الوقت - ألقى السيد حسن نصر الله، مساء الإثنين 14 آب 2023، كلمةً في الذكرى الـ17 لحرب الـ33 يوماً عام 2006، وأوضح فيها قضايا مهمة تتعلق بالتطورات الجارية على حدود لبنان والأراضي المحتلة.
اعتبر الأمين العام لحزب الله أن ما حققته المقاومة ضد الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة، هو نتيجة الانتصار في حرب الـ 33 يومًا، وقال: ترسيم الحدود البحرية والبدء في عملية التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، أحد نتائج حرب تموز (يوليو) 2006، ولولا ذلك لما وصل لبنان إلی ثروته الغازية والنفطية.
وشدد السيد حسن نصر الله على أن الضمان الأساسي للحفاظ على ثروات لبنان الطبيعية، هو الحفاظ على كل مقومات قوة هذا البلد، وقال: المقاومة على رأس عناصر القوة هذه.
وأكد الأمين العام لحزب الله في عملية شرح معادلات الردع ضد الصهاينة: أن ما يمنع العدو (الکيان الصهيوني) من التعدي على حقوق لبنان، هو إدراكه أن أي عدوان سيقابل برد قوي ومتبادل، وهذه هي القضية التي تجعلهم يندمون على العمل العسكري.
وأشار إلى أن المقاومة في حرب الـ 33 يومًا، أدخلت الجبهة الداخلية للکيان الصهيوني في دائرة المعركة لأول مرة، وجعلتها من بنك الأهداف، وأضاف: منذ عام 2006 يقوم الکيان الصهيوني بمناورات مختلفة لإظهار جاهزيته العسكرية منذ 17 عامًا، لكن التقارير تشير إلى أنهم غير مستعدين للحرب على الإطلاق.
وتابع: بعد 17 عامًا من حرب 2006، لم يتمكن الصهاينة بعد من استعادة صورة جيشهم، حتى أنهم غيروا تكتيكاتهم من الموقع الهجومي إلى الموقع الدفاعي، وجيشهم الآن في أسوأ حالة عبر التاريخ.
واعتبر الأمين العام لحزب الله اللبناني، أن من أهم أسباب الضعف العسكري للصهاينة في السنوات الأخيرة، هو قلة الروح القتالية، وأجواء عدم الثقة بين الجيش والقادة والمستويات السياسية، والانخفاض الحاد في استعداد الشباب الإسرائيلي للمشاركة في الوحدات القتالية على خط المواجهة، وإثبات عدم قدرة الجيش الصهيوني في المعارك البرية.
وفي إشارة إلى التهديدات الأخيرة للسلطات الصهيونية بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، أكد أيضًا: إذا ذهبتم إلی خيار الحرب مع لبنان، فستعودون أنتم أيضًا إلى العصر الحجري بالتأكيد.
ماذا قالت وسائل الإعلام الصهيونية؟
كان للتهديد الصريح للأمين العام لحزب الله اللبناني بإعادة الصهاينة إلى العصر الحجري، تداعيات واسعة في الإعلام العبري في الساعات الأخيرة.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "معاريف": بهذا التهديد خاطب الأمين العام لحزب الله اللبناني يواف غالانت(وزير الحرب في الکيان الصهيوني) بشكل مباشر، الذي كان قد وجّه تهديدات إلى لبنان مؤخرًا.
كما اعترفت القناة 13 في تلفزيون الکيان الصهيوني: أن الأمين العام لحزب الله في لبنان ما زال يريد إظهار معرفته بالوضع السياسي في "إسرائيل"، وأكد في خطابه الأخير أن الجيش الإسرائيلي في أسوأ وضع تاريخي له بسبب الانقسامات الداخلية.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى إصرار السيد حسن نصر الله على تحليل الوضع الداخلي للکيان الصهيوني، وكتبت: قال الأمين العام لحزب الله إن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أي نجاح حقيقي، ولا يعتبر جيشاً كبيراً، وأكد أن الإنجازات الوحيدة للجيش الإسرائيلي كانت في المجال الجوي.
ويتابع التقرير: "بينما تعيش إسرائيل انقسامات خطيرة، فإن وضع جيشنا في أسوأ حالة، وهذا موضوع أثير في الأيام الأخيرة من قبل رئيس الوزراء ورئيس الأركان المشتركة للجيش وقائد القوات الجوية".
