الوقت - وجَّه احتجاز أنصار الله الأسبوع الماضي لسفينة إماراتية في المياه اليمنية، ضربةً قويةً للهيمنة البحرية للتحالف الذي تقوده السعودية، وکان نقطة تحول في بداية انهيار جدار الحصار اللاإنساني لليمن منذ سنوات، وخاصةً في البحر.
وقد دفع ذلك تحالف المعتدين للضغط على صنعاء لتحرير السفينة بشتى الطرق، لتعويض هذه الهزيمة. في غضون ذلك، كان التهديد بضرب الموانئ البحرية اليمنية من أهم تهديدات السعودية والإمارات، لإجبار صنعاء على التراجع.
بعد مصادرة أنصار الله للسفينة الإماراتية، حاول السعوديون في البداية قلب الحقائق وتصوير دفاع صنعاء المشروع تمامًا عن المجال البحري اليمني على أنه عمل عدواني، وكما ورد في وسائل إعلامهم، نوع من القرصنة البحرية، ظناً منهم أنهم سيقللون بذلك من عبء الهزيمة والانتصار الكبير للطرف الآخر.
لکن هذه الحيلة لم تنفع، بعد عرض الأسلحة العسكرية المصادرة على متن السفينة الإماراتية من قبل التلفزيون اليمني الرسمي، وهو ما منع السعوديين من إقناع المجتمع الدولي بتهديد صنعاء للشحن الدولي.
وکانت هذه هي الذريعة التي استخدمها تحالف المعتدين مع الغربيين، لمواصلة الحصار اللاإنساني لليمن وحتى منع إيصال المساعدات الإنسانية لليمنيين.
لكن السعوديين لم يتخلوا عن العمليات النفسية والحرب الدعائية ضد صنعاء، زاعمين أن أنصار الله تستخدم الموانئ اليمنية كقواعد عسكرية وتهريب الأسلحة، ويتهمون الحرکة باستخدام عائدات الموانئ لتمويل عملياتها الحربية. إجراءٌ يبدو أنه تم اتخاذه لتبرير الهجمات المستقبلية على الموانئ اليمنية في الساحل الغربي(وخاصةً مينائي الحديدة والمخاء).
وفي هذا الصدد، وفي محاولة لتبرير الهجمات على الموانئ اليمنية، ادعى تركي المالكي المتحدث باسم تحالف العدوان السعودي، أن هناك "أدلة" على استخدام أنصار الله لمينائي الحديدة والصليف لأغراض عسكرية.
وتأتي هذه الخطة الجبانة للتعويض عن الهزائم العسكرية منذ بداية الحرب بعد انتصار اليمنيين، من خلال استهداف المواقع المدنية ومکان دخول المساعدات الإنسانية الدولية، وهو أمر حيوي لإنقاذ حياة المدنيين من الجوع والمرض، بعد اندلاع المجاعة وتدمير البنية التحتية الصحية في البلاد، نتيجة الحرب غير المتكافئة التي استمرت 7 سنوات.
لكن حكومة صنعاء نفت بشدة المزاعم السعودية، ورداً على هذه المزاعم، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية: إن محاولة تبرير استهداف الموانئ اليمنية من قبل التحالف المعتدي، هي مجرد عرض مسرحي يظهر للعالم الهزيمة المأساوية للسعودية.
من جهة أخرى، صرحت مؤسسة موانى البحر الاحمر اليمنية في بيان له: "على التحالف أن يعلم بأن الهجمات على موانئ الحديدة انتهاك لحقوق الإنسان وجميع البروتوكولات الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، والتي بموجبها تعتبر الهجمات على المنشآت والمرافق الحيوية جريمة".
لكن أعذار السعودية وداعميها لمهاجمة الموانئ اليمنية، باعتبارها من الشرايين الاقتصادية الحيوية للبلاد في مواجهة الحرب، تتكرر في وقت أعلن فيه قادة أنصار الله من قبل عن استعدادهم للمراقبة الدولية لعمل موانئ البلاد، من أجل إفشال عملية الرياض الدعائية.
وفي هذا الصدد، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال كبير مفاوضي أنصار الله محمد عبد السلام لرويترز، إن الحركة مستعدة للتعاون مع آلية التفتيش التابعة للأمم المتحدة ومقرها جيبوتي (UNVIM)، إذا تم رفع الحصار.
