الوقت - منذ بدء المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وطالبان في أكتوبر 2018، وتعزيز الجدل حول استعداد قادة البيت الأبيض لإنهاء عقدين من الاحتلال العسكري لأفغانستان ومحاربة طالبان في هذا البلد؛ فإن من أهم القضايا في مستقبل أفغانستان بعد وجود القوات الأجنبية، كان دائمًا احتمال أن تصبح البلاد مكانًا آمنًا لوجود الجماعات الإرهابية ونشاطها.
في غضون ذلك، على الرغم من إصرار طالبان، التي استولت علی السلطة الآن, دائمًا على أنها لن تسمح لأفغانستان بأن تصبح مكانًا لتهديدات أمنية لدول أخرى في المنطقة، وخاصةً جيران أفغانستان، ومع ذلك فإن اشتداد تحركات عناصر داعش الإرهابية من خلال التفجيرات والهجمات الإرهابية في الأشهر الأخيرة(قُتل 400 شخص في هجمات على مساجد شيعية بين أغسطس وأكتوبر 2021 فقط)، وتأکيد المسؤولين الكازاخستانيين أيضًا علی أن بعض مصادر انعدام الأمن في هذا البلد مؤخرًا تعود إلی أفغانستان، قد زاد من المخاوف بشأن تأثير التطورات في أفغانستان على الاستقرار الإقليمي.
وجدير بالذکر أنه في أعقاب انعدام الأمن في كازاخستان الأسبوع الماضي، والذي أدى إلى تدخل قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي لإعادة الهدوء إلى البلاد، قال رئيس كازاخستان قاسم توكاييف في مقابلة مع رئيس مجلس أوروبا شارل ميشيل: "لقد كان عملاً عدائياً(أعمال الشغب الأخيرة) تم تنظيمه ضد كازاخستان بمشاركة مسلحين أجانب، وخاصةً من دول آسيا الوسطى، بما في ذلك أفغانستان. كما كان متشددون من الشرق الأوسط حاضرين أيضاً".
وأفادت وسائل إعلام باكستانية، الاثنين، نقلاً عن مصادر أمنية، بأن محمد الخراساني، الذي فر إلى أفغانستان في السنوات الأخيرة بعد عملية عسكرية باكستانية، لقي مصرعه اليوم في إقليم ننكرهار بأفغانستان.
ويُقال إن المتحدث باسم طالبان الباكستانية خطط لعدة هجمات على قوات الأمن وتفجيرات في الأشهر الأخيرة، وكان مطلوبًا من قبل قوات الأمن الباكستانية في السنوات الأخيرة. وأفادت وسائل إعلام باكستانية بأن محمد الخراساني كان يدير مركز العناصر الإرهابية في منطقة "ميرانشاه" شمال غربي البلاد.
تعتقد الحكومة الباكستانية أن طالبان ليست جادةً بما يكفي لمواجهة تحركات حركة طالبان الباكستانية. ووفقًا للأمم المتحدة، يتراوح عدد مقاتلي حركة طالبان باكستان بين 4000 و 10000 شخص.
ويقول أمير رعنا، المدير التنفيذي للمعهد الباكستاني لدراسات السلام، وهو مركز أبحاث مستقل في العاصمة إسلام أباد، إن هذه الجماعة نجحت في توسيع وجودها الإقليمي داخل باكستان خارج المناطق القبلية السابقة على طول الحدود الأفغانية.
ولكن إضافة إلى التهديدات الأمنية التي تشكلها حركة طالبان الباكستانية لإسلام أباد، فإن باکستان، التي لها علاقات وثيقة مع حركة طالبان الأفغانية، تتعرض لضغوط من الصين لاستخدام نفوذها لإجبار طالبان على مواجهة حركة طالبان الباكستانية.
يذکر أن حركة طالبان باكستان أعلنت مسؤوليتها عن تفجير وقع في يوليو 2021 في شمال غرب باكستان وقتل مهندسين صينيين، حيث استثمرت بكين بكثافة في البنية التحتية الباكستانية في السنوات الأخيرة، وکذلك تفجير وقع في أبريل/نيسان في فندق كان يقيم فيه السفير الصيني.
وقد أفاد فريق مراقبة تابع للأمم المتحدة، بأن عسكر طيبة وجيش محمد، وكلاهما مدرجان في قائمة الجماعات الإرهابية في الهند، وشاركا في عمليات في الهند، بما في ذلك هجوم ديسمبر 2001 على البرلمان الهندي، وهجمات 2016 على قاعدة باتانكوت الجوية وقاعدة أوري العسكرية، وفقاً لمزاعم الحکومة الهندية، يقاتلان إلى جانب طالبان ضد الحكومة السابقة في كونار وننكرهار ونورستان.
من ناحية أخرى، تخشى الصين من انتشار التطرف في شينجيانغ رغم ضمانات طالبان الأمنية. والهجوم التي تم تنفيذه في أكتوبر 2021 على مقاطعة قندوز، والذي أعلن تنظيم داعش في كوسوفو مسؤوليته عنه، کان بسبب انتقام الأويغور لرغبة طالبان في إقامة علاقات أوثق مع بكين.
يشعر الصينيون بالقلق من أن مقاتلي الأويغور المنتمين إلى حركة تركستان الشرقية الإسلامية (ETIM)، قد يجدون ملاذًا آمنًا في ظل حكم طالبان.
وإضافة إلى الصين، يشعر الهنود بالقلق من أن القاعدة في شبه القارة الهندية، التي غيرت اسم مجلتها من "صوت الجهاد الأفغاني" إلى "صوت غزوات الهند" مطلع عام 2021، ستركز طاقتها بعد الانسحاب الكامل للولايات المتحدة للتركيز على خلق تحديات أمنية لهذا البلد.
من ناحية أخرى، في حين أن داعش لا يملك قوة عام 2014، إلا أنه لا يزال يحاول استقطاب قوات من دول جنوب آسيا، وخاصةً الهنود، من خلال الدعاية. وقد أصبح هذا واضحًا مع إصدار "صوت الهند".
کما أعلنت روسيا أيضًا أن مقاتلي داعش من فرع خراسان(ISKP) في شمال أفغانستان، قد يسافرون إلى دول آسيا الوسطى كلاجئين، ولهذا السبب طلبت منهم بدء محادثات مع طالبان. کذلك، تشعر روسيا ودول آسيا الوسطى بالقلق إزاء الحركة الإسلامية في أوزبكستان، التي سعت إلى تجنيد الأوزبك الأفغان في السنوات الأخيرة.
أحد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة في الهروب الفاضح من أفغانستان، كان تحويل الهزيمة إلى نصر، من خلال خلق حالة من انعدام الأمن لدول المنطقة، بما في ذلك إيران وروسيا والصين.
وتظهر الوثائق الاستراتيجية الأمريكية أن هذه الدولة قلقة للغاية بشأن القوة المتزايدة لمنافسيها العالميين والإقليميين، وخاصةً الصين، وفي السنوات الأخيرة كان العثور على طريقة لضرب الصين وروسيا وإيران إحدى الاستراتيجيات الرئيسية للولايات المتحدة، وأفضل أداة لتحقيق هذا الهدف هو انعدام الأمن في أفغانستان.