الوقت- بعد ان طرح الكونغرس الامريكي موضوع تشكيل اقليم خاص بالمسيحيين في محافظة نينوى في العراق من خلال اعتبار الهجمات التي تعرض لها المسلحيون على يد داعش كعملية ابادة جماعية، اعلن الكثير من الاطراف العراقية معارضتهم الشديدة لهذه الخطة و اعتبرت هذه الجهات العراقية ان خطة تسليح الاكراد و العرب السنة التي تقدم بها الكونغرس الامريكي بالاضافة الى خطة ايجاد اقليم مستقل للمسيحيين هي نوايا امريكية مبيتة لتقسيم العراق.
ان خطة تشكيل الاقاليم في العراق هي موجودة ضمن الدستور العراقي و قد طرح نائب الرئيس الامريكي جوزف بايدن موضوع تنفيذ خطة تقسيم العراق الى اقاليم خلال السنوات الماضية لكن متابعة الكونغرس الامريكي لهذه الخطة و السعي لتقسيم و تمزيق العراق من خلالها هي التي تثير قلق العراقيين الان.
عندما طرح بايدن خطته لتقسيم العراق مع مجيء ادارة باراك اوباما الى الحكم ابدى السنة العراقيون معارضة شديدة لهذه الخطة لانهم كانوا يعتبرون انها تؤدي الى اضعاف اهل السنة لكن في عام 2013 تحول السنة الى اكبر الداعمين و المطالبين بتقسيم العراق الى اقاليم سنية و كردية و شيعية و قد قال وزير المالية العراقي السابق رافع العيساوي و النائب عن ائتلاف العراقية احمد العلواني ان الحكومة المركزية في العراق تهمش السنة و لذلك ينبغي على اهل السنة ان يشكلوا اقليمهم الخاص بهم.
وكان الاكراد ايضا من اوائل الذين دعموا خطة بايدن و الان و بعد ان تبين بأن المناطق المتنازع عليها سيتم ضمها الى اقليم كردستان فإن الاكراد زادوا من حماسهم لتشكيل اقاليم كردية و سنية و شيعية في العراق.
اما العراقيين الشيعة الذين حصلوا على منصب رئاسة الوزراء بعد تشكيل النظام الجديد في العراق فانهم قد عارضوا منذ البداية خطة بايدن و انهم يرون انفسهم غير مجبرين على القبول بخطة بايدن منذ بداية طرحها و حتى الان لأن هذه الخطة تقوض قدرات الشيعة في رأس السلطة و تزيد عملية ادارة العراق تعقيدا و لذلك يمكن القول ان الشيعة الذين كانوا متحمسين في بداية سقوط النظام العراقي السابق في عام 2003 لتشكيل اقليم شيعي في الجنوب ليست لديهم الان مطالب من هذا النوع ابدا و لايريدون تقسيم العراق الى اقاليم سنية و كردية و شيعية.
ورغم ان تقسيم العراق الى 3 اقاليم سنية و كردية و شيعية يحظى بخلفية قانونية لكن يجب عدم تجاهل الصعوبات التي تعتري عملية تشكيل هذه الاقاليم فالدستور العراقي يقول ان عملية نقل صلاحيات الحكومة المركزية للمحافظات وفق المادة (116) تشير إلى أن النظام السياسي في جمهورية العراق يتكون من عاصمة وأقاليم و محافظات لا مركزية و إدارات محلية، كما أكدت المادة (119) على حق كل محافظة بتكوين إقليم بمفردها أو بالاتحاد مع محافظة أخرى.
وفيما يسعي العراق لتفعيل اللامركزية خاصة ما يتعلق منها بالخدمات و البنى التحتية مع بقاء السياسة الخارجية و المالية و الدفاع و إدارة الثروات الطبيعية بيد الحكومة الاتحادية كما نص الدستور العراقي لعام 2005، يجب القول ان هناك مشاكل و عوائق موجودة علی ارض الواقع تعرقل تنفيذ خطة بناء الاقاليم في العراق حتى هذه اللحظة كما ينبغي من جهة اخرى على كافة العراقيين ان يفوتوا الفرصة على الامريكيين لتقسيم و تمزيق العراق تحت غطاء تشكيل الاقاليم و ما شابه ذلك لأن هذا التقسيم يفيد فقط القوى الاقليمية و الدولية المتربصة بالعراق و يضر بالشعب العراقي الذي يحتاج الى حكومة مركزية قوية قادرة على انتشال العراق من الدوامة التي يقع فيها الآن.