الوقت- احتجت شخصيات وجمعيات عامة فرنسية في عريضة نُشرت على موقع “ميديابارت” الاستقصائيّ، تحت عنوان: “رفض طرد الإمام حسن إيكويسن يعني الدفاع عن المبادئ الأساسية لدولة القانون” بمن فيهم الصحفيّ المعروف آلان غريش، على مطالبة وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان بترحيل الإمام إيكويسن، المعروف بقربه من جماعة الإخوان المسلمين إلى المغرب، وذلك بتهمة معاداة السامية، معتبرين أنها “دليل على وجود عقبات أكثر خطورة أمام سيادة القانون في فرنسا"، ومن المعروف أنّ فرنسا تتصدر ذيل قائمة الدول الأوروبيّة، في مستوى قدرتها على التعايش مع الديانات والثقافات والأعراق واحترام الأقليات بما فيهم المسلمون البالغ عددهم قرابة 10 ملايين فرنسيّ، في ظل السياسات الحكوميّة التي تُوصف بالعدائيّة تجاه الإسلام ورموزه.
وبالتزامن مع الرفض الفرنسيّ للتعايش مع القيم الإسلاميّة ولا تسمح بممارسة القيم الإسلاميّة وتستفز مشاعر مواطنيها المسلمين بشكل دائم ومتكرر، أكّد الموقعون على العريضة على أنّ خطوة وزير الداخلية الفرنسي هي “تنفيذ لتفاقم الترسانة التشريعية العنصرية وتحديداً المعادية للإسلام التي تم التصويت عليها وإصدارها في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون مع “قانون الانفصالية” وقانون “الهجرة واللجوء”، ناهيك عن إغلاق العديد من المساجد و حل الجمعيات.
”لهجة دارمانان العسكرية هي خطوة أخرى في التهديد الذي تشكله العنصرية على المسلمين في فرنسا”، هذا ما أشار إليه الموقعون الرافضون بشدّة لطرد الإمام حسن إيكويسن، حيث نادوا بضرورة و واجب الدفاع عنه، لأن ما يتم استهدافه هنا - حسب رأيهم- هو حرية الرأي والتعبير، ولا يخفى على أحد أنّ فرنسا على المستوى الرسميّ لا تطيق شيئاً اسمه الإسلام حتى و إنْ سمحت ببناء المساجد، حيث إنّ حكومة باريس لا تحترم قيم الإسلام التي يمارسها مواطنوها المسلمون كقيمة الحجاب و قيمة وجود الله، بيد أنّها لا تعترض على القيم اليهوديّة بل تحارب المسلمين تحت مزاعم "معاداة السامية".
وباعتبار أن فرنسا تقولها بصريح العبارة وتكشف عن معاداتها و استفزازها لقيم المسلمين ورموزهم باختلاف توجهاتهم، وتوقد صدور مواطنيها المسلمين أكثر فأكثر كل مدّة، بيّن الموقعون على العريضة أن الإمام حسن إيكويسن ولد في فرنسا، ولديه أبناء وأحفاد في هذا البلد، وحياته فيه، ويرتبط إضافة إلى ذلك بشخصيات سياسية في الشمال، وإذا ثبت أنه ارتكب جرائم معاداة السامية أو رهاب المثلية الجنسية فتجب محاسبته داخل البلاد، مشددين على أن رفض طرد هذا الإمام يعني "رفض التفكك الخطير لدولة القانون".
وعلى الرغم من أنّ الدول الغربيّة -وبالأخص فرنسا- لا تكل من التلويح بشعارات الحرية، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان أنه سيقدم طلب استئناف أمام مجلس الدولة، أعلى محكمة إدارية، عقب تعليق القضاء الفرنسي الجمعة قرار ترحيل الإمام حسن إيكويسن إلى المغرب، معتبراً أنّ هذه الخطوة “ستمس بحياته الخاصة والاسرية بشكل غير متناسب"، حيث إنّ العقليّة الفرنسيّة العنصريّة تعود إلى إرث فرنسا الإمبرياليّ (سعي دولة لتوسيع سلطتها وتأثيرها عبر الاستعمار العسكريّ والثقافيّ والسياسيّ، باستخدام القوة العسكريّة ووسائل أخرى)، فقد احتلت فرنسا العديد من الدول المسلمة في افريقيا والشرق الأوسط خلال القرن العشرين، وعملت على فصل الدين واللغة العربيّة عن الشأن العام، ولم تضمحل تلك العقلية الاستعماريّة بمرور الزمن، بل شكلت جذور "الإسلاموفوبيا" التي تعني كراهية شديدة أو خوفاً من الإسلام، أو عداءاً و تحيزاً ضد المسلمين، التي تميّز توجهات الدولة الفرنسيّة في الفترة الحاليّة.
في الختام، إنّ الدعم الفرنسيّ للصهاينة يسعى لقطع الطريق أمام أيّ صوت إسلاميّ في فرنسا أو غيرها من الدول التي ترفع شعار "حريّة الرأيّ والتعبير"، والذي جعلها مراراً تتطاول على مقدسات الآخرين وتسيء لمعتقداته، وإنّ الفرنسيين باتوا يؤمنون أكثر فأكثر مع الوقت بأنّ حكومة بلادهم الغارقة بدماء الأبرياء، ليس لديها سوى بضعة شعارات جُلها محبة ربع سكان الأرض ما يقضي على وحدة النسيج الفرنسيّ بسبب غباء وحماقة بعض المسؤولين الفرنسيين ومعاداتهم للإسلام، ما سيزيد طين الأزمة الاجتماعيّة بلة في فرنسا التي تدعي أنّها "دولة قانون".