الوقت - سلط الإعلام العبري الضوء يوم الاثنين على تطورات قطاع غزة، حيث قالت، صحيفة "هآرتس" العبريّة، في عنوانها الرئيسي إنّ التقديرات السائدة لدى المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة تؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك بأن حركة حماس أصبحت مستعدّة للمواجهة مع الجيش الإسرائيلي، وأن قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، اتخذ قرارًا بتشجيع المواجهة العسكرية مع الاحتلال.
ويتبين من تحليلات وتسريبات المؤسسة الأمنية في تل أبيب أن كيان الاحتلال يعاني من عدة مشاكل عويصة فيما يتعلق بالمواجهة مع حماس: المشكلة الأولى، وربما الأهم، هو الإقرار الإسرائيلي بعدم قدرة جيش الاحتلال على اجتياح قطاع غزة برياً، لأن عدد الجنود القتلى الذين سيسقطون في الاجتياح سيكون كبيرًا جدًا، بالإضافة إلى الإصابات في الأرواح لدى جيش الكيان الصهيوني.
ونقل محلل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 بالتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، عن مصادر أمنيّة وعسكريّة، وصفها بأنّها رفيعة المستوى، قولها إنّه في جهاز الأمن يقدرون بأنه منذ عملية "الجرف الصامد"، في صيف العام 2014، أنهت حماس حفر عدد لا بأس به من الأنفاق التي تصل إلى الأراضي الإسرائيليّة، ورممت بضعة أنفاق أخرى هدمت جزئيًا في "الجرف الصامد".
والمشكلة الأخرى التي يخشى منها كيان الاحتلال تتعلّق بالعمق الإسرائيلي، إذْ أنّه في الجولة الأخيرة التي جرت في أيّار المنصرم تمكنّت المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة من إطلاق رقمٍ قياسيٍّ في عدد الصواريخ، الأمر الذي أجبر الكيان على لملمة تهديداته بالاجتياح، وهو الأمر الذي اعتبره الكثير من المحللين والخبراء بأنّه هزيمة لإسرائيل.
ومن الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ رئيس جهاز الأمن العام الأسبق يوفال ديسكين، حذّر في صفحته على موقع التواصل الاجتماعيّ “فيسبوك” من العودة مرّةً أخرى لاحتلال غزّة بهدف إسقاط حماس، زاعماً أنّ الحركة أخّف وطأة من الحركات الأخرى الفاعلة في القطاع، ومُشيرًا إلى أنّ سيطرة الحركة على القطاع هي أهون الشرور، على حدّ وصفه.
أمّا الجنرال في الاحتياط عوزي روبين، الرئيس السابق لمشروع صواريخ “حيتس” للدفاع عن إسرائيل في وزارة الأمن من الصواريخ الباليستية، فأكدّ في دراسة أعدّها ونشرها أنّ مواصلة اعتراض الصواريخ الفلسطينية أقل ثمنًا من إعادة احتلال غزة، لافتاً إلى أنّه لا توجد ولن توجد أيّ حكومة إسرائيليّة قادرة على اتخاذ قرار باحتلال غزة بسبب التداعيات الاستراتيجيّة والإقليميّة والاقتصاديّة، بحسب قوله.
حديث الاعلام العبري عن استعداد حماس لأي مواجهة يأتي في وقت يرى فيه محللون ان أحد أوجه المأزق الإسرائيلي يتمثَّل بعجز قادته حتى الآن عن تقديم أيّ إنجاز يمكن تسويقه في جبهتهم الداخلية. وبالتالي، فهُم يُمَنّون النفس بتحقيق أهداف، من قبيل اغتيال قيادات في المقاومة بعد أن عجزوا عن تحقيق أهداف أُخرى، منها شلّ قدرة المقاومة على إطلاق الصواريخ، وإعطاب عصب إنتاج الصواريخ فترةً طويلة.
كما أن الإشارات في الصحافة الإسرائيلية إلى انتصار المقاومة في معركة الوعي كثرت خلال أي المواجهة. وهذا ما أكده ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت"، مشيراً إلى أن "إسرائيل" موجودة في مصيَدة: "لا نية للمستوى السياسي في الانتقال إلى عملية برية، ولا أحد يتوقع أعلاماً بيضاء فوق منازل غزّة".
تطلق وسائل الاعلام الاسرائيلية هذه التحليلات بينما الارتباك الداخلي في "إسرائيل" واضح تماماً. كما يجري ذلك في ظل انقسام غير مسبوق في المجتمع الصهيوني، سياسياً وأيديولوجياً، بالإضافة إلى التحديات التي فرضها دخول فلسطينيي الـ48 على خط المواجهة على امتداد فلسطين التاريخية، ووجود أزمة ثقة وقيادة.
كذلك يرى مراقبون ان اسرائيل تقوم في اي معركة باتباع استراتيجية تصدير الأزمات إلى الخارج، فهي في الوقت الراهن تمر بعدة أزمات داخلية على رأسها الأزمات الاجتماعية التي عجزت عن مواجهتها وتفاقمت نتيجة اتساع أوجه العنصرية والتمييز في المجتمع الصهيوني وبالتالي كل ما يحدث هدف واحد لا غير التغطية على الأزمات الداخلية.