الوقت- بعد تصاعد الخلافات في المعسكر المعارض للحكومة السورية وترشيح "هادي البحرة" لمنصب رئيس الائتلاف السوري المعارض، أعلن الرئيس السابق لهذا الائتلاف وفاة هذا التنظيم، وحسب تقارير إعلامية، فقد تم ترشيح "هادي البحرة"، إحدى الشخصيات المعارضة الرئيسية لحكومة الرئيس بشار الأسد والرئيس المشارك لـ "اللجنة الدستورية السورية" لمنصب البرلمان، وأثار رئيس الائتلاف السوري المعارض، انتقادات شديدة وخلافات بين فصائل في معسكر المعارضة، كشف المعارضة السورية أكثر من أي وقت مضى، وإن وجود عوامل كثيرة مجتمعة قادت إلى ضعف الائتلاف السوري المعارض وجعلت وضع المعارضة الخارجية في سوريا أكثر تعقيدًا، وتظل الوضعية السياسية والإقليمية في سوريا متغيرة باستمرار، ولهذا واجه الائتلاف والمعارضة السورية طريقا مسدودا أدى إلى إنهاء وجوده.
خلافات وتدخلات خارجيّة
إنّ المرشح البحرة (64 عاماً)، سبق له عام 2014، أن ترأس المجموعة المعروفة باسم "الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية" نسبة إلى "أحمد الجربا"، ولكن تم الإعلان أمس عن ترشيحه لهذا المنصب مرة أخرى.
وأعلن "أحمد معاذ الخطيب" الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض المعروف بـ "الائتلاف الوطني المعارض"، وفاة هذا الائتلاف الليلة الماضية، ووجود "تهديد مخزٍ بإجبار أعضاء هذا الائتلاف على الرحيل من خلال التصويت لمصلحة القيادة المفروضة"، وكتب في منشور له على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا): "على السوريين أن يسجلوا أنه يوم الأحد 10 أيلول 2023 مات ما كان يسمى الائتلاف السوري المعارض، لأن البعض أطلقوا على شعبيته النار، ودفنوا القومية ولعنوا الجبن السياسي والانتهازية وتاجروا بها بحرية شعبنا"، على حد وصفه.
كما نشر الخطيب بياناً لـ "نصر الحريري" الرئيس السابق لهيئة التفاوض في المعارضة التابعة للحكومة السورية، يشير إلى وجود خلافات كثيرة بين أعضاء الائتلاف بعد ترشيح "هادي البحرة" للرئيس الجديد لهذه المنظمة، وفي إشارة إلى تدخل تركيا في عملية صنع القرار في ائتلاف المعارضة، أقر الحريري: “نحن نحب تركيا، لكن الطرف الأول الذي يجب إلقاء اللوم عليه هو المؤسسات التنظيمية، التي فتحت هذا المجال الكبير للتدخل في شؤوننا الداخلية"، وأضاف إن طريقة تعامل الحلفاء مع مؤسسات المعارضة السورية "غير مناسبة"، وإن هناك فئة مهيمنة داخل ائتلاف المعارضة تسيطر على قنوات الاتصال مع الخارج، وبهذه السياسة فإن الجماعة "تخلق معارك لتصفية الحسابات وزيادة النفوذ ومواجهة المعارضة داخل التحالف".
وفي وقت سابق، تحدث "فاتح جاموس" مؤسس التيار المعروف بـ "طريق التغيير السلمي" وأحد قوى المعارضة السورية، في حوار حول انهيار الائتلاف السوري المعارض مع الميادين وعلى ضرورة الحوار والتفاوض بين المعارضة وبشار الأسد "الرئيس السوري أكد على الوصول إلى أفق واضح، وكان قد اعترف: أن الائتلاف السوري المعارض، وخاصة الذي يتبع القوانين الدولية، هو اليوم على درجة عالية من التفكك، مع تراجع نشاط المعارضة السورية منذ عام 2011 إلى اليوم، بالتزامن مع توسع السلطة السياسية مع تحالفات خارجية، وخاصة روسيا وإيران".
أسباب وفاة الائتلاف السوري المعارض
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (الائتلاف السوري المعارض) شهد عدة اختلافات داخلية على مر السنوات التي مرت منذ تأسيسه في عام 2012، هذه الاختلافات تتعلق بمجموعة متنوعة من القضايا السياسية والتكتيكية والإستراتيجية. ومن بين الاختلافات الرئيسية التي شهدها الائتلاف السوري المعارض تشمل:
الاختلافات في الأهداف السياسية: بدأ الائتلاف بتجميع مجموعة متنوعة من الفصائل والجماعات المعارضة التي قد تختلف في أهدافها ورؤيتها لمستقبل سوريا، بعضها يركز على الجوانب الإسلامية، في حين يريد آخرون دولة ديمقراطية علمانية.
الخلافات حول القيادة: طُرحت أحيانًا مسائل تتعلق بالقيادة والهياكل التنظيمية للائتلاف، ما أدى إلى صراعات حول من يجب أن يمثل الائتلاف ويتولى المسؤوليات الرئيسية.
الخلافات الإقليمية: تمثل العديد من الدول الإقليمية مصالح في النزاع السوري، وقد أثر ذلك على الاختلافات داخل الائتلاف. بعض الأعضاء ربما يكونون مرتبطين بدول معينة ويتبعون سياساتها، ما يؤدي إلى تصاعد التوترات داخل الائتلاف.