القوة العسكرية لحزب الله اللبناني
في السنوات الأخيرة، حقّق حزب الله اللبناني تقدمًا مذهلاً في مختلف المجالات العسكرية، ولا سيما في مجالات القدرة الصاروخية والطائرات المسيرة.
أعلن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن، في تقرير مؤخرًا: المراكز العسكرية لحزب الله اللبناني تتكون أساسًا من الصواريخ والقذائف، والعدد الكبير لهذه الصواريخ يجعلها أسلحةً فعالةً.
عشية حرب لبنان عام 2006، كان لدى حزب الله حوالي 15 ألف صاروخ، وخلال الصراع الذي استمر 33 يومًا، أطلق ما يقرب من 4 آلاف صاروخ على الأراضي المحتلة، ومنذ ذلك الحين، عزّز حزب الله اللبناني قدراته الصاروخية، وتشير التقديرات إلى أن حركة المقاومة هذه تمتلك حاليًا 150 ألف صاروخ.
كما أن استحواذ حزب الله على هذه الأسلحة، يزيد من احتمالية توسيع تكنولوجيا الصواريخ والمعرفة الفنية لهذا الحزب، لكن القدرات العسكرية لحزب الله اللبناني لا تقتصر على الصواريخ، والآن يمكن رؤية قدرات هذه المجموعة في مجال الطائرات دون طيار أيضًا.
تناول موقع "جيروزاليم بوست" قدرة حزب الله اللبناني في هذا المجال، في تقرير بعنوان "قوة طائرات حزب الله اللبنانية دون طيار"، ويقرّ الموقع بأن حزب الله اللبناني يثبت بشكل متزايد أن لديه القدرة على بناء طائرات دون طيار.
حزب الله هو القوة العسكرية الأقوى في لبنان، ومجهز بأسلحة متطورة وتدريب وخبرة عملياتية اكتسبها خلال سنوات الحرب مع الکيان الصهيوني والأزمة في سوريا.
خلال حرب عام 2006، اتسم المفهوم العملياتي لحزب الله في جنوب لبنان بالنشاط الدفاعي على الأرض، إلى جانب إطلاق الصواريخ والقذائف على أهداف عسکرية كرادع ضد الکيان الصهيوني، وفي السنوات الأخيرة، قام حزب الله اللبناني بتوسيع استخدام الطائرات دون طيار، إلى جانب تحسين قدراته.
إضافة إلى هذه الطائرات دون طيار، يمتلك حزب الله اللبناني صواريخ ساحلية وصواريخ مضادة للدبابات، كما يمتلك آلاف الصواريخ المضادة للدبابات، بما في ذلك أنظمة الجيل الثالث، القادرة على اختراق وتدمير معظم أسلحة الکيان الصهيوني والجيوش الغربية.
وتشير التقديرات أيضًا إلى أن حزب الله اللبناني، إضافة إلى أنظمة الصواريخ المحمولة مثل SA-7 و SA-14، لديه أنظمة متطورة مثل SA-8 و SA-17 و SA-22.
كما أكد "هاشم صفي الدين" رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله في لبنان مؤخرًا، أن "المقاومة اليوم تخيف العدو الصهيوني بقوتها، لأنها ركزت على استراتيجية ضرب نقاط ضعف العدو، وإنجازات حزب الله من حيث القوة العسكرية والعلمية والاجتماعية ليست وليدة اليوم، لكنها نتائج جهود أربعين سنة الماضية".
كيف يعود الکيان الإسرائيلي إلى العصر الحجري؟
لقد سمعنا الكثير عن القوة العسكرية لحزب الله، وتعزيز القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة لهذه المجموعة المقاومة في السنوات الأخيرة، لكن إثارة هذه القضايا من قبل السلطات الصهيونية، وخاصةً كبار ضباطها العسكريين، ملفتة للنظر.
علّق "إسحاق بريك"، أحد كبار قادة لواء الاحتياط التابع للکيان الصهيوني، على التحديات الخطيرة التي يواجهها هذا الکيان بعد خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني مؤخرًا.
حيث اعترف بأن الکيان الصهيوني يواجه تهديداً أكبر من هجوم نووي، وأضاف: "لقد أنشأ العدو حزامًا ضدنا، والذي أسميه "حلقة الاختناق"، وفي هذا الحزام أكثر من 250 ألف صاروخ وقذيفة موجه لإسرائيل من جميع الجهات".
وتابع: "يمتلك عدونا حاليًا آلاف الصواريخ الدقيقة الموجهة بعدة مئات الكيلوغرامات من الرؤوس الحربية، وآلاف الطائرات دون طيار".
