الوقت- كتقدير لجهودهم على تنفيذ سياسة أمريكا في المنطقة أشاد الجنرال تشارلز براون قائد القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية بالعمليات التي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وصرح براون بأن سلاح الجو الأمريكي يتعاون مع القوات السعودية في مجال التدريب وعبر عن إعجابه بالعمليات الجوية التي يقوم بها السعوديون، واستطرد "أسلوب تفكيرنا واحد." نعم صدق الجنرال الأمريكي في الشق الأول من كلامه لكنه كذب عندما قال بأن أسلوب التفكير واحد.. إنه واحد من حيث الإجرام لكنه ليس واحد من حيث التخطيط و التنفيذ أبدا.
أمريكا لا شك بأنها معجبة بسياسة السعودية و بعملياتها ضد المدنيين في اليمن فالسعودية تقود منذ أكثر من 200 يوم حرب على البشر و الحجر، حرب بالوكالة وفرت على الخزينة الأمريكية مليارات كثيرة و دفعتها السعودية من عائدات نفطها التي كان يجب أن تصرف على الشعب السعودي الذي يعاني من مشاكل اجتماعية و اقتصادية على عكس حكامه الذين لايرون من هذه المعاناة شيئا، و قد خلفت هذه الحرب حتى اليوم أكثر من 7 آلاف شهيد من المدنيين منهم أكثر من 2000 طفل و 1500 إمرأة. و الإعجاب الأمريكي بسياسة السعودية ليس جديدا فمنذ الحرب في أفغانستان و ما قبلها و ما بعدها تنفذ السعودية سياسة أمريكا في المنطقة بشكل أفضل مما يتوقعه الأمريكيون نفسهم، ففي أفغانستان و من أجل القضاء على الاتحاد السوفياتي السابق مولت السعودية خلايا القاعدة و مدتهم بالمقاتلين المشبعين بالفكر الوهابي التكفيري سعودي المنشأ، و اعتمدت سياسة عدم مهاجمة الكيان الاسرائيلي حتى بالمواقف السياسية رغم المجازر و المآسي التي عاشها هذا الشعب في ظل صمت عربي مخز. و ما ان اندلعت الحرب في سوريا بتخطيط أمريكي، تبرعت السعودية بتمويل الإرهابيين و مدهم بسلاح أشترته من أمريكا التي باركت تلك الخطوات، و كيف لها أن لا تبارك و هي تبيع سلاحا و تقف متفرجة دون خسائر مراقبة مشروعها للشرق الأوسط الجديد الذي فشلت في تحقيقه أيام حرب تموز 2006.
إلا أن مقولة أن "أسلوب تفكيرنا واحد" ليست واقعية من كل الزوايا فأمريكا التي ترعى الإرهاب في العالم تتلطى بغطاء حماية الحريات و الدفاع عن المظلومين، بينما تجاهر السعودية بعنفها و إرهابها و هي التي ترى أن من حقها التنكيل بمن لا يرضى بسياساتها، و من الأمثلة على ذلك و كي لا نعود بالتاريخ الى الوراء كثيرا فإن الإحتلال الأمريكي للعراق خير مثال، حيث دخلت أمريكا الى العراق بحجة القضاء على أسلحة الدمار الشامل و رغم أنها قتلت الآلاف من الشعب العراقي الذي ادعت أنها جاءت لحمايته إلا أنها كانت تجد الأعذار في كل مجزرة و محفل سياسي للتغطية على جرائمها، لكن العالم شاهد تلك المجازر كما شاهد صور التعذيب و الاهانات في أبو غريب و غيره و رغم ذلك و بسبب الماكينة الاعلامية القوية التي ترعاها الحكومة الأمريكية استطاعت الحكومة الى حد ما من التعمية على تلك الحقائق و تمييعها. إلا أنه بجانب الدور الأمريكي العلني كانت السعودية في الخفاء ترسل الأسلحة و المسلحين المشبعين بالفكر الوهابي و تبارك العمليات الانتحارية و تخطط للفتنة الطائفية و الاقتتال الداخلي و هي أسست الى جانب المخابرات الأمريكية نواة تنظيم داعش بشكل مباشر و غير مباشر كما جاء في اعترافات العميل السابق اللاجىء في روسيا ادوارد سنودن الذي كشف أيضا قضية التخابر على حلفاء أمريكا. كذلك الحرب في سوريا حيث مولت السعودية المجموعات الارهابية بشكل سافر و مدتهم بالسلاح و العتاد و الارهابيين و ساندها بذلك رجال الدين الوهابيين الذين حثوا و ما زالوا يحثون الشباب على القتال في سوريا تحت مسمى "الجهاد".
و أكثر ما يرضي الادارة الأمريكية في سياسة السعودية كونها المشتري الأكثر سخاءاً للصناعات العسكرية الأمريكية الى جانب بقية دول الخليج التي تخصص المليارات من ميزانياتها للتسلح، و هي رغم امتلاكها لأساطيل الطائرات و المدافع و الصواريخ إلا أنها عاجزة عن انتاج حتى طلقة مسدس عادية، لذا لا تجد مناص من التوجه الى مصانع الأسلحة الأمريكية التي تلعب الدور الأكبر في سياسيات أمريكا الخارجية. و آخر تلك الصفقات 4 بوارج حربية بقيمة 11 مليار دولار وقعتها السعودية مع أمريكا (دمرالجيش و المقاومة اليمنية حتى اليوم 4 سفن للعدوان السعودي في المياه اليمنية)..اليوم تحتفي أمريكا بشركائها في القتل و سيحتفل الأحرار في اليمن و سوريا و فلسطين بالنصر على أمريكا و أتباعها و لو بعد حين، و غدا لناظره قريب.