الخلافات حول العمليات العسكرية: كان هناك تباين في الآراء بشأن التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية التي يجب اتباعها، هذا شمل قضايا مثل تسليح المعارضة وتنسيق الهجمات العسكرية.
التوجهات السياسية: بعض الفصائل والجماعات داخل الائتلاف قد تميل إلى التوجهات السياسية المختلفة، ما يجعل من الصعب التوافق على الأولويات والخطط السياسية، وتلك الاختلافات الداخلية تأثرت بالتوترات والصراعات داخل الائتلاف، وقد أدت إلى تحديات كبيرة في تحقيق التوحيد والعمل المشترك، ومع تطور الأحداث في سوريا، يمكن أن تستمر هذه الاختلافات في التطور والتغير بمرور الوقت.
من ناحية ثانية، شهد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (الائتلاف السوري المعارض) تراجعًا في مستوى الدعم الدولي على مر السنوات، وهناك عدة أسباب تفسر هذا الضعف في الدعم:
تغير الأولويات الدولية: مع تطور الأحداث الإقليمية والدولية، تغيرت أولويات الدول الداعمة، و في بعض الأحيان، أصبح النزاع السوري أقل أهمية بالنسبة للدول الكبرى مقارنة بقضايا أخرى مثل مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي.
التشتت والفتن الداخلية: تعرض الائتلاف للتشتت والصراعات الداخلية، وهذا جعل الدول الداعمة تتردد في تقديم الدعم، الخلافات والتقسيمات داخل الائتلاف أثرت على مصداقيته وقدرته على تمثيل المعارضة السورية.
تصاعد التوترات الإقليمية: تورطت دول إقليمية مختلفة في النزاع السوري، وتصاعدت التوترات بين هذه الدول، ما جعل من الصعب تحقيق التوافق على دعم مشترك للمعارضة السورية.
الارتباط بالتنظيمات المتشددة: تنامت المخاوف بشأن ارتباط بعض الفصائل في الائتلاف بتنظيمات إرهابية، وهذا أدى إلى تقليل الدعم الدولي.
الضعف العسكري: تطورت الأوضاع على الأرض في سوريا، وقللت بعض الدول الداعمة للمعارضة من دعمها بسبب عدم تحقيق الانتصارات الملموسة على الأرض، وهذه الأسباب وغيرها أدت إلى تراجع الدعم الدولي للائتلاف السوري المعارض، وجعلت الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة للمعارضة السورية والجهود الدولية لإيجاد حلاً للنزاع في سوريا.
وبالتالي، تغير الوضع الميداني في سوريا على مر السنوات لمصلحة الحكومة السورية في دمشق وله تأثير كبير على الائتلاف السوري المعارض بعدة طرق:
فقدان المناطق الرئيسية: تمكن الجيش السوري من استعادة العديد من المناطق والمدن المهمة في سوريا، بما في ذلك حلب والغوطة الشرقية ودرعا، هذا التغيير في الوضع الميداني أدى إلى تقليل مساحة السيطرة التي كانت تحت سيطرة المعارضة.
تقليل الخيارات العسكرية: مع تقدم سوريا وحلفائها، تناقصت الفرص للمعارضة السورية لتحقيق مكاسب عسكرية كبيرة، هذا التغير في الوضع الميداني قد أدى إلى تغيير الأولويات نحو الجهود السياسية والدبلوماسية.
إضافة إلى ذلك، تقليل الدعم الدولي: مع تحسن وضع النظام، تراجعت بعض الدول الداعمة للمعارضة عن دعمها أو قللت منه، نتيجة لعدم رؤية مكاسب ملموسة من الدعم العسكري.
انقسامات داخلية: تغيير الوضع الميداني أيضًا أدى إلى تصاعد التوترات والانقسامات داخل الائتلاف السوري المعارض بشأن كيفية التعامل مع الأوضاع الجديدة والتحديات السياسية.
تحول نحو الجهود السياسية: مع تراجع الأفق العسكري، تحولت الأولويات نحو الجهود السياسية والدبلوماسية للبحث عن حل سياسي للنزاع، هذا أدى إلى تأسيس عمليات التفاوض مثل عملية جنيف ومحادثات أستانا، وبشكل عام، تغير الوضع الميداني لمصلحة سوريا أثر بشكل كبير على الائتلاف السوري المعارض، ما جعله يواجه تحديات أكبر في محاولة تحقيق أهدافه السياسية والدبلوماسية، ومع ذلك، ما زال الوضع في سوريا معقدًا ومتغيرًا باستمرار، ولا يزال هناك جهد دولي للبحث عن حل للنزاع.
وفي هذا الإطار، إن الخلافات الإقليمية هي أحد العوامل الرئيسية التي أثرت على الائتلاف السوري المعارض على مر السنوات. يتورط عدد من الدول الإقليمية في النزاع السوري بمختلف الطرق، وتتفاوت أهدافها ومصالحها في النزاع، وهنا بعض الخلافات الإقليمية وتأثيرها على الائتلاف السوري المعارض،
وإن هذا الصراع الإقليمي الكبير يعكس صراعًا بين النفوذ الإقليمي لبعض الدول وخاصة تركيا الداعمة للمعارضة، وهذا الصراع قد أدى إلى تصاعد التوترات داخل الائتلاف بين الأعضاء الذين يتلقون دعمًا من أنقرة أو غيرها.