الوقت- خلال عملية إطلاق النار في وسط محافظة يافا في فلسطين المحتلة (تل أبيب) قتل صهيوني وأصيب عدد من آخر، حسب ما أوردته وكالات إعلامية، مع الحديث أن تلك العملية كانت عملية استشهادية، حيث أصيب ثلاثة صهاينة، أحدهم كان في حالة حرجة ثم أعلنت وسائل إعلام كيان الاحتلال الإسرائيلي وفاة المصاب الذي كانت حالته حرجة وهو ضابط شرطة في قوات العدو، ما يعني عودة العمليات الفدائيّة للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينيّة، ما أفرز قلقاً كبيراً لدى الكيان الصهيونيّ وأجهزة احتلاله الأمنيّة والعسكريّة، بالتزامن مع مواصلة سياسة الاعتداء الإسرائيليّة التي تنتهجها حكومة العدو بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، بعد أن كثُّفت الهجمات الإسرائيليّة منذ أشهر، فيما يُجمع المراقبون للشأن الفلسطينيّ، على أنّ القيادة الأمنية والعسكرية للكيان باتت عاجزة بشكل كامل عن إدارة الأوضاع عقب التصعيد الخطير الذي قامت به في الفترة الماضية وبالأخص في جنين.
طبيعة فلسطينيّة مُقاومة
على ما يبدو، لم تفهم تل أبيب حتى اللحظة طبيعة الشعب الفلسطينيّ المقاوم الذي لا يمكن أن يسكت على سلب أرضه وقتل أطفاله وهدم منازله، على الرغم من التحذيرات التي لا حصر لها مع كل عدوان جديد تنفذه قوات العدو، ما يعني تشكّل جمر جديد لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، وقد أعلنت مصادر إخبارية إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإٍسرائيليّ على منفذ العملية الانتحارية والذي أصيب وسقط على الأرض، دون أي مساعدة من الصهاينة، وتشير التقارير إلى أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، كان أيضًا على دراية وثيقة بالتطورات.
وكانت الشرطة التابعة للاحتلال قد أعلنت أن الفلسطيني الذي نفذ العملية الانتحارية يبلغ من العمر 27 عامًا وهو من سكان جنين، المنطقة التي باتت في هذه الأيام كابوس الكيان المرعب، كما أعلنت بعض المصادر عن اسمه وهو "كامل أبو بكر" ويقال إنه استشهد بسبب خطورة إصابته وعدم نقله إلى المستشفى من قبل الصهاينة، فيما توعد كثيرون من أبناء فلسطين ومقاومتها، قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه بالمزيد من العمليات العسكرية، ردا على جرائمهم بحق الشعب الفلسطينيّ، كيف لا؟، وقد حذرت الفصائل الفلسطينيّة تل أبيب مراراً من انفجار الأوضاع وأكّدت على أنه لا يوجد وقف لإطلاق النار مع الكيان الصهيوني المحتل وأن المقاومة مستعدة لخوض الحرب للدفاع عن الفلسطينيين ومقدساتهم إذا اشتدت جرائم العصابات الصهيونيّة، ما يشي بانفجار مخيف للأوضاع، بعد أن فتحت الآلة العسكرية للكيان أبواب جهنم على نفسها من خلال منهج تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام الذي بات ملموساً على كل المستويات، لدرجة أنّ حلفاء الكيان الذين يمدونه بأكسجين الاحتلال باتوا يدركون مدى فشل العقلية الإسرائيليّة في إدارة الأمور.
وتسود مدينة يافا (تل أبيب) حالة من التوتر الشديد عقب مقتل صهيونيّ وإصابة آخرين، ويأتي الرد الفلسطينيّ المقاوم بعد أن أوصل الصهاينة وآلتهم العسكريّة وعصابات مستوطنيهم رسالة واضحة لهذا الشعب بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، والتهم جاهزة كعادتها "إرهابيّ"، "قاتل"، "متشدد"، وخاصة أنّ المقاومين يعتبرون "جمراً تحت الرماد" وأحد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل العنصريّ، وإنّ وصول العمليات الفدائية إلى تل أبيب تعني أنّ الانتفاضة الثالثة أصبحت وشيكة، مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة بدءاً من عمليات الضم التي ستؤدي بلا محالة إلى انفجار "انتفاضة عارمة" ستغير الواقع الحالي وفقاً لكثيرين، وليس انتهاءً بارتكاب أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين، وإنّ عودة المقاومة المسلحة إلى الساحات الفلسطينية أصبحت قريبة أكثر مما يتخيل الإسرائيليون، باعتبار أنّ العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن لا يمكن أن تتغير، وأنّ السلطة الفلسطينية التابعة للكيان لا تملك سوى "الهراء الإعلاميّ" و"التنديد والوعيد" بينما تفتح أحضانها لكل أنواع الخيانة والعمالة مع تل أبيب.
