الوقت- تمر الأعوام وتظل مذبحة دير ياسين التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، شاهدة على إجرام الاحتلال الصهيوني. في ذكراها الـ75 للمجزرة، والتي نفذتها عصابات “أرغون” و”شتيرن” الصهيونية عام 1948، وأسفرت عن استشهاد ما بين 250 و 360 فلسطينيًّا، وقد أكدت المقاومة الفلسطينية، على ان الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني لن تسقط بالتقادم، كما لن تفلح في ثني هذا الشعب عن مواصلة صموده وثباته على أرضه ودفاعه عن القدس والأقصى.
وتأتي هذه الذكرى الأليمة، فيما تواصل سلطات الاحتلال الغاشم ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، بالإضافة إلى الاستيلاء على أراضيه وتهويد مدينة القدس، وهدم البيوت، وتكثيف الاستيطان، دون توقف أو أي رادع دولي لها ووضع حد لاستمرار اعتداءاتها.
أهمية الموقع الاستراتيجي للقرية
كانت قرية دير ياسين تقع على تل يبلغ ارتفاعه نحو 800 متر، وتبعد حوالي كيلومتر واحد عن النواحي الغربية للقدس المحتلة. بدأ الاستيطان اليهودي في قرية دير ياسين عام 1906، وقامت قوات الإمبراطورية العثمانية بتحصين مرتفعات دير ياسين ضمن منظومة الدفاع عن القدس. وإلى جانب موقعها الاستراتيجي، تمتعت دير ياسين بحركة اقتصادية لافتة قبيل الانتداب البريطاني وبعده، كما شهدت نموًّا ديموغرافيًّا ملحوظًا.
مذبحة دير ياسين أشهر مجازر العصابات الصهيونية
بدأت أحداث مذبحة دير ياسين فجر يوم 9 أبريل/ نيسان 1948ووفق شهادات الناجين فإن الهجوم الإرهابي على قرية دير ياسين، الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، بدأ قرابة الساعة الثالثة فجرا، ، حيث اقتحمت الجماعتان الصهيونيتان المسلحتان "آراغون" و"شتيرن" قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس للاستيلاء عليها.لكن الصهاينة في حينه تفاجؤوا بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان، وسقط من اليهود 4 قتلى، وما لا يقل عن 32 جريحا.
بعد ذلك، طلبت العصابات المساعدة من قيادة "الهاجاناه" في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّنوا من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على الأهالي دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
وقد استعان الإرهابيون بدعم من قوات "البالماخ" في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة.
والهاغاناه منظمة عسكرية صهيونية مارست دورًا عسكريًّا كبيرًا في تأسيس الكيان الإسرائيلي عام 1948، وارتكبت في سبيل ذلك أعمالًا إرهابية وجرائم حرب في حق الفلسطينيين. وانتظم في صفوفها عدد كبير ممن أصبحوا لاحقًا قادة للدولة، وبحكم متانة تدريبها وتسليحها شكلت النواة الأولى لجيش الاحتلال الرسمي.
وقد استعان الصهاينة بدعم من قوات “البالماخ” في أحد المعسكرات بالقرب من القدس، حيث قامت من جانبها بقصف دير ياسين بمدافع الهاون لتسهيل مهمة العصابات المهاجمة. والبالماخ أو جند العاصفة، هي منظمة صهيونية عسكرية مارست دورًا مهمًّا في إقامة دولة الاحتلال، وأدمجها رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون عام 48 ضمن قوات الجيش الإسرائيلي.
واستمرت المجزرة الوحشية الصهيونية حتى ساعات الظهر، وقبل الانسحاب من القرية، جمع الإرهابيون اليهود كل من بقي حيا من المواطنين العرب داخل القرية وأطلقوا عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران.
ومنعت الجماعات اليهودية، في ذلك الوقت، المؤسسات الدولية بما فيها الصليب الأحمر، من الوصول إلى موقع الجريمة للوقوف على ما حدث على أرض الواقع.
واقتيد نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات وطافوا بهم شوارع القدس كما كانت تفعل الجيوش الرومانية قديما، ثم أعدموهم رميًا بالرصاص. فيما قدر عدد الضحايا الفلسطينيين مابين 250 إلى 350 شهيدا أغلبهم من الأطفال و النساء و الشيوخ حيث شكلت المجزرة عاملاً مهماً في تهجير الكثير من سكان القرى الفلسطينية خوفاً من وقوعهم ضحايا لمجازر جديدة.
وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن 531 قرية ومدينة فلسطينية قد طهرت عرقيا ودمرت خلال نكبة العام 1948 .
وبعد عدة أسابيع من المجزرة، وتحديدا في منتصف مايو/ أيار، أُعلن عن إقامة دولة إسرائيل، بعد تهجير نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم، وما زالوا حتى الآن (هم وذرياتهم) "لاجئين" في مخيمات ومدن تقع في الضفة وغزة والأردن ولبنان، وسوريا، وبقية دول العالم.
عام 1980، أنشأت السلطات الإسرائيلية أبنية فوق أرض القرية وأطلقت عليها أسماء بعض أفراد العصابات المنفذة لمذبحة دير ياسين.
فيما تتفاخر العصابات الصهيونية بتاريخها الدامي فمن جهته مناحيم بيجن، الذي كان رئيسا لعصابة "الهاجاناه"، وبعد تأسيس دولة الاحتلال أصبح رئيسا للوزراء، قد تفاخر بهذه المذبحة في كتاب له فقال: "كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي، فأخذوا يفرون مذعورين.. فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض "إسرائيل" الحالية – فلسطين المحتلة عام 1948 لم يتبق سوى 165 ألفا".