وأوضح بريك: أنا أتحدث عن إطلاق 3500 صاروخ يوميًا في المتوسط، وهو ما يجعلنا نشهد تدمير مئات الأماكن المختلفة على أراضينا كل يوم.
وأكد الجنرال الصهيوني: هذه الأخطار تعادل قنبلةً ذريةً، والتي بالطبع ليس لها نتائجها السلبية، نحن الآن في أخطر وضع، ويجب أن نكون مستعدين لمواجهة خمس جبهات مختلفة في الوقت نفسه، تشمل حزب الله في لبنان وسوريا وحماس والجهاد في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي الختام اعترف: الجيش الصهيوني صغير جدًا، وجزء كبير منه غير جاهز للحرب في الوضع الحالي، وليس لديه القدرة على الوجود على عدة جبهات في الوقت نفسه.
کما لفتت وسائل الإعلام العبرية في الأيام الأخيرة، إلى تداعيات هجوم صاروخي محتمل من قبل حزب الله اللبناني على الأراضي المحتلة، وتدمير البنية التحتية للکيان الصهيوني في هذه الهجمات.
وحسب تقديرات الدوائر الأمنية في الكيان الصهيوني بشأن سيناريو الصراع مع حزب الله اللبناني، ففي الأيام الأولى من هذا الصراع، سيتم إطلاق آلاف الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وحسب ما أوردته وسائل الإعلام الصهيونية: فإن "إسرائيل ستغرق في الصمت والظلام لساعات طويلة، وربما استمر انقطاع التيار الكهربائي هذا لعدة أيام، بسبب هجمات حزب الله على البنية التحتية للكهرباء".
وأضافت وسائل الإعلام المذكورة: "كما تتعطل الاتصالات والمكالمات بعد هجمات حزب الله، وتتعطل البنية التحتية للهواتف المحمولة، حتى أن قوة التحذير من هجمات حزب الله الصاروخية، تتأثر بشدة".
وذكرت وسائل الإعلام العبرية: "سيتم إغلاق الشوارع والطرق الرئيسية، ولا يمكن استخدام الموانئ الإسرائيلية، كما يتم تعليق الرحلات الجوية، وليس من المستبعد حدوث آلاف الحرائق في أنحاء إسرائيل وانتشار الهجمات السيبرانية".
لطالما تحدث القادة الصهاينة في تصريحاتهم حول سيناريو هجوم شامل ضد الكيان الصهيوني عن عدة محاور في الوقت نفسه، واعتبروا ذلك كعب أخيل الکيان، في غضون ذلك، فقد ضعُف وضع الجبهة الداخلية للصهاينة، إلى درجة أن سيناريو المعركة حتى من محور واحد، قد يقرر مصير الاحتلال الإسرائيلي.
وما أثار الخوف الشديد في الأوساط الصهيونية في الأيام الأخيرة، لا يقتصر فقط على قدرة حزب الله اللبناني وتهديدات السيد حسن نصر الله، حيث تورط الکيان الصهيوني في الأشهر الأخيرة في أزمات حادة من داخله، أدت إلى تفاقم الانقسامات الداخلية.
الحقيقة هي أنه في هذا الوضع السياسي المعقد، الذي زاد بشكل كبير من هشاشة الکيان الإسرائيلي، ينظر الصهاينة إلى أي تهديد عسكري على أنه تهديد وجودي، وهم يخشون أن يشهدوا بأقل هجوم عسكري سيناريو "نهاية إسرائيل".
وفي هذا السيناريو، فإن المستوطنين الذين هاجروا إلى الأراضي المحتلة وهم من أعراق عديدة ومتضاربة أحيانًا، ولا علاقة هوية لهم بالأرض المغتصبة التي تقع تحت أقدامهم، يفضلون الهروب والذهاب إلى أوطانهم الأصلية بالهجوم العسكري الأول.
من ناحية أخرى، فإن ابتعاد الشباب الصهيوني عن الخدمة العسكرية، والإحجام عن البقاء في الخطوط الأمامية للحرب بسبب تصاعد الخلافات الداخلية، سيجعل الجيش الصهيوني أضعف أمام أي عدو، وستكون صفوفه فارغةً أكثر من ذي قبل، وهذا هو السيناريو الخطير نفسه الذي شغل أذهان القادة الصهاينة، وجعلهم يأخذون تهديدات أمين عام حزب الله بجدية أكبر في الوضع الراهن مما كان عليه في الماضي.