون مع هذه الاقتراحات يعتبر "خيانة وطنية لا يمكن قبولها من قبل أي جهة".
ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، تحدث مسؤولون إسرائيليون بشكل متكرر عن إدارة المنطقة بعد الحرب والمرحلة المعروفة بـ "ما بعد حماس"، مع وجود خلافات داخلية في "إسرائيل" بخصوص هذا الأمر، وفي المقابل، ردت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى بأن إدارة قطاع غزة هي شأن فلسطيني خاص ولا يمكن لـ"إسرائيل" التدخل فيه، وتأتي هذه الخلافات في سياق استمرار المواجهات بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة، حيث يتواصل العدوان لليوم الـ93، مخلفًا أعدادًا هائلة من الضحايا بين الشهداء والمفقودين والمصابين، القتال أدى أيضًا إلى نزوح الآلاف من سكان مناطق متعددة في القطاع، إلى جانب الدمار الكبير الذي طال المباني السكنية والبنية التحتية والمرافق الحيوية والمستشفيات.
وتتصاعد حدة الخلافات داخل الحكومة الإسرائيلية ومجلس الحرب، حيث تتركز الاتهامات حول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد طالبه وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، بالاختيار بين تحقيق الوحدة والأمان الوطني وبين مصالحه السياسية الشخصية، غانتس، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في "إسرائيل"، كان قائدًا عسكريًا سابقًا وصعد في الترتيبات العسكرية حتى تولى منصب وزير جيش الاحتلال، وأصبح رئيس الحكومة البديل في حكومة الطوارئ الوطنية التي شكلها نتنياهو في إبريل/نيسان 2020.
ويبدو أن بيني غانتس يسعى إلى توضيح السبيل للخروج من الحكومة، إذ يشعر بأنه قد وقع في مأزق، ولكنه يتحمل هذه المسؤولية بروح وطنية، حيث يتمتع غانتس بشعبية كبيرة في الفترة الأخيرة، ما يشير إلى أنه قد يكون الخيار المحتمل لتولي رئاسة الحكومة بعد نتنياهو، ودخل غانتس الحكومة بهدف قيادة الحرب واحتواء التوجهات اليمينية المتطرفة داخل الحكومة، كما أن غانتس يشعر الآن بتراجع الأمور وتقلص الحرب، ما يجعله يرى أن الوقت قد حان للانسحاب من الحكومة، ويعتبر غانتس أنه يوجد تحول معاد لمصلحته، وخاصة بعد الهجوم الذي شنه اليمين المتطرف، بتصريحات نتنياهو، على الجيش والعسكريين في الاجتماع الأخير للكابينت، ما دفعه إلى التحذير من نتنياهو والدعوة إلى الانسحاب من الحكومة، وخاصة في ظل التوجه المعادي له وللجيش.
مرحلة ثالثة للحرب
بما أن حكومة اليمين المتطرف تظهر توجهاً معاديًا للجيش، تسعى إلى تقليص قدرات الجيش وتأثيره الإيجابي داخل المجتمع الإسرائيلي، وإن هذا التحول في التوجه بدأ يظهر منذ العام 2010، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعين لمجلس الحرب وللمجلس الأمني المصغر لمناقشة ترتيبات ما بعد الحرب في قطاع غزة، ويأتي هذا الاجتماع وسط خلافات بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت حول مسألة الفترة الزمنية الفورية بعد الحرب، وكان نتنياهو قد أكد خلال اجتماع حزبه في الكنيست أنه لا عودة لسكان شمال قطاع غزة إلى منازلهم وأن أوامر إطلاق النار لن تتغير.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحدث مرارا أن "إسرائيل" تتصرف وفقًا لمصالحها، مشيرًا إلى وجود توافقات وفي بعض الأحيان خلافات مع الولايات المتحدة بشأن الحرب، وأعلن أنهم سيستمرون في الحرب حتى النهاية وتحقيق النصر الكامل من أجل جميع الجنود الذين سقطوا بالمعركة، ومن جهته، أكد وزير الدفاع يوآف غالانت أنه لا نية لديهم لوقف القتال في غزة، مشددًا على أن الاعتقاد بأن "إسرائيل" في طريقها لوقف القتال غير صحيح، وأضاف إنهم إذا لم يحققوا انتصارًا في حرب غزة، فلن يتمكنوا من العيش في الشرق الأوسط، حسب زعمه.
ويأتي ذلك الاجتماع وتصريحات القيادة السياسية والعسكرية في "إسرائيل"في ظل تحول فعلي للجيش نحو "مرحلة ثالثة" من الحرب في غزة، ويشهد هذا التحول سحبًا لقوات الجيش من القطاع وتسريحًا للعديد من قوات الاحتياط، مع خفض وتيرة القصف، كما ذُكر أن الولايات المتحدة طلبت من "إسرائيل" بدء تنفيذ المرحلة الثالثة خلال الأسبوع الجاري، على الرغم من أن جيش الاحتلال لم يقر رسميًا ببدء تنفيذ هذه المرحلة، ووفقًا للمصادر، تتضمن المرحلة الثالثة انتقال الجيش الإسرائيلي من مرحلة القصف المكثف إلى القصف المستهدف، وسحب القوات من داخل قطاع غزة إلى الحدود بين الجانبين، وهي مناطق غلاف غزة، وإن الجيش الإسرائيلي يتحرك بهدوء نحو المرحلة الثالثة من حملته، حيث من المقرر تسريح العديد من ألوية الاحتياط خلال الأيام القليلة المقبلة بعد نحو 3 أشهر من القتال، وهذه الخطوة لا تهدف إلى تخفيف الضغط على الاقتصاد فقط، ولكن أيضًا لأن حدة القتال في شمال غزة آخذة في الانخفاض.
الخلاصة، منذ منتصف حرب غزة اتجه الإسرائيليون إلى الحديث عن إدارة غزة بعد الحرب بسبب مسألتين الأولى خلق حرب نفسية بانتهاء عمل حماس واستعداد العقول لتقبل العبء الثقيل، و الثانية لقتل وطرد الفلسطينيين من غزة تجاه سيناء وصحراء النقب، وهم يسعون حاليا إلى تطهير أهل غزة وجلب مستوطنين جدد من خلال مرسوم البدو الذي سوف يفشل أيضا، وهل يعتقد الإسرائيليون أنهم في أرض بلا شعب حتى يقوموا بكل ما تمليه عليهم القوى الداعمة.