وتابع قائلا: "لقد خلقنا الرعب بين العرب وجميع القرى في الجوار ، وبضربة واحدة غيرنا الوضع الاستراتيجي".
تأكيد فصائل المقاومة على وقوفهم بوجه المحتل الغاصب و أنهم لن ينسوا شهداء دير ياسين
وجاءت بيانات الفصائل حول ذكرى مجزرة دير ياسين كما يلي:
حركة حماس
بسم الله الرحمن الرحيم
في الذكرى الـ 75 لمذبحة دير ياسين: جرائم الاحتلال وعصاباته الإرهابية لن تسقط بالتقادم، وشعبنا ماضٍ في صموده ومقاومته حتى زوال الاحتلال
تحتفظ ذاكرة شعبنا الحيّة، بمجزرة بشعة ارتكبتها جماعات صهيونية إرهابية بحق أهلنا في قرية دير ياسين غرب مدينة القدس المحتلة، في مثل هذا اليوم من عام 1948م، ارتقى خلالها ما يقارب من 360 شهيداً، بينهم نساء وأطفال، في جريمة نكراء تكشف حقيقة أنَّ هذا الكيان الغاصب قام على ارتكاب المذابح والمجازر بحق شعبنا، وممارسة سياسة التهجير والإبعاد عن أرضه، في محاولة يائسة لن تمنحه شرعية أو سيادة على شبر من أرضنا التاريخية، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك.
تأتي ذكرى هذه المذبحة الدموية، وما زال الاحتلال الصهيوني يمارس أبشع صور الإجرام والإرهاب بحق أرضنا وشعبنا وأسرانا ومقدساتنا، في ظل الصمت والتقاعس الدولي، في وضع حدّ لاستمرار احتلاله أرض فلسطين، وانتهاكاته لكل القيم والشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ما يحمّلهم جميعاً المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الحرب العدوانية التي يقوم بها الاحتلال، الأمر الذي يستدعي تحرّكاً جاداً وفاعلاً لمحاكمة قادته على جرائمهم التي لن تسقط بالتقادم، والعمل على عزل هذا الكيان وتجريم انتهاكاته، وتمكين شعبنا من حقوقه المشروعة في الحريّة وتقرير المصير.
إن مرور 75 عاماً على مجزرة دير ياسين وغيرها من المجازر الصهيونية المستمرة والمتصاعدة، لم ولن تفلح في ثني شعبنا عن مواصلة صموده وثباته على أرضه ودفاعه عن القدس والأقصى، فما المعارك التي خاضتها وتخوضها المقاومة الباسلة، والعمليات البطولية التي يبدع فيها شبابنا الثائر في كل ساحات الوطن، وحشود المرابطين والمعتكفين في بيت المقدس وأكنافه، إلا دليلٌ أنَّ جماهير شعبنا ماضية في طريق المقاومة الشاملة، حتى انتزاع حقوقها وتحرير أرضها ومقدساتها وتحقيق العودة إليها.
حركة المقاومة الإسلامية – حماس
الجبهة الديمقراطية
في الذكرى الـ75 لمجزرة دير ياسين التي ارتكبتها عصابات الإجرام الصهيونية في 9/4/1948 أصدرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بياناً قالت فيه: إن مجزرة دير ياسين، شديدة البشاعة، تؤكد أن الفاشية الصهيونية لم تولد مع وزراء الإرهاب في حكومة نتنياهو، إيتمار بن غفير وبتسئيل سموترتش، بل هي عنصر أصيل في المشروع الصهيوني، الذي نظر منذ اللحظة الأولى لولادته رسمياً إلى فلسطين باعتبارها أرضاً بلا شعب، الأمر الذي ترجمه أتباع الصهيونية بالمجازر الجماعية، وعمليات التطهير العرقي، والتهجير الجماعي، وإفراغ البلدات والقرى والمدن الفلسطينية، بقوة الحديد والنار، من ساكنيها وأصحابها، والاستيلاء على أملاكهم، وتهويدها، والادعاء أنها جزء من دولة إسرائيل.
وأضافت الجبهة الديمقراطية: إن مشهد دير ياسين، حيث كانت الإبادة الجماعية للسكان هي الهدف المباشر لمرتكبي المجزرة ومجرميها، شكلت إذاناً سافراً بإعلان حرب الإبادة الصهيونية المفتوحة ضد شعبنا والتي لم تتوقف، بأشكالها الأكثر بشاعة، وصولاً إلى ما نشهده اليوم في بلدة حوارة وغيرها، من حرق وهدم وقتل، والمسجد الأقصى من اقتحامات وضرب وسحل وتدنيس، وكذلك نشهد التهديدات التي يتوعد فيها نتنياهو وحكومة الرعاع والغوغاء، شعبنا ومقاومته الباسلة، برفع عصا ميليشيات المستوطنين المسلحة، في تغافل واضح من قبل نتنياهو وشركائه، عن أنّ أي تصعيد دموي تلجإ إليه حكومته، لن يقابل إلا بمثله من قبل شعبنا ومقاومته وفصائل العمل الوطني.
ودعت الجبهة الديمقراطية القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية إلى إحياء ذكرى مجزرة دير ياسين، رسمياً، واستخلاص العبر والدروس منها، بما في ذلك إعادة النظر بانخراطها في مسار العقبة – شرم الشيخ، والتحلل من تفاهماته الأمنية، بعد أن ثبتت أكاذيب وخرافات الضمانات الأمريكية.