الوقت- إن استشهاد 3 فتيات وجدتهن في القصف الإسرائيلي يثير الغضب في لبنان، وإن حزب الله يهدد "إسرائيل" بدفع ثمن الجريمة حيث يتحمل الكيان الإسرائيلي مسؤولية التصعيد القادم والشكاوى العاجلة إلى مجلس الأمن، فيما "تل أبيب " تحاول تبرير القصف.
وقال مسؤولون لبنانيون إن غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان أسفرت عن مقتل ثلاث فتيات وجدتهن مؤخرا، وقالت قوات الاحتلال الإسرائيلي إن هجوما من لبنان أسفر عن مقتل مدنيين في شمال فلسطين المحتلة "إسرائيل"، وقال حزب الله إنه رد على الغارة الإسرائيلية بإطلاق وابل من صواريخ غراد على بلدة كريات شمونة بشمال فلسطين المحتلة، وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها الحزب عن استخدام هذا السلاح بالذات خلال الاشتباكات المستمرة على الحدود مع الجيش الإسرائيلي على مدى 4 أسابيع، ما يسلط الضوء على خطر التصعيد.
غضبٌ لبنانيّ عارم
بوضوح تام، قالها حزب الله في بيان "لن نتسامح أبدا مع الهجمات على المدنيين والرد سيكون حازما وقويا"، وقال النائب عن حزب الله حسن فضل الله لرويترز" هذه الجريمة تطور خطير للعدوان الاسرائيلي على لبنان ولها عواقبها وسيدفع العدو ثمن الجرائم ضد المدنيين"، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجري يوم الأحد إن الجيش يتصرف بناء على معلومات استخباراتية ويفحص بدقة جميع الحقائق في لبنان، دون الإجابة على أسئلة حول أنباء تفجير سيارة مفخخة أسفر عن مقتل مدنيين في جنوب لبنان.
وفيما يتعلق بلبنان، أشار: "سننفذ هجمات بناء على معلومات استخباراتية وسنواصل الهجوم"، سنهاجم أي شخص يهددنا، وبالطبع ، نحن ندرس كل الأحداث في لبنان لفهم التفاصيل، هذا ما يمكنني قوله في هذه المرحلة."
وأظهرت لقطات بثتها قناة الميادين التلفزيونية رجال الإنقاذ وهم يزيلون واحداً من القتلى من السيارة بينما كانت لا تزال مشتعلة، وتبادل حزب الله والكيان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس و"إسرائيل" الشهر الفائت، وهذا هو أسوأ عنف عبر الحدود منذ أن خاضت "إسرائيل" وحزب الله حربا في عام 2006.
ووفقا لتقرير صادر عن قوات الأمن اللبنانية، قتلت الفتيات عندما استهدفت "إسرائيل" سيارة كانوا يستقلونها أثناء مرورها بين قريتي عينسا وآيترون، كما قتلت جدتهن، وأصيبت والدتهن.
وفي هذا الشأن، وصف نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، الحادث بأنه "جريمة بشعة تضاف إلى سجل جرائم الاحتلال"، وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب لرويترز إن لبنان سيقدم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن مقتل مدنيين بينهم أطفال في الهجوم، وأضاف:" بدأنا في جمع المعلومات باستخدام صور عن الجرائم، وسنقدم شكوى إلى الأمم المتحدة غدا"، وقال الجيش الإسرائيلي إن إسرائيليين قتلوا اليوم في هجوم لحزب الله عبر الحدود، دون تقديم أدلة أو مزيد من التفاصيل.
"إسرائيل" قلقة من حزب الله
لا شك أن قوة حزب الله العسكرية تعتمد على أبعاده الأيديولوجية والمادية، وهذه القوة لها تأثير كبير على المستوى المحلي وحتى على المناطق بأكملها، ومن الجدير بالذكر أن الحديث عن قوة القوات البرية للاحتلال الإسرائيلي أصبح موضوعاً مركزياً في الأوساط السياسية والعسكرية، تشير بعض الآراء إلى أنه إذا وصل النقد إلى القوات البرية التابعة للجيش الإسرائيلي، فقد يشكل ذلك تحديًا لدقة تقييمات قوتها.
وتواجه "إسرائيل" اليوم تحديات كبيرة في مجالات متعددة، أولا مع المواجهة مع حزب الله على الجبهة الشمالية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ثم مع التوترات المستمرة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة، ويشن الصهاينة حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن التقارير الإعلامية تشير إلى أنه نظرًا لاستمرار وجود مقاتلي حزب الله بالقرب من الحدود، فقد دفع هذا الوضع القادة في المناطق الشمالية الفلسطينية إلى اقتراح استراتيجية محدثة للتعامل مع هذه التحديات، إضافة إلى ذلك، حقق حزب الله تقدماً كبيراً في قدراته على المستوى العسكري، حيث ارتفعت ترسانته من حوالي 33 ألف صاروخ وقذيفة قبل حرب 2006 إلى ما يقدر بنحو 150 ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك تلك التي أعدها حزب الله، حسب بعض التقديرات.
