الوقت- كان الرق في الولايات المتحدة الأمريكية يتّخذ صفة المؤسسة، بموجب التشريعات. فقد انتشر في أمريكا الشمالية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، واستمر في الولايات الجنوبية حتى إقرار التعديل الثالث عشر لدستور الولايات المتحدة في عام 1865 نتيجة للحرب الأهلية. كان هذا الشكل من العبودية يتمثل في إخضاع العمال الذين يتم شراؤهم من تجار الرقيق في أفريقيا لاستخدامهم كخدم وعمال في مزارع المستعمرات. كانت فرجينيا أول مستعمرة إنجليزية استقدمت العبيد إلى أمريكا الشمالية عام 1619، بعد وصول سفينة تحمل 20 أفريقياً، إذ كانت بمثابة نقطة الانطلاق لانتشار الرق وصولاً إلى المستعمرات الإسبانية في أمريكا الجنوبية، كان العديد من العبيد من الأفارقة السود وكانت نسبة ضئيلة منهم من الأمريكيين الأصليين، وكان بعض السود الأحرار يملكون عبيداً، وكان القليل من عمال السُخرة من البيض. انتشر الرق أول الأمر في المناطق ذات الأراضي الخصبة جداً التي تصلح لزراعة المنتجات عالية الطلب مثل التبغ والقطن والسكر والبُن، حيث كان العبيد يحرثون الأراضي ويجمعون المحاصيل يدوياً في هذه المساحات الشاسعة.
وتركز معظم العبيد في العقود الأولى من القرن التاسع عشر في الولايات الجنوبية، حيث استُقدموا للعمل في حقول القطن والسكر، وكان يُشرف على كفاءة العمل حرّاس السجون، الذين كفلوا - باستخدام وسائل العنف - أن العبيد سيبذلون أقصى الجهد لانجاز الأعمال المطلوبة. قبل انتشار العبودية على نطاق واسع، نُظمت الكثير من الأعمال في المستعمرات من خلال مجموعات من العمال الذين يتم تعيينهم بالتعاقد (أجراء)، وانتشرت ظاهرة عمال الأجرة لسنوات، سواء كانوا من العمال البيض أو السود، حيث يدفع الأشخاص تكلفة الرحلة إلى المستعمرات عن طريق العمل حتى يتم سداد الدين، حيث كانوا يهاجرون إلى أمريكا الشمالية هرباً من البؤس والفقر في بلادهم.
في الفترة ما بين عامى 1680 و1700 بدأ العبيد يحلون محل عمال الأجرة في العديد من المستعمرات الأمريكية. ولأهمية العبودية أصبح منزل بورجيسيس رمزاً جديداً للعبودية في 1705 وأول جمعية تشريعية تجمع بين التشريعات القائمة في القرون السابقة مع إضافة مبدأ أن العرق الأبيض هو المتفوق والمهيمن ضد العرق الأسود. قبل القرن الثامن عشر، كان التشريع المتعلق بالعبودية يعتمد على العنصرية، خالقاً نظاما يكون فيه معظم العبيد من الأفارقة وأحفادهم، وأحياناً من الأمريكيين الأصليين، بينما ألغت المستعمرات الإسبانية الاسترقاق من السكان الأصليين عام 1769. في الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر تم نقل ما يقرب من 12 مليون أفريقي إلى الأمريكتين، ونُقِلَ منهم ما يقارب من 645,000 إلى الأقاليم التي صارت جزءاً من الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد.
في عام 1860 بلغ تعداد العبيد في الولايات المتحدة حوالي 4 ملايين عبد. وكان الرق موضع جدل في سياسة الولايات المتحدة من 1770 إلى 1860، وأصبح موضوعاً مهماً للمناقشة في جميع الدول بشأن التصديق على الدستور، أقرّ الكونغرس الفيدرالى قانون العبيد الهاربين (أي قانون العبيد الهاربين) في عام 1793 وعام 1850، الذي ينظم عودة العبيد الهاربين إلى أصحابهم، في حين كان مبدأ التعصب للرق في محافل أخرى أقل بسبب قرارات المحكمة العليا، مثل قضية دريد سكوت الشهيرة.
