الوقت- توجه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على رأس وفد سياسي رفيع المستوى يوم الخميس 14 يناير إلى بكين بدعوة من نظيره الصيني "وانغ يي" لإجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين. وخلال هذه الزيارة ، وقع وثيقة تعاون مع الصين مدتها 25 عاماً ، وفي الواقع يمكن القول أن هذه الوثيقة دخلت مرحلتها العملیة، حيث أدخل ابرام هذه الوثيقة العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة وأكثر استراتيجية.
تم إطلاق خطة التعاون الشامل بين إيران والصين خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لإيران في يناير 2016 ، بعد إصدار بيان مشترك من قبل البلدين لإقامة شراكة استراتيجية شاملة ، وبعد جهود دبلوماسية تم توقيع هذه الوثيقة بين البلدين في 27 مارس 2021 بحضور وزير الخارجية الصيني وانغ يي ووزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف في طهران.
قبل زيارة أمير عبد اللهيان للصين، اجتمع وزيرا خارجية إيران والصين على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في دوشنبه طاجيكستان وبحثا هاتفيا وافتراضياَ العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية. وفي ظل هذه الاوضاع تتماشى زيارة أمير عبد اللهيان مع استراتيجية التقارب من الشرق وتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع الصين، ولا سيما أن بكين أحد الأطراف الرئيسية في المحادثات النووية حيث كان لها مواقف داعمة لايران مع بدء المحادثات وإدانة العقوبات الامريكية الاحادية.
أبعاد أهمية الزيارة
وخلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى بكين، تم بحث العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية فضلا عن القضايا الدولية والإقليمية. حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحفي يوم الاثنين 11 يناير: سيتم خلال هذه الزيارة مناقشة مختلف القضايا من قبل مسؤولي البلدين ، وخارطة الطريق التي تبلغ مدتها 25 عاما هي إحدى هذه القضايا، ومنفذو خارطة الطريق وزارات ودوائر مختلفة، وتتم متابعة عملية المتابعة وإداراتها المختلفة.
وتماشياً مع أهمية هذه الزيارة، يمكن القول إنه بالنظر إلى العلاقات الإيرانية-الصينية طويلة الأمد وموقع إيران الاستراتيجي في مبادرة الحزام والطريق، سيؤدي التوقيع على وثيقة تعاون بين البلدين إلى زيادة وتسهيل وتيرة العلاقات والاتصالات الإقليمية والدولية.
تعد هذه الوثيقة نقطة مشتركة تؤكد على أهمية التعاون الثنائي بين طهران وبكين لأنها تقوم على الحاجات المشتركة للبلدين وضرورة الوحدة لمواجهة العقوبات الأمريكية ضد الصين وإيران. حيث سيكون لها نتائج ثنائية إيجابية وإقليمية ودولية كبيرة لكلا البلدين؛ كما تُعرّف هذه الوثيقة أيضا بأنها تصور إطار التعاون بين طهران وبكين خارج النظام الأمريكي المنشود وفي اطار المنافسة الجيوسياسية والجغرافية الاقتصادية التي يلحظها الغرب، لذلك يمكن اعتبار هذه الزيارة خطوة نحو تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وفي هذا السياق، اعتبر المحلل الأمريكي الإسرائيلي أرييل كوهين في تحليل في مجلة فوربس ، هذه الوثيقة لها داعيات كبيرة على الولايات المتحدة، وقال إن الشراكة الاستراتيجية بين الصين وإيران لها تداعيات كبيرة على استراتيجية الولايات المتحدة للتعاون مع أوبك وحتواء الصين واستغلال الغرب للعقوبات للضغط على الدول غير المتوافقة معهم. من جهة أخرى، اوضحت صحيفة "هآرتس" في مقال أن الوثيقة الاستراتيجية بين طهران وبكين كانت دليلاً على فشل سياسة الضغوط القصوى على إيران، واضافت، ان هذا الاتفاق أظهر أنه على الرغم من العقوبات الأمريكية الصارمة، فإن إيران ما زالت بعيدة جدا عن الخضوع.
نتائج وإنجازات الزيارة
مع مجيء الحكومة الجديدة لآية الله ابراهيم رئيسي، تم تحديد مسألة تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول المجاورة والدول الصديقة غير المجاورة مثل الصين وروسيا ، على أنها الأهداف الرئيسية لجهاز السياسة الخارجية. ومن هذا المنطلق، شكلت زيارة أمير عبد اللهيان للصين، بحسب خبراء في هذا المجال، نقطة تحول في المنطقة، وستكون نتائج هذا الاتفاق خطوة فاعلة نحو حل المشاكل الاقتصادية وتخفيف آثار العقوبات.
ونظرا الى الحظر النفطي المفروض على إيران، ستتمكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في اطار التعاون مع الصين، إضافة إلى صادراتها النفطية طويلة الامد إلى الصين، من شراء التكنولوجيا التي تحتاجها في مجال النفط والغاز من هذا البلد.
