الوقت- في ظل الإدانات المتكررة للنظام الصهيوني في المنظمات الدولية تظهر أنه بمرور الوقت أصبح هذا النظام أكثر عزلة في العالم وحتى الدول الغربية التي تدعمه لم تعد قادرة على التغطية على جرائم هذا النظام، لكن في حالة عدم تصديق مطلق، وفي جزء صغير من خريطة العالم وفي قلب العالم الإسلامي، تمكن الصهاينة من إيجاد حلفاء مستعدين لبسط السجادة الحمراء لهم. وكانت الإمارات أول دولة دعت هذا النظام المكروه عالميًا للسفر إلى أراضيها بعد عودة نتنياهو إلى السلطة، لكن هذه الرقصة الطيبة لا تقتصر على إقامة وليمة سياسية وهذه المرة اختار الإماراتيون موضوعا ثقافيا لخدمة الصهاينة.
وفي هذا الصدد، أعلنت سفارة الإمارات في أمريكا أنه سيتم تدريس موضوع المحرقة في المواد التعليمية بالمدارس الابتدائية والمتوسطة في الإمارات من الآن فصاعدًا. وأعلنت سفارة الإمارات العربية المتحدة أن سلطات الدولة تعتبر تدريس هذا الموضوع أمراً ضرورياً للإنسانية. ويأتي هذا الإجراء الجديد لدولة الإمارات العربية المتحدة في وقت افتتحت فيه هذه الدولة أول متحف تذكاري للهولوكوست في دبي العام الماضي من أجل تعزيز العلاقات مع النظام الصهيوني. وبعد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، فتحت الإمارات أقدام الصهاينة على المنطقة، وبتوقيع اتفاقيات أمنية واقتصادية، فإنها تعزز علاقاتها مع المحتلين يوما بعد يوم وهذا العمل يحذر المراقبون العرب من عواقبه المؤسفة.
بحسب موقع timesofisrael العبري "تتخذ دولة الإمارات خطوات كبيرة لمكافحة الثقافة الإقليمية لإنكار الهولوكوست في أعقاب اتفاقيات أبراهام لعام 2020 التي أدت إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل". وحسب "اماراتليكس"، الموقع العبري اشار الی أنه بعد أن غابت تمامًا عن المواد التعليمية للأطفال في الإمارات – والتي حجبت أيضًا "إسرائيل" عن خرائط العالم والكرات الأرضية – من المقرر الآن إدراج الهولوكوست بالكامل في المناهج الدراسية. وفي العام الماضي، افتتح أول معرض لإحياء ذكرى الهولوكوست في المنطقة في دبي، بعد أشهر فقط من الاتفاقات التي توسطت فيها الولايات المتحدة والتي تم بموجبها إشهار التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب. ومنذ ذلك الحين، تم إحضار سبعة من الناجين من الهولوكوست إلى الإمارات للتحدث عن أهوال "الإبادة الجماعية النازية".
ويعمل معهد رصد السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-se) ومقره تل أبيب ولندن مع وزارة التربية والتعليم في الإمارات على بناء مناهج جديدة، والتي ستكون للأطفال في كل من المدارس الابتدائية والثانوية. وقال ماركوس شيف، الرئيس التنفيذي لشركة IMPACT-se ، إن المناهج الدراسية في الإمارات كانت بالفعل "رأساً وكتفين" فوق مناهج الدول الإقليمية الأخرى من حيث إنها لا تظهر "أي دليل على الكراهية على الإطلاق" ولا معاداة السامية، و"تعترف بالمكانة التاريخية لليهودية في العالم العربي.
ويشير تقرير الأمم المتحدة العالمي حول وجود الهولوكوست في المناهج المدرسية العالمية إلى أن الإمارات تذكر على الأقل "السياق"، على عكس البحرين، وهي أيضًا دولة موقعة على اتفاقيات إبراهيم والدولة الخليجية الوحيدة التي لديها مجتمع يهودي أصلي، والذي يذكر "لا الهولوكوست كمصطلح … أو حدث" في مناهجها الدراسية. وقال النائب الإماراتي المثير للجدل علي النعيمي أحد الوسطاء الإماراتيين للتطبيع إن "الاعتراف بأهوال الهولوكوست أمر حيوي في منطقة يعيش فيها اليهود قرونًا من التاريخ". وزعم أن "تخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست أمر بالغ الأهمية. في العالم العربي، كان الجيل الأكبر سناً يعمل في بيئة كان الحديث فيها عن الهولوكوست بمثابة خيانة للعرب والفلسطينيين".
وكان أقام الإماراتي أحمد المنصوري أول معرض مخصص لإحياء ذكرى الهولوكوست في الشرق الأوسط كمحاولة للتغلب على إنكار الهولوكوست، وقام بجمع اليهودية التاريخية من جميع أنحاء المنطقة منذ افتتاح المتحف في عام 2013. وكانت الصحيفة الإسرائيلية قد ذكرت أن إدراج “الهولوكوست” في المناهج الدراسية سيتم بالتعاون بين وزارتي التعليم والثقافة الإمارتيتين مع “ياد فاشيم” الإسرائيلي (متحف ذكرى الهولوكوست في القدس المحتلة)، بينما يقدّم معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم المدرسي (IMPACT-se) -مقرّه تل أبيب- المشورة وتقييم المحتوى.