رد قاسٍ ينتظر موانئ السعودية والإمارات
لكن مع اشتداد التهديدات العسكرية السعودية والإماراتية ضد الموانئ اليمنية، في غضون ذلك، من المهم التنبؤ بنوع رد فعل اليمنيين على الهجمات المحتملة.
وفي هذا الصدد، يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن التهديد المتبادل ضد المراكز الاقتصادية لدول التحالف، كان بشكل متزايد جزءًا من عقيدة الردع العسكري لصنعاء في السنوات الأخيرة.
کذلك، حول موضوع حروب الموانئ المحتملة، يمكن ملاحظة تحذيرات قادة صنعاء من الانتقام في الماضي؛ كما في يناير 2016، حذر "هشام شرف عبد الله" تحالف المعتدين من الاستمرار في سياسة التجويع، مشيراً ضمنيًا إلى الهجمات الانتقامية على موانئ الدول الأعضاء في التحالف. وقال إن "صنعاء لن تبقى غير مبالية كما يعتقد البعض، وإذا استمر حصار الموانئ اليمنية فلن تكون موانئ أعداء اليمن آمنةً".
بالنظر إلى القدرات العسكرية للجيش اليمني، فلا شك في أنه من الممكن مهاجمة الموانئ والخطوط الملاحية للسعودية والإمارات، وهو الأمر الذي يمکن أن يتم بطرق مختلفة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات الانتحارية بدون طيار والقوارب السريعة وحتى الألغام المضادة للسفن.
إن التخطيط لمثل هذه العمليات ضد السعوديين قد حدث في الماضي. على سبيل المثال، في 4 ديسمبر 2020، نقل التلفزيون السعودي الرسمي عن مسؤول قوله، إن ناقلة نفط تعرضت لهجوم بقارب مليء بالمتفجرات بالقرب من مدينة جدة الساحلية، مما أدى إلى اشتعال النيران في السفينة.
وفي أبريل 2021، أعلنت الرياض أن زورقًا يتم التحكم فيه عن بعد محمل بالمتفجرات، استهدف المسافة بين مينائي ينبع ورابغ في السعودية في البحر الأحمر.
يمكن أن توجه حرب الموانئ بلا شك ضربةً قاتلةً لاقتصاديات أعضاء التحالف المعتدي. يعتبر ميناء الملك فهد في مدينة ينبع، على بعد 870 كيلومترا (540 ميلا) غرب الرياض، بمثابة نقطة نهاية لخط الأنابيب الحيوي بين اشرق وغرب السعودية. في هذا الميناء، يتم نقل النفط الخام الذي يضخ في حقول النفط في شرق البلاد، إلى البحر الأحمر مباشرةً. لذلك، فهو يلعب دورًا مهمًا في تقليل اعتماد السعودية على مضيق هرمز في الخليج الفارسي، الذي تسيطر عليه إيران.
إنه ثاني أكثر الموانئ ازدحامًا على الساحل الغربي للسعودية. کما تستضيف ينبع أيضًا ثلاث مصافي نفط يمكنها معالجة 400 ألف برميل من النفط الخام يوميًا.
ميناء جدة الإسلامي هو الميناء الرئيسي للسعودية، ويقع على الساحل الغربي للبلاد في البحر الأحمر، على بعد 70 كم غرب مكة المكرمة، وجدة واحدة من أكبر مدن السعودية.
الموانئ السعودية الأخرى التي يمكن أن تكون في مرمی عمليات أنصار الله العسكرية هي:
ميناء الملك عبد العزيز وهو ثاني أكثر الموانئ التجارية ازدحامًا في البلاد بعد جدة، ويقع بالقرب من أرامكو.
ميناء جيزان في مدينة جيزان، والذي يقع على ساحل البحر الأحمر على بعد حوالي 305 كم من مضيق باب المندب.
ميناء دوبا الذي يقع في مدينة دوبا في منطقة تبوك شمال غرب السعودية. ويعتبر من أقدم الموانئ على ساحل البحر الأحمر.
يقع ميناء دوبا البحري في الطرف الشمالي الغربي للسعودية، على بعد 110 كيلومترات جنوب شرق خليج السعودية، في الطرف الشمالي لساحل البحر الأحمر. ويمتد إلى البحر الأبيض المتوسط، وهو أقرب ميناء سعودي إلى قناة السويس(253 ميلًا بحريًا) والموانئ المصرية.