الوقت - أعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن شكره للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على استمرار “الشراكة الموثوقة” للجزائر في مجال الطاقة.
ووفق بيان للرئاسة الجزائرية، فالرئيس الجزائري تلقى مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، أعرب له فيها عن شكره للجزائر “كشريك موثوق في مجال الطاقة”.
وأضاف البيان إن سانشيز عبر عن “تطلعه إلى العمل على تطوير وتعزيز التعاون والتحالف القائم بين البلدين”.
وتأتي هذه المكالمة في ظل مساعي أوربية للحصول على كميات اضافية من الغاز الجزائري، لتعويض أي نقص في إمدادات الطاقة من روسيا عقب شنها عملية عسكرية في أوكرانيا، 24 فبراير/ الماضي، ما أثار غضبا دوليا ودفع دول عديدة إلى فرض عقوبات على موسكو.
مبادرة بيدرو سانشيز، تنضاف إلى تلك التي نفذتها في نهاية شباط/ فبراير وزيرة التحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبيرا، مع نظيرها الجزائري محمد عرقاب.
كما أرسلت إيطاليا، الزبون الرئيسي الآخر للغاز الجزائري، وزير خارجيتها لويجي دي مايو، الاثنين الماضي، برفقة كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة “إيني” الإيطالية العملاقة في النفط والغاز.
وبسبب صراعها مع الرباط، أغلقت الجزائر، في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، خط أنابيب الغاز الرئيسي المغاربي الذي يضخ الغاز إلى إسبانيا بعد عبوره الأراضي المغربية وعبور مضيق جبل طارق.
وبهذه الطريقة، أرادت الجزائر أن تحرم المغرب من مليون متر مكعب احتفظت به قانونيًا، لكنها أضرت بإسبانيا أيضًا.
وحاول كل من؛ وزيرة التحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبيرا ووزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، في أوائل الخريف، دون جدوى، أثناء الجزائر عن اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وظل الوزير الجزائري عرقاب، والرئيس تبون حازمين في قرارهما بـ”معاقبة” المغرب، لكنهما ضمنا لإسبانيا أنها ستتلقى كل الغاز الذي تحتاجه من خلال خط أنابيب الغاز الثاني، “ميدغاز”، الذي يربط بشكل مباشر بين البلدين -وينتهي في ألمرية (العمورية)، ومن خلال ناقلات الميثان التي ستنقل الغاز الطبيعي المسال (LNG) إلى الموانئ الإسبانية.
وعلى الرغم من هذه الضمانات، فإن إمدادات الغاز الجزائري إلى إسبانيا تراجعت منذ بضعة أشهر، لدرجة أن الولايات المتحدة أصبحت في كانون الأول المورد الرئيسي، قبل الجزائر.
الجزائر، ببيعها البالغ 9620 جيغاوات/ ساعة إلى إسبانيا في كانون الثاني/ يناير، لم تلب سوى 25 بالمئة من الطلب، بعيدًا عن النسب التي وصلت إليها منذ سنوات.
وجاء كل غازها عبر “ميدغاز” لأنه في ذلك الشهر لم ترسُ واحدة من ناقلات غاز الميثان الست الكبيرة في الموانئ الإسبانية الستة التي تحتوي على مصانع لإعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال إلى غاز.
وتعتبر إسبانيا هي الدولة الأوروبية الأكثر قدرة على إعادة تحويل الغاز المسال.
ومع ذلك، فإن الجزائر هي أقرب قوة طاقة لإسبانيا وأصبحت دولة مرغوبة للغاية لأنها إذا كانت قادرة على زيادة إنتاجها بشكل كبير، فقد تساعد على تخفيف اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، ومن هنا يفسر معنى اتصال سانشيز بتبون.
يبدو أن الجزائر ترغب في ضخ الغاز إلى إسبانيا لكنها تخشى من ارسال كميات الى المغرب حيث كشفت صحيفة “إلموندو” الإسبانية، في تقرير لها بأن الجزائر وجهت تحذيرا شديد اللهجة لإسبانيا من تحويل أي “جزء” من الغاز الجزائري للمغرب، وذلك عقب الإعلان عن اتفاق بين مدريد والرباط، يقضي بتوفير إسبانيا كافة حاجيات المغرب من الغاز عن طريق نقله عبر الأنبوب “المغاربي الأوروبي”.
وقالت الصحيفة الإسبانية إن الجزائر حذّرت من خطوة إقدام إسبانيا على إرسال الغاز القادم من الجزائر لصالح المغرب بطريقة عكسية. أي استقباله من الجزائر ثم تحويله إلى المغرب عبر الأنبوب الذي كان يشتغل سابقا بين الجزائر والمغرب وإسبانيا.
ووفق ذات المصدر، فإن الجزائر كانت قررت قطع كافة علاقاتها مع جارها المغربي، كما قررت إيقاف العمل بأنبوب الغاز “المغاربي الأوروبي” الذي ينطلق من الجزائر ويعبر الأراضي المغربية وصولا إلى إسبانيا.
بينما كان المغرب يحصل على كافة حاجياته من الغاز بموجب اتفاق السماح بعبور الأنبوب لحدوده الترابية. حيث تسعى الجزائر الإبقاء على قرار عدم وصول غازها إلى المغرب. ساريا دون أي التفاف عبر اتفاق بين الرباط ومدريد.
كما جاء هذا التقرير في الصحيفة الإسبانية بعد أكثر من شهر من إعلان إسبانيا لاتفاق مع المغرب. يقضي بتوفير إسبانيا باقي حاجيات المغرب من الغاز عن طريق نقله عبر الأنبوب المتوقف عن العمل. لكن إسبانيا أشارت حينها أن الغاز الذي ستبعثه نحو المغرب سيكون مُقتنى من الأسواق الدولية الأخرى.
وكانت صحيفة “أوكيدياريو” الإسبانية، قد قالت في تقرير سابق أن قرار مدريد بإمداد المملكة المغربية بالغاز الطبيعي عبر أنبوب “المغاربي – الأوربي”. الذي أوقفت الجزائر العمل به في أواخر العام الماضي، أثار حفيظة أصحاب القرار في قصر المرادية بالجزائر وفق ما ذكرته مصادر خاصة للصحيفة الإسبانية المذكورة.
وحسب ذات المصدر، فإن اتفاق الغاز بين الجزائر وإسبانيا أصبح معلقا بـ”خيط رفيع”. بسبب أن القرار الذي اتخذته اسبانيا بداية الشهر الجاري بتوفير الحاجيات المطلوبة من الغاز لصالح المغرب. يرفضه المسؤولون الجزائريون وقد أثار غضبهم.
كما كانت وزيرة التحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبيرا، وفق أوكيدياريو، قد قالت في تصريح إعلامي مؤخرا. بأن المغرب “طلب الدعم لضمان أمنه الطاقي على أساس العلاقات التجارية واستجابت إسبانيا بشكل إيجابي لطلبه، كما ينبغي أن تفعل مع أي شريك أو جار آخر”.
وأضاف المصدر ذاته، إن إسبانيا تفاديا لاثارة غضب الجزائر أكدت أن الاتفاق مع المغرب يتم بشفافية. حيث سيكون المغرب قادرًا على شراء الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية. وتفريغه في مصنع إعادة تحويل الغاز إلى غاز في إسبانيا واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي لنقله إلى أراضيه”.