وفي السياق، قال رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية مجيد رضا حريري، إن الصين من خلال العلاقات مع طهران ستعزز موطئ قدمها في الشرق الأوسط وتضعف الولايات المتحدة وتزيد من الوصول إلى النفط والسلع الأخرى. وبدورها، ستتلقى إيران استثمارات بمليارات الدولارات في قطاع الطاقة وبنيتها التحتية من قبل الشركات الصينية، ما سيقلل من فعالية العقوبات الأمريكية ضد ذلك البلد.
وعلى نطاق أوسع، فإن الاستثمار الصيني الإضافي سيقلل بشكل متزايد من فعالية العقوبات الأمريكية ضد إيران. وسيؤدي ذلك إلى تشديد عدم توافق إيران في أي مفاوضات بشأن برنامجها النووي.
وبالتالي، يمكن القول إن التقارب في العلاقات بين بكين وطهران يعني أن العلاقات بين البلدين يمكن أن تعد بنظام جديد في المنطقة ومنافسة التوجيه الأمريكية في المنطقة، ومن خلال استمرار هذا التعاون يمكن أن يكون نموذجا لدول أخرى في المنطقة ؛ كما، ونظرا لاستثمار 400 مليار دولار من الاتفاقية، ستكون الصين قادرة على الاستثمار في البنية التحتية والمالية في إيران حيث سيكون هذا الموضوع في ظل وجود ايران تحت العقوبات بمثابة طوق نجاة لاقتصاد.
رغبة متبادلة في تعزيز العلاقات
وبعد زيارة أمير عبد اللهيان لبكين ومحادثاته مع المسؤولين الصينيين، أشاد الجانبان بنتائج الزيارة وأبديا اهتماما بتعزيز العلاقات، ما يشير إلى نجاح زيارة وزير الخارجية للصين.
كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء إن الصين وإيران تربطهما صداقة قديمة وعريقة. وتحت قادة البلدين، تحسنت العلاقات بشكل كبير في السنوات الأخيرة ، ونحن ندعم بعضنا البعض بقوة في القضايا ذات الاهتمام المشترك. ففي عام 2021 ، احتفلت إيران والصين بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية وتدشين مرحلة جديدة في صداقتنا ، وهذا البلد على استعداد للتعاون مع إيران من أجل زيادة تعميق الشراكة الاستراتيجية لصالح البلدين والشعبين.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد هنأ آية الله رئيسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية الثالثة عشرة، معتبرا تنمية العلاقات الإيرانية الصينية أمراً مهماً، وقال: إن الصين مستعدة للعمل مع الرئيس الإيراني الجديد لتعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية ، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة ، وتوسيع وتعميق التعاون الرابح - الرابح في مختلف المجالات من أجل تحقيق منافع البلدين والشعبين، والعلاقات بين البلدين وخاصة بعد برنامج التعاون الشامل بين إيران والصين حققت نتائج وإنجازات مهمة.
كما كتب أمير عبد اللهيان في مقال في غلوبال تايمز، مؤكدا على إنجازات زيارته الأخيرة للصين، وقال: إن دور الصين كعضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكلاعب فاعل على الساحة الدولية والتي قامت عبر تبني نهج عقلاني خلال المفاوضات، بتسهيل عملية المصالحة وعودة منتهكي الاتفاق النووي، جدير بالثناء حقا. بغض النظر عما يحدث في مجال العلاقات الدولية، فإن الصين وإيران ، إلى جانب شركائهما التجاريين والاقليميين الآخرين، ستكونان دائماً في مسار تاريخ الصحيح، وفي النصف الثاني من القرن، مهدت مختلف القواسم الثقافية والسياسية المشتركة بين إيران والصين الطريق لاستمرار التعاون في المجالات التالية:
التنمية الاقتصادية والتعاون التجاري وتنفيذ برنامج تعاون شامل
التوافق والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية والقیام بدور فعال في الوساطة والتعاون لحل التحديات والتوترات بشكل فعال
مواجهة كوفيد 19 والتعاون في مشاريع مشتركة لإنتاج اللقاحات
المساعدة في تعزيز آلية التعاون لدفع التنمية العالمية بمستقبل مشترك
تعزيز التعددية ومواجهة المعايير المزدوجة من خلال اقتراح إصلاح نظام الحكم العالمي
محاربة الإرهاب والتطرف ومساعدة الدول المقموعة على العودة إلى المجتمع الدولي
التعاون الفعال والبناء في مجال مبادرة الطرق والحزام ومساعدة الصين على استخدام هذا المشروع بشكل فعال
مواصلة الاستعدادات التنفيذية لعضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون والاستفادة من فرصة التعاون مع الدول الأعضاء الأخرى على أساس مبادرة التنمية العالمية.