الوقت- في تطورات جديدة، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة بهدف القضاء على حركة "حماس"، وفي تصريحات لأعضاء حزب الليكود خلال زيارته للقوات الإسرائيلية في شمال غزة، أبدى نتنياهو إصراره على تحقيق أهدافه الأمنية رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وجاءت تلك التصريحات في سياق تصاعد التوترات الإقليمية، مع تحذيرات من احتمال توسع الصراع، ونتنياهو أكد عدم جدوى الشائعات حول إمكانية إعلان حكومته عن وقف العمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن الضغط العسكري يعد الوسيلة الوحيدة للنجاح في إطلاق سراح الرهائن المتبقين لدى "حماس".
شروط نتنياهو الثلاثة
في مقال نشره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قام نتنياهو بتحديد ثلاثة شروط أساسية يعتبرها ضرورية لتحقيق السلام في قطاع غزة، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي حملته الواسعة ضد حركة "حماس"، وفي هذا السياق، أكد نتنياهو أن السلام يتطلب تدمير "حماس"، ونزع سلاح غزة، واستئصال ما أسماه "التطرف" في المجتمع الفلسطيني، وتحتل تلك الشروط الثلاثة مركز الصدارة في رؤية نتنياهو لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، على الرغم من الانتقادات التي تواجهها هذه الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، حيث أسفرت عن عدد كبير من الضحايا الفلسطينيين ودمرت بنية الحياة في المنطقة.
وفي توضيح لرؤيته الخاصة لتحقيق "السلام" في قطاع غزة الذي دمرته قوات الاحتلال، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن أولى الخطوات الحاسمة تتمثل في "تدمير حماس"، وفقًا لنتنياهو، فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول تؤيد نية "إسرائيل" في القضاء على هذه الجماعة الإرهابية، حسب زعمه، وأوضح نتنياهو أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تفكيك قدرات حماس العسكرية وإنهاء حكمها السياسي في غزة، وركز على تعهد قادة حماس بتكرار الأحداث المأساوية، مؤكدًا أن تدميرها يعد الرد الوحيد الفعال لمنع تكرار تلك الفظائع، وأشار إلى أن هذا الإجراء سيمكن تل أبيب من العمل وفقًا للقانون الدولي بشكل كامل.
وفي تحديد شرطه الثاني لتحقيق السلام في قطاع غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح، وعلى إسرائيل ضمان عدم استخدام المنطقة مرة أخرى كقاعدة لهجماتها"، ولتحقيق ذلك، شدد نتنياهو على ضرورة إنشاء منطقة أمنية مؤقتة حول غزة، مع وجود آلية تفتيش على الحدود بين غزة ومصر تلبي احتياجات الأمان الإسرائيلية وتمنع تهريب الأسلحة إلى القطاع، وأكد أنه سيتعين على "إسرائيل" الحفاظ على المسؤولية الأمنية الرئيسية في غزة، مع التأكيد على ضرورة إقامة آلية فعالة لمنع أي تهديدات محتملة وضمان استقرار المنطقة.
وفي سياق الحديث عن الشرط الثالث الذي حدده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيق السلام في قطاع غزة، أكد على ضرورة "استئصال التطرف" في المنطقة، وفي هذا السياق، دعا إلى تغيير ثقافة التعليم في غزة، حيث ينبغي للمدارس تعليم الأطفال قيم حياة السلم بدلاً من العنف والموت، كما شدد على أهمية أن يتوقف الأئمة عن دعوة الى قتل اليهود، وأشار إلى ضرورة تحول المجتمع المدني الفلسطيني لدعم جهود مكافحة الإرهاب بدلاً من تمويله، وتجدر الإشارة إلى أن الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة أسفرت عن خسائر كبيرة في الأرواح والإصابات، وتستمر التوترات في المنطقة، ما يجعل تحقيق السلام يتطلب إجراءات شاملة تتعلق بالأمان والسلاح والتغيير الثقافي.
مستقبل سياسي غامض
يظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في معركة غير معلنة حيال مستقبله السياسي، حيث يستمر تراجع شعبيته وضعف قوة حزب الليكود الذي يتزعمه، ويُضاف إلى ذلك، يواجه نتنياهو زيادة في الانتقادات وتقليص الدائرة المحيطة به، مع تكثيف الاتهامات التي تلقي باللوم عليه بسبب فشله وإخفاقه في التصدي لمعركة "طوفان الأقصى"، وفي سياق آخر، تظهر نتائج استطلاعات الرأي أن شعبية رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس تتزايد، وتتسارع الزيادة في القوة الانتخابية لأحزاب المعارضة، هذا التحول في الدعم العام يعزز فرص المعارضة لتشكيل الحكومة القادمة إذا تم إجراء انتخابات مبكرة للكنيست.