ووصفت (تايمز أوف إسرائيل) هذه الخطوة بأنها جاءت “لمكافحة الثقافة الإقليمية التي تنكر الهولوكوست”، مشيرة إلى أن الإمارات تحاول أن “تضع نفسها صانعَ سلام إقليميًّا”. وفي 2021، افتُتح أول معرض لإحياء ذكرى الهولوكوست بالمنطقة في دبي، بعد أشهر فقط من اتفاقات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل التي توسطت فيها الولايات المتحدة أواخر 2020.
سعي لطمس الجرائم
رشيدة قادري، وهي تربوية جزائرية، أكدت في حديث للمركز الفلسطيني للإعلام، أن إدراج الهولوكست في المناهج التعليمية لأي من الدول المطبعة “في إشارة للإمارات” يعبر عن سعي “إسرائيلي” حثيث لطمس جرائمه ضد الشعب الفلسطيني. وقالت إن “الإسرائيليين” يستخدمون ما يطلق عليه “الهولوكوست” كفزاعة للتغطية على جرائمهم، بمعنى أنه بمجرد الحديث عن الجرائم الإسرائيلية أو الاحتلال فوراً يتم توجيه الاتهام للمتحدث بمعاداة السامية. وأوضحت قادري أن خطوة تدريس الهولوكست يعبر عن خطوة متقدمة جدًّا في التطبيع والتطبيع الثقافي على حد الخصوص، ما يهدد الوعي الجمعي للطلبة وصولا للانصهار المنشود.
التطبيع الثقافي
الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، حازم قاسم، أدان إعلان سفارة دولة الإمارات في واشنطن عن تضمين بلادها مواد عن “الهولوكوست” في مناهجها التعليمية. وعدّ قاسم في تصريح صحفي يوم أمس الثلاثاء، ذلك دعمًا للرواية “الإسرائيلية”، وأحد أشكال التطبيع الثقافي. واستغرب اتخاذ مثل هذه الخطوات التطبيعية في إطار حكومة الاحتلال اليمينية التي تتصرف بمنطق النازية العنصري ضدّ شعبنا ومقدّساتنا وأرضنا وهويتنا العربية الفلسطينية.
حساب “إسرائيل بالعربية”، في منشور على تويتر، قال “فيما يعدُّ قرارا تاريخيا، أعلنت دولة الإمارات أن المنهج التعليمي في المدارس الثانوية فيها سيشمل تعليم تاريخ الهولوكوست، أي محرقة اليهود على يد الوحش النازي”. كما أن دولة الإمارات منذ توقيع اتفاقيات التطبيع قبل 3 سنوات، شرعت بخطوات عميقة في العلاقة مع كيان الاحتلال على مختلف المستويات، السياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية، وحاليًّا التعليم وصولا لإقرار تدريس الهولوكست.
إن مسلسل السقوط لم يتوقف، فقد شهدت تجارة “إسرائيل” مع الدول العربيّة نموًا منذ اتفاقيات التطبيع الخياني ، وذلك حسب معطياتٍ رسميّةٍ، علمًا أنّ هذه المعطيات لا تشمل السياحة والخدمات، حيث أكّدت المعطيات الرسميّة أنّ التجارة مع العديد من الدول تضاعفت أكثر من ثلاث مرات خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2021 مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. وكشفت بيانات جديدة أنّ التجارة بين “إسرائيل” ودول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمت بشكلٍ ملحوظٍ هذا العام، بعد تطبيع الدولة العبريّة للعلاقات مع دولٍ عربيّةٍ إضافيّةٍ.
ووفقًا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فإنّه في الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، نمت التجارة بنسبة 234 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020، وفقًا لأرقام دائرة الإحصاء المركزية التي استشهد بها يوناتان غونين، المتدرب في وزارة الخارجية. وأظهرت المعطيات أنّ التجارة مع الإمارات العربية المتحدة ارتفعت من 50.8 مليون دولار بين يناير ويوليو 2020 إلى 613.9 مليون دولار في الفترة نفسها من عام 2021. وكانت الإمارات الأولى من بين أربع دولٍ في المنطقة التي قامت بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل” عام 2020، بعد مصر عام 1979 والأردن في عام 1994 باعتبارهما الدولتين العربيتين الوحيدتين اللتيْن أقامتا علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ مع “إسرائيل”.
على صلةٍ بما سلف، وحسب موقع “i24NEWS” الصهيوني، هناك بعض السلع تمّ تصديرها إلى الخليج في العاميْن 2012 و2013، لافتًا إلى أنه رغم أنّها تتّم في الخفاء بالأساس، متوارية عن الأنظار، ورغم عدم وجودها أوْ الاعتراف بوجود العلاقات رسميًا، إلّا أنّ قيمة التبادل التجاري بين الدول الخليجيّة والدولة العبريّة بلغ أكثر من مليار دولار في عام 2018، أيْ قبل عاميْن من توقيع اتفاقيات التطبيع في واشنطن.