الوقت – من منا لم يكن يتوقع ان يقوم داعش بتنفيذ هجمات ضد الغربيين رغم تلقي الدعم منهم في حرب سوريا والعراق؟ ان ابسط انسان عربي في منطقتنا كان يعلم بأن الدعم الذي كان يتدفق على داعش وباقي الجماعات المسلحة الارهابية التكفيرية في سوريا والعراق سيرتد على من قدم هذا الدعم من القوى العالمية واذنابها الاقليمية وذلك لسبب واضح وهو العقيدة التدميرية التي تعتنقها هذه الجماعات والتي تريد تدمير الحياة بأي شكل كانت والجميع يعلم ان هذه العقيدة والعقلية ترجع جذورها الى العقيدة السلفية الوهابية.
اذا كان ابسط انسان عربي يعلم بأن التكفيريين هم خريجو المدرسة الوهابية السعودية فكيف خفي هذا الأمر على دوائر القرار الامريكية والاوروبية الغربية وهم الذين اوجدوا الوهابية في الاساس ورسخوها في منطقتنها وهم الذين يمتلكون عشرات بل مئات مراكز الدراسات والابحاث التي تضع كل شاردة وواردة في منطقة الشرق الاوسط تحت المجهر.
صحيح بأن الغربيين قد اوجدوا الوهابية ودعموها في سيطرتها على ارض الحجاز لأنهم رأوا فيها الحربة التي يمكن بواسطتها قتل المسلمين من الداخل وتمزيقهم وتشريدهم وخلق الصراعات بينهم وصولا الى القضاء عليهم بشكل نهائي، لكن السؤال المطروح هو كيف أمن الغرب شر الوهابية والجماعات التي تتغذى من الفكر الوهابي التكفيري واحتمال ارتداد هؤلاء على اسيادهم؟
كيف اختارت الدول الغربية تقديم الدعم الشامل للسعودية في كل افعالها وهي تعلم بأن السعودية هي مصدر تغذية الارهاب في منطقة الشرق الأوسط، أليست امريكا رفعت شعار مكافحة الارهاب حينما جيشت الجيوش وغزت المنطقة فلماذا تجاهلت ما تفعله السعودية والفكر الوهابي، أليس في هذا لغز كبير؟
اذا، كيف نريد اقناع انفسنا بأن امريكا والدول الغربية لايريدون الارهاب ولايريدون الاستفادة منه واستخدامه لتحقيق مآربهم في المنطقة خدمة لمصالحهم ومصالح الكيان الاسرائيلي؟
ان الاستفادة الغربية من الارهاب واهدافه واضحة للجميع فالغرب يشيد بهذا الارهاب حينما يستهدف المقاومة الاسلامية في لبنان او يدمر سوريا ويمزقها خدمة للكيان الاسرائيلي او يستهدف العراق ويحتل اجزاء منه خدمة لمشاريع الفتنة الطائفية بين المسلمين، كما يدعم الغرب هؤلاء التكفيريون الارهابيون اذا شكلوا جماعات في فلسطين ووجهوا البنادق نحو حماس والجهاد الاسلامي بدلا عن الاسرائيليين، ويقوم الغرب ايضا برعاية هؤلاء الارهابيين عبر اجهزته المخابراتية في باكستان عندما يهاجمون باقي الطوائف الاسلامية، وكل هذا يضعه الغرب في خانة مصالحه الاستراتيجية.
واذا اردنا ان نعلم أين اخطأ الغرب في حساباته فعندئذ يجب القول بأن الغربيين ظنوا خطأ بأنهم يستطيعون السيطرة على الوهابية والتكفيريين الارهابيين متى شاؤوا وانهم سينجحون في استخدام هؤلاء كأداة فقط متى شاؤوا وتوجيه بنادق وقنابل هؤلاء فقط صوب الجهة التي يريد الغرب ضربها، وكأن الغرب ظن ان هؤلاء كلاب مدربة لاتعض أصحابها.
لقد نجح اللوبي الصهيوني في العالم في ادخال الدول الغربية في دائرة مغلقة، يدعم فيها الغرب السعودية التي تصدر الوهابية و تدعمها بالمال وباقي انواع الدعم ومن ثم تربي الوهابية التكفيريين الارهابيين ثم يقوم هؤلاء التكفيريون الوهابيون بتنفيذ هجمات على الدول الغربية نفسها كما حدث في هجمات باريس الدامية الاخيرة وهكذا يتحول الدعم الغربي للارهاب في منطقتنا الى سفك الدماء في قلب اوروبا.
ولايمكن للدول الغربية ان تنجوا بعد الآن من نتيجة دعمها للجرائم السعودية سواء كانت هذه الجرائم تحدث في اليمن او سوريا او العراق او لبنان او باكستان وافغانستان لأن المعركة بين التكفيريين والاوروبيين لم يبدأها الغربيون بل بدأها التكفيريون رغم الدعم الغربي المقدم لهم، وهذا يثبت ما قلناه بأن الوهابيون التكفيريون هم ضد اي شكل من اشكال الحياة والانسانية فإما يموتوا هم وإما يقوموا بقتل الآخرين وهذا هو فلسفة عملياتهم الانتحارية في كل المناطق التي يتواجدون فيها او يصلون اليها.
ان التحذيرات التي اطلقتها ايران والعراق وسوريا وبعض الدول الاخرى مثل روسيا الى الغرب منذ وقت طويل بأن دعم الجرائم السعودية ودعم التكفيريون الوهابيون في سوريا و العراق ولبنان وغيرها من المناطق سوف يرتد على الغرب نفسه لم تلقى اذانا صاغية لأن الولع الغربي بخدمة المصالح الاسرائيلية والسعودية قد اعمى الغرب واذنابه في المنطقة في ذلك الحين حيث كان الغرب يظن انه باستطاعته القضاء على محور المقاومة والممانعة في المنطقة باستخدام أداة الارهاب والآن نرى ان ذلك الهدف الغربي لم يتحقق بل على العكس من ذلك يجب على الغرب ان يدفع الان ثمن دعمه للوهابية.