عمليات فدائيّة مفاجئة
عملية تل أبيب الفدائية، تثبت بشكل واضح أن المقاومة الفلسطينية قادرة على مفاجأة الاحتلال بضربات قوية، لأن رصاص المقاومة هو الرد العملي على الاستيطان والمجازر الصهيونية التي تتصاعد في أرجاء فلسطين، في ظل تسارع المخططات الاستيطانيّة الصهيونيّة في الضفة الغربيّة المحتلة والقدس من أجل محاولة وسم هوية مدينة القدس كعاصمة يهوديّة لكيان الاحتلال الغاشم وقتل أيّ مساعٍ فلسطينيّة أو دوليّة لإقامة دولة فلسطينيّة في الأراضي المحتلة عام 1967 من جهة أخرى، وإقدام الكيان المجرم على خطوات تصعيديّة كثيرة، ولن تفلح كل محاولات الاحتلال في خنق المقاومة، وقد بات واضحاً للقاصي والداني، أن المقاومة الفلسطينيّة على كل الأراضي الفلسطينية تأخذ منحى تصاعديّاً مختلفاً عن كل ما شهدته تلك المنطقة في السابق وبوسائل مختلفة وصادمة للقيادة الأمنية والعسكريّة للكيان الإسرائيليّ.
وعقب كل المحاولات الفاشلة للكيان بكل طاقته الإجرامية والاستعمارية لاحتواء الوضع في شمال الضفة (جنين، ونابلس، وطولكرم) لكن الأمر يزداد صعوبةً عليه بعد تصاعدها جنوبًا في الخليل وتكرار عمليات إطلاق النار ضد جنوده ومستوطنيه خلال الفترة الماضية، فيما تتصاعد المخاوف الإسرائيلية أكثر فأكثر مع انتقالها داخل أراضي 48 المحتلة، ويدعو المقاومون بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم فلسطين المحتلة، واستغلال ما يجري لتلتهب شعلة المقاومة من جديد وبشكل لم تعهده القيادات الصهيونيّة ولن تستطيع التعامل معه.
وبناء على ذلك، لم تفهم قيادات الكيان الصهيوني أنّه كلما زادوا من اعتداءاتهم وجرائم حربهم وتدنيسهم للمقدسات كلما ازدادت شعلة المقاومة لهيباً في فلسطين، حيث إنّ تصاعد المقاومة المسلحة جاء عقب انتشار المقاومة في الضفة التي "كسرت طوق الاحتواء والتفكيك"، واليوم كل أبناء الشعب الفلسطيني مسؤولون عن حماية ودعم المقاومة والمقاومين حتى تحرير أرضهم، ما يعني اتساع بقعة الرصاص الموجّه صوب رؤوس جنود العدو ومستوطنيه إلى نطاق أكبر بكثير، وخاصة أن تصعيد المقاومة المسلحة هو الرد على جرائم القوات الإسرائيلية والمستوطنين وعدوانهم المستمر.
وفي ظل الفشل الإسرائيليّ في مواجهة المقاومة بشكل آني وحتى مستقبليّ، يؤكد الفلسطينيون –بحكم تجربتهم- أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، وعليه أن يدفع ثمن إرهابه وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني، فالعمليات المسلحة في تلك المناطق تطورت وتصاعدت بشكل كبير وبصور متعددة بعد جرائم الآلة العسكرية للكيان، ولا يخفي أبطال المقاومة الفلسطينيّة أنهم لن يتوقفوا عن تنفيذ عمليات إطلاق النار التي تستهدف قوات الاحتلال والمستوطنين في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالتزامن مع الرغبة الشعبيّة الكبيرة بطرد الاحتلال وتلقين العصابات الصهيونيّة درساً في التحرير، ما يدل على تجذر المقاومة في نفوس أبناء الشعب الفلسطينيّ، وإيمانهم العميق بها خيارًا استراتيجيًّا للخلاص والانعتاق من الاحتلال الجاثم على صدورهم منذ عقود وعنوانه العريض "إبادة هذا الشعب" واغتصاب أرضه ومستقبله.
وبالاستناد إلى كل ما ذُكر، واهمٌ من يظنّ أنّ الشعب الفلسطينيّ يمكن أن يرفع أمام هذ العدو المستبد الراية البيضاء، مهما بلغت التضحيات، وخير برهان على صحة ذلك، أن قوات العدو عمدت على استخدام القوة المفرطة للقضاء على حالة المقاومة بالضفة الغربية وغيرها من المناطق، لكن السحر انقلب على الساحر وانعكس ذلك بشكل مباشر على حالة المقاومة، ما فضح ضعف وفشل الكيان الإسرائيليّ الذي يعول دائماً على دمويّته المفرطة، لتبقى المقاومة المسلحة عنوان المرحلة القادمة التي ستغير كل المعادلات على الساحة الفلسطينيّة المستعمرة من العصابات الصهيونيّة وبعض المتخاذلين، وإنّ تطور أساليب المواجهة والمقاومة، وتأكيد الوقائع أنّ الاحتلال بدأ يفقد السيطرة باعتراف وسائل الإعلام العبرية، يعني فشلاً كبيراً للمنظومة الأمنية الإسرائيلية رغم محاولات الاحتلال وقف المقاومة المتصاعدة.
ختاماً، من الطبيعي كشعب يتعرض للإبادة والاحتلال، ألا يقف ساكناً أمام الدبابات والمدافع والصواريخ وزخ الرصاص، ويكرر الفلسطينيون بشكل دائم أنّهم لن يسكتوا على الاعتداءات الإسرائيليّة الجبانة، ويكررون أن دماء شهدائهم ستبث الروح والحياة في الشعب الفلسطينيّ العظيم ولن تذهب هدراً، فيما يدرك أبناء فلسطين أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وعنصريّتها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، لأنّ العصابات الصهيونيّة على قناعة بالأوهام التي تبثها حكومتهم حول أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في بلادهم وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة ما يسمونها "حرياتهم السياسية" في فلسطين.