الوقت- منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، تحدّثت العديد من الأصوات عن خلافات، خفيّة حينها، بين الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي، ونائبه، رئيس الحكومة المستقيلة "خالد بحاح"، إلا أن هذه الخلافات كانت تظهر فجأة وتختفي أخرى حيث تكفّلت الرياض بحلّها، بطريقة أو بأخرى.
ولكن مع خروج الرئيس المستقيل من الرياض نحو مدينة عدن، وكذلك خروج القوّة الإماراتية من المدينة، بل من اليمن بأكمله، ظهرت مستجدّات جديدة على التوتّر القديم بين هادي وبحاح الذي يتعلّق بحقيبة الخارجية التي تقلدها وزير الصحة المستقيل، رياض ياسين منذ مارس/آذار الماضي، بتكليف من الرئيس هادي، عقب احتجاز اللجان الشعبية في صنعاء للوزير المستقيل "عبدالله الصايدي". الخلاف إستمر منذ ذلك الحين حيث كان هادي يقدّم حليفه ياسين كوزير خارجية في زيارات، مقابل حديث بحاح عن "الصايدي" كوزير "شرعي" أمام السفراء الأجانب.
تصدّع كبير
حتى الأسبوع الفائت، حرص كلا الطرفين على عدم مهاجمة الطرف الآخر في الإعلام، بإعتبار أن هذا الأمر سيثير غضب الرياض، كما أنه سيصب في صالح الجيش اليمني واللجان الشعبية، فضلاً عن كونه يساهم في تضعيف موقفهم على الساحة الدولية تماماً كما حصل مع المعارضة السورية ومجلسها الوطني الذي يأس منه الحلفاء قبل الأعداء، ولكن قرار الرئيس المستقيل هادي قبل أيام بالاطاحة بكلا الوزيرين وتعيين ثلاثة نواب لرئيس الوزراء، أحدهم أُسندت له حقيبة الخارجية، هو عبد الملك المخلافي، رئيس وفد هادي في مفاوضات "جنيف2"، أظهر تصدّعاً كبيراً بين هادي ونائبه بحاح وكسر كل الخطوط الحمراء بين الطرفين.
لم تنتظر حكومة بحاح طويلاً للرد على قرارات هادي حيث أعلن مصدر مقرّب من بحاح، أن التعديلات التي أجراها هادي "غير شرعية"، وفي ذات الليلة، أعلن "بحاح" في بيان نشر على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، رفض القرارات، ضمنيًا، وقال بأنه "لن يسمح للعبث أن يمر، أو يتكرر". هذه الخلافات ألقت بظلالها على الشارع اليمني المحسوب على هادي وبحاح حيث أعرب البعض عن إحباطهم بسبب إنصراف هادي وبحاح نحو قضايا هامشية، في حين قال أحد الأصوات الإعلامية المحسوبة على "العدوين"، أي هادي وبحاح: "إذا كان الناس محبطون وفاقدون الأمل من شخصية هادي ودوره، فإن الخلافات التي ظهرت إلى السطح مع رئيس حكومته بحاح، تفقد الناس أملها في حكومة بحاح أيضاً".
لا ريب في أن ظاهر الأزمة فقط يتعلق بوزير الخارجية، فالخلاف بين الجانبين تعدّى عنوان "خلاف الرأي" منذ بدء العدوان، وبات "حرب زعامة" دفعت بكل طرف للجوء إلى إحدى الدول الخليجية (السعودية والإمارات)، فهادي "زلمة السعودية" الأوفر حظاً كقراءة أوليّة بإعتبار أن الرياض هي التي تمسك بزمام الأمور اليمنية، وبالتالي لن ترضى بفرض الإمارات لشروطها هناك. ولكن تدرك الرياض جيّداً أن هادي إحترقت كافّة أوراق إعتماده، ولا يمكن طرح إسمه في أي مرحلة مقبلة لدى الطرف الآخر، بخلاف بحاح الذي حاول جاهداً أن لا يتخذ مواقف هادي "العدوانية" الأمر الذي دفع بإعلاميين محسوبين على هادي بمهاجمة بحاح متهمين إياه بالعمل على ترويج نفسه كبديل لـ هادي فيما اتهمه البعض الآخر بالتواصل مع حركة انصار الله وحزب المؤتمر الذي يقوده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
في القراءة الأولية قد يكون الخلاف بين كل من هادي وبحاح، إلا أن القراءة المعمّقة للمشهد اليمني تؤكد أن هذا الخلاف يعبّر عن الصراع في قيادة التحالف العربي بين السعودية والإمارات، الأمر الذي سيحتكم لمصالح الدولتين، لذلك لا ندري رد بحاح النهائي على تعديلات هادي الوزارية، فهل يلحق بالإمارات التي تركت السعودية وحيدة، أي يقدّم إستقالته من رئاسة الحكومة ويترك هادي كي يحترق من حلفائه كما هو الحال مع الشعب اليمني، أم أنه يبقى حجر عثرة أمام أهداف ومخططات هادي في مدينة عدن.
إن كافّة هذه التداعيات التي تزامنت مع دخول "الخيارات الإستراتيجية" حيّز التنفيذ، دفعت بالعديد من المراقبين الذين وجدوا في هادي وحكومته نسخة جديدة من "المجلس الوطني السوري" للتساؤل: هل سيتلقى العدوان السعودي الضربة القاضية على يد الحلفاء، ضربة تفقده السيطرة السياسية بعد ضربات عدّة من اللجان الشعبية أفقدته السيطرة على الميدان؟