وتشير نتائج الاستطلاعات إلى توسع الفجوة بين أحزاب المعارضة والائتلاف منذ بداية الحملة العسكرية على قطاع غزة، حيث حصلت أحزاب المعارضة برئاسة "المعسكر الوطني" على 78 مقعدًا، بينما حصلت أحزاب ائتلاف حكومة نتنياهو، التي تمتلك 64 مقعدًا، على 42 مقعدًا، وفي تغيير للمشهد السياسي السابق للحملة على غزة، كانت شعبية نتنياهو قوية، وكان يعتبر "ملك إسرائيل" بأغلبية ساحقة في استطلاعات الرأي، ومع ذلك، تكشف الاستطلاعات الحديثة أن 29% فقط من المشاركين يرون أن نتنياهو هو الأنسب لتولي منصب رئاسة الوزراء، ما يشير إلى تحول في الدعم العام لمصلحة الأحزاب المعارضة.
وفي استطلاع الرأي الأخير، يظهر بأن بيني غانتس ينافس بشدة بنيامين نتنياهو، حيث حصل على دعم 50% من المشاركين الذين رأوا فيه الأنسب لتولي رئاسة الوزراء، في المقابل، قال 21% من المشاركين إنهم لا يعرفون من الأنسب لهذا المنصب، ما يشير إلى تزايد التأييد لغانتس وتراجع شعبية نتنياهو في هذا السياق، وفي إطار إدارة نتنياهو للحرب على غزة، تظهر تحديات متعددة تتعلق بالمصالح المتضاربة، ويظهر الصراع بين أهداف الحملة، سواء في تقويض حكم حماس أو تحرير المحتجزين الإسرائيليين، وتحديات مستقبله السياسي، والرغبة في البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وإلغاء محاكمته في قضايا الفساد، وتشير التحليلات داخل "إسرائيل" إلى أن نتنياهو يميل نحو الأولوية لكرسي رئاسة الوزراء.
ويبدو أن التحدي الجديد الذي سيواجهه نتنياهو يرتبط بفشل وإخفاق الاستخبارات في منع "طوفان الأقصى"، وفقًا لتقرير صحيفة "هآرتس"، ويعمل أحد أبرز أعضاء حزب الليكود على جمع مواد قد تسلط الضوء بشكل سلبي على رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حاليفا، وتظهر إشارات إلى استراتيجية نتنياهو في التنصل من المسؤولية وتحويلها إلى جهات أمنية وعسكرية أخرى، حيث اضطر ديوان رئيس الوزراء إلى إعادة محاضر اجتماعات سرية للكابينت قبل أيام، والتي تم إرسالها إليه خلافاً للإجراءات، وأشارت التقارير إلى أن هذا النهج يعكس توجيه نتنياهو للضغوط نحو الجهات الأمنية والعسكرية.
وفي سياق آخر، أورد فايتس تصريحًا من أحد كبار القانونيين الإسرائيليين يشير إلى أن ما قام به نتنياهو يعتبر استمرارًا لنهجه في التصرف بطريقة فاسدة، وهذه المرة يتعلق الأمر بقضايا أمن الدولة، وليس فقط قضايا جنائية مدنية، يُظهر هذا السلوك استمرار نتنياهو في السعي للحفاظ على السلطة وتعزيز موقفه في رئاسة الوزراء، ويُظهر الوضع الراهن أن نتنياهو يواجه تحدياً جديدًا، حيث يقول فايتس إن رئيس الوزراء وأتباعه يواجهون معركة أصعب في مواجهة رؤساء الأجهزة الأمنية، على الرغم من الهجوم الذي شنه نتنياهو على القوات الأمنية خلال فترة الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن رؤساء الأجهزة الأمنية ما زالوا يحظون بتأييد الجمهور الإسرائيلي، وحتى داخل حزب الليكود هناك شرائح تعارض الهجوم على قوات الأمن.
ويسلط الضوء على الحركات الخفية لنتنياهو والمقربين منه، مع انتقاداته لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية وتبنيه لنهج مراوغ في الحرب على غزة، ويقوم أمير أورن، محلل الشؤون الإستراتيجية والأمنية، بتقديم توقعاته بأن تستمر الحرب على غزة حتى نوفمبر 2024 إذا لم تتم إقالة نتنياهو، ويُشير إلى أن نتنياهو قد يستفيد من استمرار الحرب للبقاء في منصب رئاسة الوزراء وتجنب المسائل القانونية، بالإضافة إلى تحميل المسؤولية عن الفشل الاستخباراتي في أحداث أكتوبر الماضي.
في الختام، يؤثر استمرار الحرب على مستقبل نتنياهو، حيث يشير محللون إلى أن تأخير شهادته في محاكمته بقضايا الفساد قد يحدث نتيجة استمرار الأحداث في غزة، ويُفترض أن يكون هناك اعتبار طوارئ دائم يمكن أن يمنح نتنياهو العفو أو أن يشرع الكنيست في قانون لمنح العفو له، ويُشير المحللون أيضًا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يضطر إلى التعامل مع الأحداث في أوكرانيا والانتخابات الرئاسية، في حين يستمر نتنياهو في البحث عن صور إعلامية دون استخدام خراطيش في الجيش الإسرائيلي، ويستعرض الواقع الصراعات الداخلية في حزب الليكود وتراجع شعبيته، ويقترح البعض إحضار شخصية من خارج الحزب لتقوده وتعيد تأهيله، وربما هناك شخص مثل كوهين يلبي هذه الاحتياجات.