سعى العبيد إلى التمرد ضد العبودية مع حركات التمرد وعدم التعاون في الأعمال، وتمكن البعض من الفرار إلى الدول التي ألغت الرق أو إلى كندا، عن طريق السكك الحديدية تحت الأرض. شارك المحامون الذين كانوا يؤيدون إلغاء الرق في المناقشات السياسية حيث نددوا بالمبادئ الأخلاقية المتدنية بسبب هذه الممارسات، وشجعوا على إنشاء مناطق حرة خالية من الرق وصولا إلى الأقاليم المحتلة غربا. كان الجدل الأخلاقي حول الرق واحداً من الأسباب الرئيسية للخلاف الذي أدى إلى الحرب الأهلية الأمريكية. بعد انتصار دول الاتحاد أصبح الرق غير قانوني في كل الولايات المتحدة بالتصديق على التعديل الثالث عشر للدستور، ولكن الممارسة استمرت لبضع سنوات مع إخضاع الهنود من قبل الأمريكيين
صلة ساسة أمريكيين حاليين بملّاك العبيد
تشير كتلة حجرية في مبنى الكابيتول الأمريكي، إلى تاريخ البلاد أيام العبودية، وتشير إلى أن مبنى الكونغرس قام ببناء جزء منه العبيد السود في أمريكا، وتقول لوحة برونزية هنالك إن هذا يخلد دورهم المهم في بناء "بيت الأمة". ويقول تحقيق استقصائي لوكالة رويترز، إن العديد من المشرعين والساسة الأمريكيين لا يجب عليهم أن ينظروا بعيدا في شجرة العائلة ليجدوا أن أسلافهم كانوا من ملاك العبيد. وأثناء البحث في أنساب النخبة السياسية في أمريكا، وجد فحص أجرته رويترز أن خُمس أعضاء الكونغرس الأمريكي والرؤساء الأحياء، وقضاة المحكمة العليا، والحكام هم من نسل أسلاف استعبدوا السود. ومن بين 536 عضوًا في الكونغرس الذي انعقد مؤخرًا، حددت رويترز أن 100 على الأقل ينحدرون من مالكي العبيد.
المشرعون من الدورة 117 للكونغرس هم من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. ومن بينهم بعض السياسيين الأكثر نفوذاً في أمريكا؛ مثل أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ميتش ماكونيل، وليندسي غراهام، وتوم كوتون وجيمس لانكفورد، والديمقراطيين إليزابيث وارن، وتامي دكوورث، وجين شاهين وماغي حسن. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرئيس جو بايدن وكل رئيس أمريكي سابق على قيد الحياة - باستثناء دونالد ترامب - هم من نسل مباشر لمالكي العبيد؛ جيمي كارتر، وجورج دبليو بوش، وبيل كلينتون - ومن جانب والدته البيضاء - باراك أوباما. أما أسلاف ترامب فقد وصلوا إلى أمريكا بعد إلغاء العبودية. واثنان من تسعة قضاة في المحكمة العليا في الولايات المتحدة - آمي كوني باريت ونيل جورسوش - لديهما أسلاف مباشرون ملكوا عبيدا.
ووجدت رويترز أنه في عام 2022، كان حكام 11 ولاية من أصل 50 ولاية أمريكية من نسل مالكي العبيد ووجدت أن ما لا يقل عن 8% من الديمقراطيين في الكونغرس الماضي و28% من الجمهوريين لديهم أسلاف من مالكي العبيد. ويكشف التحقيق مدى ارتباط أمريكا الوثيق بمؤسسة العبودية، بما في ذلك من خلال "الأشخاص الذين يضعون القوانين التي تحكم بلدنا"، كما قال هنري لويس غيتس جونيور، الأستاذ بجامعة هارفارد والذي يركز على الأبحاث والأفارقة الأمريكيين. وقال غيتس إن تحديد تلك الروابط العائلية مع مالكي العبيد "ليس فصلًا آخر من فصول إلقاء اللوم. نحن لا نرث الذنب لأفعال أسلافنا".
وتابع: "انظروا إلى مدى ارتباطنا الوثيق بمؤسسة العبودية، وكيف أثرت على حياة أسلاف الأشخاص الذين يمثلوننا في كونغرس الولايات المتحدة اليوم (...) هذه فرصة تعليمية لكل فرد، للشعب الأمريكي ككل". بالإضافة إلى القادة السياسيين الذين حددتهم رويترز، قال توني بوروز، عالم الأنساب المتخصص في مساعدة الأمريكيين السود على اقتفاء أثر أسلافهم، إنه بالإضافة إلى القادة السياسيين "هناك ملايين الأمريكيين ينحدرون من عبيد أيضًا". وتم توثيق العلاقات القديمة مع مالكي العبيد من قبل حفنة من القادة، بما في ذلك بايدن وأوباما. ويركز التحقيق على أقوى أصحاب المناصب في الولايات المتحدة اليوم، وكثير منهم يشغلون مناصب رئيسية في السياسات المتعلقة بالعرق. ويكشف التحقيق لأول مرة، بشكل واسع وتفصيلي، عن مدى صلات أسلاف هؤلاء القادة بما يُعرف عمومًا بـ "الخطيئة الأصلية" لأمريكا.
ولتتبع سلالات النخبة السياسية، جمع صحفيو رويترز عشرات الآلاف من المعلومات الواردة في آلاف الصفحات من الوثائق. وقاموا بتحليل سجلات التعداد السكاني في الولايات المتحدة، بما في ذلك إحصاءات ما يعرف بـ"جداول العبيد"، بالإضافة إلى المستندات الضريبية، وسجلات العقارات، والأناجيل العائلية، والصحف، وشهادات الميلاد والوفاة. وتوفر السجلات - في بعض الحالات، الوصايا العائلية التي تُظهر أن البشر المستعبدين قد ورثوا جنبًا إلى جنب مع ممتلكات الأسر كالحيوانات، وأسرة النوم. وتم فحص بحث رويترز من قبل علماء الأنساب المعتمدين من مجلس الإدارة، الذين راجعوا كل حالة ربطت بين زعيم معاصر وأحد أسلافه.