وإضافة إلى تطوير الترسانات، نلاحظ أيضًا زيادة كبيرة في عدد مقاتلي حزب الله، وحسب التقدير نفسه، فإن أعدادهم ارتفعت من حفنة قليلة إلى أكثر من 20 ألف مقاتل منذ حرب 2006، كما اعترف بعض كبار قادة الأجهزة الأمنية في الكيان بأن الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني ليست جاهزة لمواجهة عسكرية، وأشاروا إلى أن "إسرائيل" اعترفت في أكثر من مناسبة بأن ترسانة حزب الله أكبر من حيث الكم والنوع من ترسانة العديد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن المجتمع الإسرائيلي يواجه تحديات متعددة، بما في ذلك الافتقار إلى الانضباط والعجز المعقد عن اتباع التعليمات الواردة من الجبهة الداخلية.
وفي المقابل، تدرك تل أبيب تماماً أيضاً أن القوة العسكرية لحركة المقاومة اللبنانية تعتمد بشكل أساسي على كمية ونوعية الصواريخ التي يمتلكها حزب الله، وتستخدم استراتيجية الحزب عادة الصواريخ والقذائف كأسلحة هجومية، بينما تعتمد أيضًا على وحدات المشاة الخفيفة والأسلحة المضادة للدبابات، ولا يمكن تجاهل الدور المهم الذي تلعبه الطائرات دون طيار في ترسانة حزب الله، وسبق أن أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى مدى تأثير حزب الله على التدريبات العسكرية الإسرائيلية السابقة وكيف أن الأمر لا يزال يشكل مصدر قلق كبير للكيانات الإسرائيلية، سواء القادة العسكريين أو المستوطنين، ويقال إن حزب الله يمتلك عدداً كبيراً من الصواريخ المضادة للطائرات والسفن، فضلاً عن آلاف القذائف المدفعية المضادة للدبابات، التي يتقن أعضاؤه استخدامها، وتشمل المزايا التكتيكية لحزب الله التغطية والإخفاء والنيران المباشرة ومواقع القتال المعدة.
ويقدر العدو أن هناك حوالي 40 صاروخا قصير المدى قادرا على تغطية مسافة تصل إلى 45000 كيلومتر، وتضم القوة أيضا 80.000 صاروخ متوسط وطويل المدى تتميز بدقتها، هذه العناصر تجعل قوات حزب الله تهديدا خطيرا في المنطقة، وفي الآونة الأخيرة، ركزت على تهديد الصواريخ الدقيقة والطائرات دون طيار الهجومية التي تعمل على ارتفاعات منخفضة.
ولكن هناك تحدياً إقليمياً تمت مناقشته جيدا، وهو تهديد الصواريخ الفائقة التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت عدة مرات، ويتميز هذا النوع من الصواريخ بحقيقة أن هدفه ومساره لا يمكن التنبؤ بهما تماما، من الإطلاق إلى تحقيق الهدف المقصود. وبالتالي ، فإن القدرات العسكرية لحزب الله أفضل بكثير من تلك المعروفة على الساحة الدولية ، وهذه القدرات تتطور باستمرار، وإن" القيادة الإسرائيلية تتجنب احتمال نشوب حرب مع لبنان وتخشى أن تتطور هذه الحروب إلى صراعات واسعة النطاق قد لا تكون مفيدة للكيان المنهك"، وهذه المعركة لن تكون لمصلحة تل أبيب وسيكون من الصعب التعامل معها بفعالية.
باختصار، تدرك قوات الأمن والجيش الإسرائيلي جيدا أن العمليات العسكرية ضد حزب الله ستواجه رد فعل قويا من الحزب. سيكون لديهم عملية تستهدف الجبهة الداخلية لـ"إسرائيل"، وخاصة بعد أن حققت المقاومة اللبنانية، حزب الله، انتصارا كبيرا على الصهاينة وفرضت تغييرات على المحور القتالي، بالاعتماد على القوة العسكرية في أبعادها الأيديولوجية والمادية، وكان لهذه التغييرات أثر كبير على الصعيد الإقليمي وكان لها أثر كبير على المنطقة ككل.
الخلاصة لما ذكر، ووفقا لحقيقة أن "إسرائيل" غير قادرة على إنهاء الحرب ضد حزب الله على الجبهة الشمالية من الأرض الفلسطينية المحتلة، كما أن الإسرائيليين لا يستطيعون تجاهل حزب الله وتظهر الأمور أن الكيان الصهيوني يعيش في حالة تدهور كبير من حيث قوته وردعه، حيث ارتفع صوت تهديد نتنياهو لزيادة العزم بعد انخفاض كبير عن المستويات السابقة. ولديهم مشاكل استراتيجية أدت إلى تآكل قدرتهم على التعامل مع التحديات، هذا على خلفية التوترات بعد طوفان الأقصى والانقسامات الداخلية المتصاعدة في تل أبيب، ما يضعهم في موقف ضعيف، والإسرائيليون يدركون جيدا هذه المشكلة.